الرئيسية » » رواية سرير الرمان (20) | أسامة حبشي

رواية سرير الرمان (20) | أسامة حبشي

Written By هشام الصباحي on الاثنين، 15 فبراير 2016 | فبراير 15, 2016

(20)


ذات يوم وأنا فى سرير الرمان  مع كاثرين ،أخبرتها أننى كتبت رواية وبصدد كتابة الثانية، وأخبرتها أننى عشت قرابة العقدين  بأوربا، وأننى أجيد الإيطالية، ضحكت وقالت:
- قلبى كان يقول لى ما يشبه ذلك...وقلبى يحدثنى أنك عرفت الكثير من النساء ولم تحب واحدة منهن.
علقت قائلا
- شرحت لك كثيراً أننى أردت اللحظة فقط، ولكن بالفعل أحببت حبيباتى وأعتقد أنهن كذلك...كاثرين أنتِ تنظرين للحياة من زاوية ينظر منها معظم البشر، ولكن هناك قلة مثلى لهم نظرة أخرى، الحب بالنسبة لى لا يعنى الإخلاص طوال العمر، وإنما هو الإخلاص لحظة تواجد الاثنين معاً وحسب..
سألتنى كاثرين مدافعة عن وجهة نظرها:
- ماتقوله هو الخيانة بعينها..أترتضى أن تخونك حبيبتك قبل المجىء إليك بخمس دقائق؟
كنت أتوقع ذلك السؤال، فقد طرحه علىَّ الكثيرون لذا أجبت بلا تردد:
- بالنسبة لى أرتضى بشرط  المصارحة، وبشرط أن تكون هى بالفعل مخلصة فى الحالتين ،أقصد معى ومع من سبقنى معها.
فجأة وجدت يدها تلطمنى لطمة بعصبية وهى تصرخ:
- أنت حيوان .
أجبت:
- ولم لا تقولى جامع للحظات،أتصدقين أننى كنت أهرب من بلد لآخر ومن فتاة لأخرى بهدف الشبق المعرفى وليس بهدف الفخر بتجارب متعددة، كأن تقرأين مئات الكتب فى مجالات متعددة بهدف أن تصبحى مثقفة، لم لاتقولين أننى كنت أرى أننى نهر عليه المضى قدماً مهما كانت الصخور والسدود، كنت اغوص فى الرمان الأوربى من أجل التوغل بذاتى، كنت أريد شم كل جسد أقابله، كنت أريد التوحد مع مسام جسد نسائى هناك، كنت أريد السكن للأبد بين نهودهن.

   لم تتفوه كاثرين بكلمة ونظرتنى فى صمت ثم فجأة غاصت فى الماء وعادت للخيمة بمفردها، يا إلهى تحضر هنا كاثرين وتطلب الإقامة معى، وليس هنا نساء أخريات، وتغضب هكذا بل والأغرب تحاسبنى وتضربنى، هل تحبنى؟ هل يجب علىّ أن  أزيف كلامى لمجرد إرضائها؟هل من المفترض أن أكون غير ماأنا عليه؟
لم أرجع وراءها، واعتبرت أنها غير موجودة بالمرة، بعد ساعتين رجعت للخيمة، وبحثت عنها،  لكنها كانت قد رحلت، وتنفست الصعداء لغيابها، وأحسست برغبة عارمة فى الذهاب لمقام البدوى، فذهبت هناك وجلست بجانب المقام طوال الليل صامتا .
الصدمات تنعش الذاكرة، ووجدت نفسى أعود بذاكرتى للحظة اتخاذى قرار بترك أوربا والاستقرار فى مصر برغم أننى كنت خالى الوفاض لا أملك فلساً واحداً، كان القرار صعباً جداً، فالجميع يتهرب منى بسبب قلة المال، كنت كالزاهد ، لا أنظر لأيامى السابقة ولطريقة معيشتى بالغرب، لذا كان علىّ المجازفة وتحمل تبعات قراراتى السابقة كلها ، قلت إننى معروف لدى المخرجين وشركات الإنتاج لمهارتى فى كتابة السيناريو وهذا يكفى الآن ،أما كيف وأين أنام فلم أفكر فى هذا، ولكن لم أفلح فى تحريك نص من النصوص التى أملكها، وكان الجميع يجيب بأن النصوص لا تتناسب مع السوق المصرى، بدأ الإحباط والاكتئاب يحاصرنى، وبدأ الجميع فى التهرب أكثر من هذا العائد المفلس، الكل عندما يسمع كلمة أوربا يتوقع أننى مليونير خاصة بعدما يسمع أربعة عشر عاما هناك، وبدأ الشعور بالندم  يستحوذ علىَّ وتبخرت الطاقة التى حركتنى مايزيد على خمسة وثلاثين عاماً، بدأ السكن يمثل أزمة حقيقية لى، وبدأ حزن أمى على ضياع البيت يصيبنى بالصداع النصفى عقب كل زيارة منها فى الحلم،  الحقيقة أن الله دائماً ما سترنى أمام الآخرين ، وقابلت  كثيرين أيضاً قدموا لى مفاتيح جديدة ، وقابلت نساء متزوجات يبحثن عن كلمة طيبة وعن لمسة حنون دون مقابل ودون ارتباط أزلى ، لذا عادت علاقاتى النسائية مجدداً تهون علىَّ الضغط النفسى الذى أنا فيه، مرت  سنتان لى بمصر .
وفى السنة الثالثة بعد العودة لمصر قررت كتابة الرواية وحولت أحب نصوص السيناريو عندى إلى رواية، وحققت نجاحاً لدى المقربين لى فقط، والحقيقة أننى أحببت كتابة الرواية جداً ولكن الرواية الثانية ظلت مشكلتى الأكبر،عندما قررت كتابة نفسى كاملا فى عمل أدبى، أعترف أننى قررت كتابة سيرتى الذاتية بهدف ترك اسمى فى هذه الدنيا بعدما فقدت كل شىء، محاولة من محاولات إثبات الذات ليست أكثر ولا أقل.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads