الرئيسية » , , , , , » روي بيتر كلارك: ابنِ عملك حول سؤالٍ جوهريّ | ترجمة: هيفاء القحطاني

روي بيتر كلارك: ابنِ عملك حول سؤالٍ جوهريّ | ترجمة: هيفاء القحطاني

Written By تروس on الاثنين، 15 فبراير 2016 | فبراير 15, 2016

روي بيتر كلارك: ابنِ عملك حول سؤالٍ جوهريّ
ترجمة: هيفاء القحطاني
 


الأسئلة الجيدة تحفز القصص الجيدة.

تحتاج القصص إلى محرك، إلى سؤال يجيب عليه عقل القارئ.

من فعلها؟ مذنبٌ أم لا؟ من سيربح السباق؟ أيّ رجلٍ ستتزوج؟ هل سينجح البطل في الهرب أم سيموت محاولًا؟ هل سيُعثر على الجثة؟ الأسئلة الجيدة تحفز القصص الجيدة.

طريقة السرد هذه فعالة إلى درجة أنها تحتاج اسمًا، وتوم فرينش أعطاها الاسم “محرّك القصة“. يُعرف المحرك بأنه سؤال تجيب عليه القصة للقارئ. عندما يقود “المثير الداخلي” للقصة القارئ من جزء لآخر فإن المحرك يوجهه عبر منحنى من البدء للانتهاء.

في كتابه “توصيل السيد ألبرت” يروي مايكل باتريني قصة مغامرة عجيبة عبر البلاد. ليست رحلة برية اعتيادية فرفيقه في الرحلة طبيب شرعي قام بتشريح جثة ألبرت آينشتاين واحتفظ بدماغ الرجل العظيم في زجاجة لأربعين عاماً. ثلاثتهم: الكاتب والطبيب والدماغ في صندوق السيارة انطلقوا غرباً للقاء ابنة آينشتاين. “هل سيتخلى الطبيب عن الدماغ الذي يشكل تميمة الحظ السعيد ومشروع حياته؟” هذه الجملة لا تظهر أبدًا في القصة لكنّها توجّه تركيز القارئ إلى نقطة الوصول عبر رحلة فرعية مدفوعة بالفضول.

بينما كنت أفكر بهذه الطريقة مررت بقصة نُشرت في صحيفة محلية عن رجل تم تعيينه في استقبال مركز “وول مارت” للتسوق. تشارلز بيرنز انتظر ثلاثة أسابيع ليقول “أهلًا بكم في وول مارت”. عندما تُفتح أبواب “وول مارت” سانت بطرسبرغ صباحًا سيكون وجه بيرنز أول الوجوه التي سيلتقيها المتسوقون. إنّه “مُستقبِل المتسوقين”.

كُتب هذا المقال اللطيف قبل الافتتاح بيوم. لذلك نحنُ لا نرى تشارلز بيرنز وهو يؤدي عمله. هو لا يحيي أحدًا. وهكذا ما من محرك للقصة. لا وجود للأسئلة البسيطة.. كيف كان يوم استقباله الأول؟ كيف كانت ردة فعل أول المتسوقين؟ وكيف توافقت التجربة مع التوقعات؟

في نفس العدد من الصحيفة قرأت قصة جادة عن أحد الناجين من تسونامي سيرلانكا:

“في جناح طب الأطفال بالمستشفى يرقد أشهر أيتام التسونامي في سريلانكا. يسيل لعابه عندما لا يكون في مزاج طيب. يئن وينوح في وجه الزوار حول مهده..”

“…هويته مجهولة وعمره بحسب رأي موظفي المستشفى بين أربعة وخمسة أشهر. يُعرف باسم الشهرة الطفل رقم 81 وهو رقم إيداعه في هذا الجناح.”

“..مشكلة الطفل 81 ليست في كونه غير مرغوب، بل على العكس إنّه مرغوب أكثر من اللازم. حتى الآن طالب به تسعة أزواج مدعين بأنه طفلهم المفقود.”

هذه القصة ظهرت للمرة الأولى في النيويورك تايمز وفيها محرّك معزز ومشحون. إذا كنا – أنا وأنتم – نملك فكرة مشابهة، فإن هذا المحرك المقصود يأتي على هيئة أسئلة تشبه: ماذا سيحدث للطفل 81؟ هل سنعرف يوماً اسمه وهويته؟ من سيذهب بالطفل رقم 81؟ كيف سيتمكنون من التعرف على والديه الحقيقيين ضمن كل هذه الادعاءات المتضاربة؟

الحق يقال أن هذه القصة تطرح أسئلة خاصة بها، ليست مجرد تلك الأسئلة التي تحاول التنبؤ بما سيحدث لاحقًا وحسب، ولكن هناك أسئلة عن المعنى الأعلى للقصّة:

“هل كانت الأسر التسعُ المطالبة بالطفل رقم 81 متأكدة من أنه طفلهم، من لحمهم ودمهم؟ هل كان الآباء يبحثون عن نعمةٍ في خضم هذه الكارثة؟ هل يمكن أن طفلًا جذابًا في الصور حفز شهية المطالبين به أكثر من كونه طفلة؟ كلّ هذه النظريات تمّ تداولها في شوارع كالمونلي.

القصة التي تعتمد على حبكة ثانوية يوجد بداخلها محركات مصغرة.

في الفيلم الموسيقي “The Full Monty” يحاول مجموعة من عمال المصانع العاطلين البحث عن رزقهم بالعمل كراقصي تعرّي. المحرك الرئيسي في القصة يقول: هل سيفعلونها بأجسادهم الغريبة؟ هل سيجدون الحب والمال؟ ولكن ما سيجعل هذه القصة تعمل في الحقيقة أن لدى كل من الرجال شيء مهمّ على المحكّ ويحفزه محركه الخاص. هل سيستعيد الرجل البدين شرارة الحب في حياته الزوجية؟ هل سيتمكن الرجل الهزيل من استعادة حقه في حضانة ابنه؟ وهل سيستطيع الشيخ تسديد ديونه المتراكمة؟

عندما عملت جان وينبورن كمحررة في “بالتيمور صن” ساعدت فريق عملها في خلق مجموعة من الشخصيات لقصصهم عن طريق طرح السؤال التالي: أيّ الشخصيات لديه ما يخشاه؟ أيّها مهدد؟ والإجابة تقود إلى تكوين محرك للقصة: هل سيحصل الخاسر في المسابقة على أمنيته في النهاية؟

أعتقد أن محرك القصة كابن عم لما يسميه لاجوس ايغري “فرض القصة”. يقول ايغري لكل شيء هدف، أو فرض. في روميو وجولييت تفترض القصة أنّ “الحب يتحدى كل شيء حتى الموت” وفي ماكبث “الطمع المتوحش سيقودك إلى هلاكك” أما في أوثيلو “الغيرة تدمر نفسها وكل متعلقات الحبّ”. يأخذ فرض القصة السؤال المحرك ويحوله إلى إقرار إنشائي يسهل تحويله إلى سؤال مثل: هل ستدمر الغيرة أوثيلو والمرأة التي يحب؟

توم فرنش يوضح الفرق بين “محرك القصة” وبين موضوعها:

“بالنسبة لي، محرك القصة قوة أولية وعميقة تدفع القصة للأمام وتبقي القارئ مقيدًا حتى النهاية. أما عن طريقة استخدام الكاتب لهذا المحرك – والأفكار التي يختار اكتشافها والمواضيع العميقة لقصته – فهذه بالتأكيد عائدة لاختياره. هناك مثال جيد لذلك: المشهد الافتتاحي للفيلم “المواطن كاين” الذي يمهّد لأشهر محرك قصة على الإطلاق. “ماذا تعني روزبد؟” لكنّ الفيلم لا يتحدث عن مزلجة كاين ولا عن طفولته. مع ذلك نجد أن المراسل – أورسن ويلز – يبحث عن حل للغز كلمة المحتضر الأخيرة “روزبد” وهذا اللغز يحرك القصة ويدفعها قدمًا ليستكشف أورسن ويلز معانٍ عميقة في مواضيع السياسة والديمقراطية وأمريكا. أحجية “روزبد” تقودنا عبر فيلم موضوعه الأصلي: درس مدنيّ في الطبيعة الحقيقية للقوة.”


محرك القصة قوة أولية وعميقة تدفع القصة للأمام وتبقي القارئ مقيدًا حتى النهاية – توماس فرينش

أخيراً، يجب أن نشير إلى أن بعض القصص لا تقاد بأسئلة “ماذا؟” بل بأسئلة “كيف؟”. نحنُ نعرف مع شارة البداية أن بوند سينتصر على الأعداء ويحظى بالفتاة. لكننا نريد معرفة كيف سيفعل ذلك. يخيل لنا أن فيريس بيولر اللطيف – من فيلم إجازة فيريس بيولر- لن يعاقب على تغيّبه، لكننا سنستمتع بمعرفة كيفية إفلاته من ذلك.

الكتّاب الجيدون يتوقعون أسئلة القارئ ويجيبون عليها، والمحررون سيبحثون عن ثغرات في القصة وأسئلة محورية لم يجب عليها الكاتب، أما رواة القصص فيضعون هذه الأسئلة كمستويات للسرد، ويخلقون حالة فضول لدى القارئ لا ينطفئ إلا بوصوله إلى النهاية.

“تمارين” 

1- راجع أعمالك الكتابية الأخيرة. ابحث عن محركات القصة بداخلها أو ما يقارب كونه محركاً.

2- اطلع على القصص التي تثير انتباهك. هل تحتوي على محركات قصة؟ إذا وجدت فما هو السؤال الذي تمنحك القصة إجابته؟

3- ابحث عن محركات للقصص في الأفلام والتلفزيون. هل تحتوي حلقة من “أحبّ لوسي” على محرك؟ ماذا عن حلقة من “ساينفلد”؟ والتي يفترض ألا تكون عن شيء محدد. ماذا عن إحدى حلقات الدراما البوليسية؟ 

4- وأنت تقرأ التقارير الصحفية لاحظ القصص التي تفتقر للتطور وتحتاج لطاقة المحرك.

المصدر: تكوين

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads