الرئيسية » » قصائد لكورتاثر

قصائد لكورتاثر

Written By هشام الصباحي on الأحد، 19 أكتوبر 2014 | أكتوبر 19, 2014





المُحقِّق

لست بسائلٍ عن المجد ولا الثلوج،
أردت أن أعرف أين تتلاقي
طيور السنونو المحتضرة،
إلي أين تذهب علب الكبريت المستهلكة.
مهما كان العالم من ضخامة
فهناك قلامات الأظافر، الزغب،
المظاريف المنهكة، الرموش المتساقطة.
إلي أين يذهب الضباب، رغوة القهوة،
تقويم الأزمنة الغابرة؟
أسأل عن اللاشيء الذي يحركنا؛
وفي تلك المقابر 
يخبرني حدسي بأنه شيئًا فشيئًا
يكبر الخوف،
وهناك يرقد طائر الرخّ.

المستقبل

وأعرف جيدًا أنكِ لن تكوني.
لن تكوني في الطريق،
في الهمس الذي ينبتُ ليلا
من أعمدة الإنارة،
ولا في الايماءة عند اختياركِ قائمة الطعام،
ولا في الابتسامة الملطّفة للقطارات 
المزدحمة عن آخرها،
ولا في الكتب المُستعارة
ولا في "ألقاك غدا".

لن تكوني في أحلامي،
في المصير الأصلي لكلماتي،
ولا في رقم التليفون ستكونين
أو في لون زوج من القفازات
أو بلوزة.

سأغضب يا حبيبتي،
دون أن تكوني سبب غضبتي،
وسأشتري الشيكولاتة،
ولكن، ليس من أجلك،
سأتوقف عند الناصية
حيث لن تأتي،
سأقول ما يُقال من الكلمات
سآكل ما يؤكل من الأشياء
سأحلم بما يساورنا في الأحلام من الأشياء
وأعرف جيدًا أنكِ لن تكوني،
لا هنا داخلا
السجن حيث ما زلت أحتجزكِ،
ولا هناك خارجًا،
ذلك النهر من الشوارع والجسور.
لن تكوني إطلاقًا،
لن تكوني ذكراي،
وحين أفكر بكِ
ستدور بخلدي خاطرة
بغموضٍ
تسعي لأن تذكركِ.

تُقرأ بصيغة الاستفهام

أرأيت،
أرأيت حقًا
الثلج، النجوم، الخطوات يكسوها النسيم مخملا.
ألمست،
ألمست حقًا
الصحن، الخبز، وجه تلك المرأة التي
لشدّ ما تحبّها.
أعِشت
كضربة علي الجبين،
اللحظة، اللهاث، السقوط، الهرب...
أعرفت
بكل مسام بشرتك، عرفت
أن عينيك، يديك، ذكرك، قلبك الرخو
ينبغي نبذهم
ينبغي بكاؤهم
ينبغي ابتكارهم مرة أخري.

فكرة

فكرة نيرة،
راودتني صباح اليوم
شعلة تستعر علي قمّة بالي
ولكنها، وحيدةً وبلا تعزيزات، 
ربما تخسر المعركة،
معركة اندلعت منذ زمن 
من أجل إشراقك،
وثمّة جبان،
جبان يتردد ما بين النسيان 
وفي أثر اللاشيء،
يتردد في أثر خطواتك ونظرتك المتناغمة
يتوه سادرًا في أثر صراخ عينيك
يبهت وقد عَمِيَ خلف بريق اسمك
يتواري خلف حروف اسمٍ آخر، اسمٍ ما
ورغم ذلك، فليس يجرؤ علي الصراخ بمن يتواري عنه
يواجه بكل شجاعة عواصف متواشجة
ويهرب كالطفل إذ وجد نفسه إلي جوارك
يشرق عند منتصف النهار وينام إذ ودّعك
يهمس بمنتهي القوّة ويصرخ بمنتهي البطء
يسير بمنتهي العجلة
وعيناه مغمضتان بإحكام
بلا إقدام
علي الطوار المفضي إلي قصرك
فكرة شجاعة راودتني صباح اليوم
أن نجلس وجهًا لوجه 
وأخلع عني التمويه
أن أزفر مشاعري وأجعل منها كلمات
كلمات تفسر لكِ تساقُط المياه مثلجة
فكرة سامية
كالأفكار الكثيرة التي أوحيتِ بها إليّ
مُتأخِّرَة ومُتَوَقَّعَة
كالأفكار الكثيرة التي راودتني
ولكنها، وحيدةً، 
بلا تعزيزات الشجاعة
وبلا غيرها من الحلفاء
خَسَرَتْ المعركة
وصار الوقت ليلًا
ورحلتِ.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads