الرئيسية » » كلكامش يتطلع الى شعبه في التلفزيون | صلاح فائق

كلكامش يتطلع الى شعبه في التلفزيون | صلاح فائق

Written By غير معرف on الأحد، 19 مايو 2013 | مايو 19, 2013













كلكامش يتطلع الى شعبه في التلفزيون

زرت مدينتي قبل عشر سنوات
رايت بيوتها تحتضر .
بعد تلك الاعوام ,ارى شعبي الان في التلفزيون
مبعثرا , قتيلا ,  او جريحا في اروقة مستشفيات
وعلى جسور .
حكامه مجرمون , خونة
لا احد يعرفهم ‪-حملتهم مدرعات وسفن اجانب
من احدى القارات .

شعبي نسي ماضيه , اسماله تتدلى
اشجاره هزلت , هرب نهراه لا نعرف الى اين
ومتاحفه تهمس من هاوية .

لم يعد مولعا بومضات النجوم
في ليالي الصيف .

فوق سور بابل يقف كلكامش
يتطلع , مذهولا, الى شعبه الذي اصيب بالجنون .

***
      
جدار يقرا قصيدة

اهرول وقت الفجر حول مستشفى
اسمع جدارا يقرا قصيدة
 اليه تستمع جدران اخرى .
اقف واصغي : انها قصيدتي بصور ومقاطع جديدة ,
لم اكتبها . منها , ممرض يشتم حصانا في حديقة
وانا في نهاية مقطع اسال جدولا عن سبب وقوفه تحت
قنطرة , فلا يجيب .

***

باكرا اكتشفت ان الحرية كلمة , مكررة في صحف وكتب
يرددها في خطب قادة قساة . لذا لم تعد تثيرني .
انا مهتم , منذ فترة , في العثور على اضلاع ضائعة لي
وان اتصدق ملابسي الرثة على فقراء , اروي لهم قصصا
عن بشر يطيرون في بلدان قريبة , شباب يركلون اقدارهم
امام خزافين او يطاردونها بهراوات .

اعرف الكثير واظنني مفيدا في شؤون :
امشي في اية مدينة ولا يراني احد .

***

علي ان اجمع افكاري حولي .
في كل مرة استغرق في تفكير طويل
لا اصل الى نتيجة .
لذا , كي انجح في تفكيري , اقترح على نفسي
ان اغلف يدي بقفاز , فقد اصادف ثورا في فكرة
او صيادين يقيمون اشراكا في حقل مهجور
تتدافع مشاهده في راسي .
ربما جيد ايضا , عندما افكر ,
ان استلقي تحت سريري , مرتديا ثيابي ‪,
وتحت راسي كومة قش  .

***

اخيرا استفيق من سبات طويل
اصوات واهنة تصلني كانها وصايا محتضرين .
نمت ليلة امس وكان في راسي مؤرخون يتنازعون :
مازالوا يتناقشون في غرفة اخرى
اذهب اليهم حاملا معولا ,
لا ارى احدا .

***

سارتقي اليوم هضابا نائية
لانقل معلبات وارغفة الى ضحليا زلزال
ساجمع قصصا وحكايات من خيمهم
حين اعود ساكتبها على جدران روحي
التي تريد ان تهاجر ,
او احفظها في فمي , الذي ياوي اشباحا يعودون ,
في اخر الليل , حاملين سحابة سوداء .

***

انا مولع بخادمات فنادق
اتنزه في المساء حول ابنيتهن
وكاني بين صفين من اشجار مثمرة .
الوح لهن وهن في شرفات
او يرتبن ستائر غرف .
انا اذن امام غزلان عند جدول , اقول  .
افعل هذا مرات كل شهر , ناسيا واجبي حول نفسي
وحول اخرين : لا انفذ رغبة ميت كان صديقا
واغش جيراني , كما كنت في اعوام مضت .

***

تنهض من فراشك نشطا , مسرورا
تتثاءب بصوت حيواني كانك حارس اصطبل .
تقرر ان تهيم على وجهك اليوم
بين حانات قديمة , فقد تنفس فمك جيدا في
الليلة الماضية . لملمت , في منامك ,اموالا تبعثرت
امام ابواب موصدة لبيوت عشت فيها لسنوات .
كنت تتسكع في بعض مساءاتها
في معاقل مهجورة لاقطاعيين هربوا , بلا سبب ,
الى بلدان بعيدة .
 اخيرا ها انت عند حديقة تهمس الى مهاجرين.
تتلفت , ليس هناك احد .



*‫**




انا كثيرُ النسيان , هذا سرّ بقائي حتى الآن

ايضاً لا اصلحُ لشيء ,

عدا خروجي وقت الفجر
لأسقيَ حديقة جاري
*

تناسبني الإقامة في اقبيةِ مكتبات
في الاصلِ انتمي الى بشرٍ هاجروا الى المريخ
وبعد مولدي بيوم : اخبرني جيرانٌ قدامى ,
وذكروا عن نهرٍ كان هنا
بدا يبكي عندما إختفوا .
تناسبني الاقامةُ في اقبية مكتبات
لأدرسَ تاريخ الفلاسفةِ وعادات الضباع
*
من عاداتي اتظاهرَ بمرضٍ
لتهتمّ بي خادمتي الجميلة
لا امانعُ إذا اقامتْ قداساُ من أجلي
فصوتها ساحرٌ ويشبهُ صوت أم ,
لا اعترضُ أيضاً إن أدخلّ ثورٌ رأسهُ
من شباكي ليتطلّعَ الى مايجري
فليسَ لديّ ما اخفيهِ
من عاداتي اتظاهرَ بمرضٍ
كي تهربَ خادمتي من البيت
فابقى وحدي
*
اختفي خلف حوتٍ ميت حتى يبتعدَ قراصنة في قارب
بعدهم يظهرُ , كما دائماً , زورق خفر السواحل .
بيتي عند محيط , تصلني فقماتٌ ضلتْ طريقها
ذات مرة وقفت سمكة قرش هنا , كانت جريحةً برمحٍ ,
خرجتُ وداويتها , ثم إعطيتها مقوّيات
فتحتُ لها معلباتٍ , اشتريتها من مدينة بعيدة
قبل اسابيع
*
من بعيد ارى شخصاً مصلوباً في شرفة
أقتربُ بحذر , أجدهُ بدلةً زرقاءَ لعاملِ سكك
معلقةٌ لتنشفَ .
هذا سبب إعفائي من وظيفتي ألأخيرة :
إعطاء دروس في منازل أثرياء
عن اللغة العربية .
عذبني إنني , حين غادرتُ آخر منزلٍ ,
لم أجدْ ظلّي ورائي
*


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads