قصيدة: "الملاكُ الأحمر"
شعر: محمد عيد إبراهيم
في صَحنِ حُجرَتهِ مالَت عليهِ، كأنّها أمّهُ
بحَنانِ مَن تَسْحَب ولِيداً للحياةِ، و
طَمأنَت كَفَّيهِ: لا تكبُر!
راحَت تُبلِّلُهُ
كبُوذيٍّ انتَظَرَتهُ في المَعبَدِ سِنينَ تَبَتُّلٍ، واستَرحَمَتهُ
على صَدرِها لِينامَ: احفَظْ حياتي، يا أبي.
ثم طافَت إلى فَمهِ بخُصلَةِ شَعرِها، كالغُصنِ
للأرضِ، بُرعُمٌ وحَفِيفٌ. أَوهَمَت
كالآمرِ المغلوبِ: عندي، تذوبُ الساعةُ.
أَجفَلَ، يرتجِفُ
تحتَ ثَديَيها، من نُحاسٍ، حاصَرَتهُ بنَفخَةِ الحَيِّ:
الشهيدُ تَفَكّكَ، والحَمامُ حَبَا.
بِرِيقٍ مالِحٍ سَبَحَت عليهِ،
وشيءٌ غيرُ مرئيٍّ يُطرِبُ السَمعَ. بئرٌ
وسَهمٌ إلى البئرِ: حُلمٌ واحِدٌ وطويل.
بُخارٌ غالِبٌ يكنُسُ المِلحَ،
وسنبلةٌ تَستَنِد. كمَلاكٍ في غابةٍ،
لَمَسَتهُ قِطّة: لا تَبطِشْ، أنقَلِب!
(*) من ديواني "الملاك الأحمر"، دار الانتشار، بيروت، 2000
(*) اللوحة، للفنان الرمزيّ الفرنسيّ: أوديلو ريدو