بعد مائة عام
ذكرى مرور مائة عام على وفاة محمد علي الكبير
| |
.
| |
.
| |
من هذه الرّوح و هذا الجبين | يضيء في مصر منار السّنين |
أشعّة من بسمات المنى | و من رجاء كالصّباح المبين |
و من قوى مشبوبة كاللّظى | عارمة ، لا تنثني ، لا تلين |
خطّت بناء الملك ثم ارتقت | تبني له المجد الرّفيع المكين |
أوّل بان أنت بعد الذي | شيّده فرعون في الأوّلين |
قدّ من الصّخر تماثيله | حجارة خرساء ليست تبين |
و أنت أطلعت منار الحجا | و شعلة العلم و فجر الفنون |
بناء دنيا و حياة معا | عزّ به الشّعب الغبين المهين |
بعثته خلقا جديدا إلى | منزلة عزّت على الطّامحين |
قالوا : الحضارات ، فقلت انظروا | أين كهذا الشّعب في المحسنين |
من قطنه يلبس هذا الورى | و من يديه مغزل النّاسجين |
و المدفع الصّخاب من صنعه | و الحمم الحمر كرات المنون |
قد ماجت الأرض براياته | و خوّضت ملء البحار السفين |
و جيشه منقذ أفريقيا | و حارس الشرق القويّ الأمين |
بهؤلاء السّمر جبت الثّرى | و دنت في سلطانك العالمين |
و من بنيك الصّيد أبطاله | و من كإبراهيم في الفاتحين ؟ |
تاج البطولات على رأسه | مؤتلق و الغار فوق الجبين |
***
| |
من زخرف الوادي و أجرى به | جداول التّبر كماء معين ؟ |
و أخضع النّهر لسلطانه | و هو إله ساد في الأقدمين ؟ |
و من بنى تلك السّدود التي | تختزن السّحب و لا يمتلين ؟ |
غوائث الأرض إذا أقلعت | حوامل الغيث الدّفوق الهتون |
و من أتى الصحراء في دوّها | بهذه الأسوار شمّ الحصون ؟ |
يا عبقريّ الدّهر إنّ الذي | صنعته معجزة الصّانعين |
مهندس أنت سما فنّه | و عالم أوتي علم السّنين |
أدركت ما للفنّ من قوة | فدنت بالقوّة فيما تدين |
***
| |
أبيات شعر أنا بنّاؤها | آجرّها اللفظ السريّ السّمين |
ريمتها بعض خطوط كما | يرسم أفق الكون للنّاظرين |
يبدأ فيها الفكر لا ينتهي | و تسبح الأعين لا يلتقين |
لسيّد النّيل و فاروقه | رفعتها في موكب الخالدين |
مولاي ، من جدّك أنشودة | مزهرها التاريخ عذب الرّنين |
ألهمها والداك المجتبي | و أنت من أبنائه الملهمين |
و أنت من روحيهما آية | كآية الله إلى المرسلين |
و صورة مشرقة سمحة | إطارها الحبّ و نور اليقين |