الرئيسية » » ترنيمة للحب و البحر | جمال مرسي

ترنيمة للحب و البحر | جمال مرسي

Written By Unknown on الأحد، 15 سبتمبر 2013 | سبتمبر 15, 2013

ترنيمة للحب و البحر
وحيداً
أُطِلُّ على البحرِ أرقُبُ أمواجَهُ
و الظَّلامُ رُوَيداً رُوَيداً يسِيرُ إليهِ
تلُفُّ الخِضَمَّ مُلاءتُهُ
و السكونُ شِراعٌ تعرَّضَ في البحرِ
لوَّحَ لِي بالسَّلام .
و لا شيئَ حوليَ غيرُ الرِّمالِ
تُداعِبُها موجَةٌ في هُدوءْ .
و عيناكِ ترتسِمانِ على موجَتَينِ
كأنَّهما قمرانِ استفاقا لتوِّهما
مِن منام .
و قلبيَ قارَبُ عِشقٍ كبِيرٍ
تحمَّلَ بالشَّوقِ و الوردِ
و النَّرجِسِ الجَبَلِيِّ
ليُبحِرَ في مُقلتَيكِ
إليكِ
يُصارعَ كُلَّ لصوصِ البحارِ
ليرسوَ فوقَ شواطئِ قلبِكِ
حيثُ يطِيبُ المُقام .
فهلاَّ فتَحتِ موانِئَ عينيكِ للفارسِ العَرَبِِيِّ
فقد آَنَ بعد عناءِ الطَّريقِ الطَّويلةِ
أَن يسترِيحْ .
يجولَ بروضاتِ فُلِّكِ ،
كَرْزِكِ .
عِزِّكِ،
يقطِفَ ما شاءَ منها
و مِن ثَمَّ يغفُو على ساعِدَيكِ
و يكتُمُ أَسرارَ حِضنِكِ ـ يا عُمرَهُ ـ
لا يبُوحْ .
و كفُّكِ مِثلُ نسِيمِ الصَّباحِ
تمُرُّ برِفقٍ على وجنتيهِ
و تمسحُ عنهُ غُبارَ السِّنينَ
و نزفَ الجُروحْ .
أيا ربَّةَ البَحرِ :
يعلمُ فَارِسُكِ العربيُّ الجرِيحُ
بأنَّكِ آخرُ أسفارِهِ
مثلما كُنتِ أَوَّلَها للخُلود .
و يعلمُ أنَّكِ مهما ابتعدتِ
فأَنتِ القرِيبةُ
أَنتِ الحبِيبةُ
أَنتِ رسولُ الضِّياءِ إليهِ
و أَنتِ الحياةُ و نبضُ الورِيد .
أُحبُّكِ يا ربَّةَ البحرِ مُذ خلقَ اللهُ هذا الخِضَمَّ
و توَّجكِ العاشِقُونَ عليهِ الملِيكةَ
يأتَمِرُ الماءُ و المَوجُ
دَهراً بِأَمرِكْ .
و أَدفعُ عُمريَ ، مُلكيَ ، رُوحيَ
مَهراً لطُهرِكْ .
يُحدِّثُني البحرُ عنكِ
و كيفَ تلوَّنَ مِن مُقلتيكِ
و كيفَ اكتَسَت شمسُهُ حينَ نامت
على صدرهِ فِي الغُروبِ
بِتِبرِك .
يُحدِّثني عن لآلئَ خبَّأتِها خلفَ ثغرِك .
و عن ليلِهِ المُستحِمِّ بشَعرِك .
و عن موجِهِ كيف صارَ رقيقاً
إذا ما ترنَّمَ كالطَّيرِ صُبحاً بشِعرِك .
و لا يعلمُ البحرُ أنِّيَ أَعلمُ عنكِ الذي ليسَ يعلمُ
لكنَّني لا أَبُوحُ بِِسِرِّك .
و أنَّ السَّعادةَ ،
كُلَّ السَّعادةِ
قد ذُقتُها مُذ وقعتُ بأَسرِك .
و أنَّ الرَّبيعَ الذي عِشتُهُ في فرادِيسِ عينيكِ
كانَ الخرِيفَ قُبيلَ امتِطائِيَ صهوةَ بحرِك .
أُحِبُّكِ يا ربَّةَ البحرِ ،
هل تسمعِينَ وجِيبَ الفُؤادِ ، و نبضَ المِدادِ
و هل تشعُرِين بنارِ اشتِياقِيَ
يا شهرَ زادِي ؟
و هل تعلمِينَ بأنِّيَ ما كُنتُ يوماً أبوحُ
بما فِي الضُّلوعِ لغيرِك ؟
أيا رَبّةَ البَحرِ إِنِّي غرِيقٌ
يرومُ النَّجاةَ
و لا شيءَ ، لا شيءَ يُنقِذُهُ غير إِطلالةٍ
مِن نوافِذِ قصرِك .
فهل تُشرِقِينْ ؟
مدينةُ السَّرابِ
فرقٌ كبِيرٌ
أَنْ تكونَ يمِينُكَ البيضاءُ في نارٍ
و يُسراكَ الشقِيَّةُ فِي الجليدْ .
فرقٌ كبِيرٌ أَن تَهَاوى فوقَ رأسِكَ صخرةٌ
أَو أَن تَحُطَّ عَلى يَدَيكَ حمامةٌ
أَو زهرةٌ
فرقٌ كبِيرٌ بينَ شهدِكَ و الصَّدِيدْ .
يا أيُّها المسكونُ بالحزنِ العتِيقِ
هناكَ بَونٌ شاسِعٌ
بَينَ القَتامِ اْندَاحَ فِي أُفْقٍ ،
يُساقِطُ جمرَهُ فوقَ الغُصونِ و بينَ ضوئِكَ
يبعثُ الآمالَ في القلبِ العمِيدْ .
ما زِلتَ تبحثُ في منامِكَ عن رُؤىً
غيرِ التي زارتكَ عُمراً
لم تُحقِّقها
و لنْ .
فانفُض يدَيكَ من القتامِ ، مِن الأنامِ
مِن الرُّؤى
و اْرحل إلى النَّجمِ البعيدْ .
خمسُونَ لم تمنحْكَ غيرَ كثِيبِ رملٍ
في فلاةِ التِّيِهِ
ما إِن كُدِّسَت ذرَّاتُهُ نثرَتهُ رِيحٌ عاصِفٌ ،
و مدينةُ الأحلامِ وهمٌ كاذِبٌ
هِيَ كالسَّرابِ
و أَنتَ يَقتُلُكَ الصَّدى
فاصرِف عيونَكَ عن حدائقِها ،
و عن يَنبوعِها العَسَليِّ ،
عن قصرٍ مَشِيدْ .
ما زلتَ تزرعُ يَاسَمِينَكَ في القُلوبِ ،
و أَنتَ فلاَّحٌ أصيلٌ
كيفَ خانتكَ البصِيرةُ
أَنَّ زرعكَ قد يجِفُّ إذا تقلَّبتِ الفُصولُ
و أنَّ ماءَكَ قد يغورُ
و أنَّ جهدَكَ قد يبِيدْ ؟
يا أيُّها البحَّارُ قد رجموكَ بالموجِ العَتِيِّ
فأَحدثُوا خرقاً كبيراً في شِراعِكَ
هل ستغرَقُ يا أميرَ البحرِ
أم تُعطِي القراصِنةَ السِّلاحَ
ليذبحوكَ مِن الوريدِ
إلى الوريدْ ؟
يا أيُّها المسكُونُ بالنِّيِلِ / الفُراتِ
القُدسِ/ أَطفالِ النَّضارةِ
ما لَهُم قد جهَّزوا نعشاً بحجمِ الكونِ
ساروا في جنازتِكَ الكبيرةِ يضحَكونَ ،
يُقَهقهونَ ،
و يحتسونَ نبِيذَ أدمُعِهِم عليكَ
و أَنتَ حيٌّ فِي عُروقِ النَّرجِسِ الجَبَلِيِّ
تبسِمُ مثلما الفجرِ الولِيدْ .
لا لن تُشَكِّلَ عالماً أنَّى تشاءُ
فوجهُ أَرضِكَ غابةٌ
فيها ذِئابٌ تستبِيحُ براءةَ التُّولِيِبِ
في زمنِ التَّردِّي و اْندِياحِ سحائِبِ الفُسفورِ
و البارودِ
و اْستِنساخِ موتٍ تِلوَ موتٍ
من دماءِ حمامةٍ و عُروقِ زيتونٍ وئِيدْ .
لا لن تُشَكِّلَ عالماً
و الحُلمُ أبعدُ من حرِيرِ يديْنِ
كُبِّلتا بأصفادِ الحدِيدْ
فَاهرُب بحُلمِكَ عن عُيونِ الحاقِدِينَ
هناكَ تلقاها تُلوِّحُ في انتظارِكَ
بالأمانِي ، و الوُرُودْ .
و اشكُر لمن أَهدتكَ أَجنِحةَ التَّوَهُّجِ
كي تُحلِّقَ في فضاءٍ ليسَ فيهِ سِواكُما
و على حريرِ الصَّدرِ نَمْ
و احلُم هُنالِكَ من جدِيدْ .
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads