الرئيسية » » عينا امرأة في التيه | سركون بولص

عينا امرأة في التيه | سركون بولص

Written By هشام الصباحي on الأربعاء، 22 أكتوبر 2014 | أكتوبر 22, 2014






“عيناكِ غابتا نخيل ساعة السَّحَر” (السياب)

القصيدة لسركون بولص

الآنَ والمطرُ الرتيبُ

يجعلنا نستحضر أشياءَ كدنا ننساها

والضبابُ يلفّ هذه المدينة

بعد أن غطّتها الثلوج ونامتْ

مثل أميرة، مثل أميرةٍ كانت متسولةً في النهارِ

هل نذكر كم متاهة كان علينا عبورها، المسالك التي

أوصلتنا، المعابرَ المنهارة…

أنتِ منذ سنةٍ

ولي عشرون في الطواف.

تكلّمي إذاً

خبريني حتى يحين الفجر إن شئت،

عندما ينسلّ من مفرقٍ في الستار، وتبيضُّ من حولنا الأشياءُ

ساعةَ السحَرِ وقولي

قولي كيف جئت، بأيّ طريقٍ

كم “تأشيرة” تزين جوازَكِ الآن.

كم حارسٍ فالت الفكّ تملّاكِ على مهلهِ بعينيّ ذئبٍ

كأنّك شاةٌ، كم جمركيّ عبثت يداهُ

بأشيائك الحميمة، في أيّ المحطات.

اذكري كم من الحدود عبرتِ

وقطعتِ من المسافاتِ حتى وصلتِ

من قريتنا المنسيّة في طرف بادية العراقِ

إلى هذه الضاحية المسلولة

في “عاصمة الضباب”؟

خبريني عن هذا الزمن المحتال

واذكري كلّ العقبات…

بينما يتحدثون هنا

عن الطقس الرديء دوماً

أو تدهور العملة المستمرّ

بينما يتحدثون عن موت ممثل أو غراميّات أميرٍ

كيف نستعيدُ نحن العالمَ الذي كان!

لندنُ في أعيننا قلعةُ أشباحٍ.

“التيمز” مجرّدُ جدولٍ

من الحمأ الكسول

لا يشبه كثيراً نهراً اسمه الفرات،

ذلك الهدّارُ

الذي نهضنا من ضفافه يوماً

ننفض من لحمنا الساخن حبّاتِ الرمالِ

وعُدنا إليه بعد ذلك مِراراً، وها نحن ندورُ

في دوّاماته الآن، عارفَين أنّ هذا

العالمَ المقرور حيث التقينا

بصُدفةٍ لا تصدّق بعد كلّ السنينِ

وانتصرنا بذلك قليلاً

على “هذا” الزمانِ، ليس غيرَ محطةٍ

للانتظارِ، ونعرفُ أنّ أمامنا رحلة أخرى

إلى عالمٍ تالٍ

ونعرفُ أننا نُبحرُ إليهِ.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads