الرئيسية » » طوابير التلاميذ بالمرايل البيج ، وبالحقائب الفقيرة | أمجد ريان

طوابير التلاميذ بالمرايل البيج ، وبالحقائب الفقيرة | أمجد ريان

Written By هشام الصباحي on السبت، 14 فبراير 2015 | فبراير 14, 2015

طوابير التلاميذ بالمرايل البيج ، وبالحقائب الفقيرة


..
لم أكن أظن أن أكوام الزبالة ستظل هكذا فى الشوارع ، والناس هكذا يذهبون ويعودون ، وبين الحين والحين ، تمر سيارات فارهة مكيفة تعوى مسرعة ، سيارات محصنة ، صلبة الجدران ، شبابيكها مغلقة بالستائر ، وقد أقفلت المحلات أبوابها ، ولم يكف المطر عن الهطول ، وأنا أمشى منكسراً حزيناً ، ألملم أوراقى داخل الإكلاسير ، وأمشى أطأطئ الرأس .
لم أكن أظن أننى حين أنسى الصنبور مفتوحاً ، وأعود : سأجد الشقة قد أصبحت بركة من الماء ، وأن الماء يمكن أن يغرق كل شىء هكذا ، ويسيل من تحت باب الشقة وينزل السلالم حتى يصل إلى الشارع ، الماء الذى يمكن أن يمتد ليغرق كل شىء ، يغرق السيارات والأسوار والبيوت ، ويجرف الأوراق ، والأختام ، والأشياء الصغيرة ، والكبيرة .
الناس ينسون طفولتهم ، أيام المرايل البيج ، ويمشون نياماً ، وأنا أنظر بعينى للبعيد ، حيث النساء يجلسن على الكنبة الشعبية المرتفعة ، يتكلمن ويتكلمن بلا فائدة ، لأن الزمان يسير فى طريقه كالأعمى ، لايعبأ بشى ، الزمان لا يعبأ بالموتى الذين يتساقطون ، ولا بالأطفال الذين يصرخون داخل البيوت ، ولا بالرجل الذى نزل من السيارة ، وأغلق بابها بقوة ، وظل يجرى ملهوفاً كأنه يبكى .
لم أكن أظن أننى سأظل طويلاً طويلاً هكذا ، أتكئ بمرفقى على حافة النافذة ، وأنظر للأفق بلا معنى ، والمرأة على الكنبة الطويلة من خلفى ، تدهن حلمتيها بالصبار ، حتى تفطم صغيرها الذى لا يتوقف عن البكاء لحظة .
لم أكن أظن أن جلسة الشاى ستصير حميمة هكذا ، حول منضدة خشبية صغيرة ، وأن هناك فى نهاية الخوص ، ستكون هذه الأغنية الرقيقة التى تمزق القلوب ، لم أكن أظن أن الأيام الجميلة ستظل تضيع منى ، تباعاً ، ولا يتبقى أمامى سوى الفراغ .. الفراغ .. الفراغ .
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads