البارحة جاءت إلى بيتنا ابنة أختي، الرضيعة، الأميرة نور، كانت في أبهى حلة، ترتدي فستانا مزركشا بالألون، وطاقية بأذني أرنب، وجوارب برتقالية. جثيت قربها على ركبتي، قبلت أصابعها المتناهية الصغر أصبعا أصبعا، وقرأت لها قصيدة أحفظها لطاغور. بدت نظراتها مندهشة بالقصيدة ومركّزة في الأبيات دون أن ترمش، وبدا خيالها قد سرح بعيدا خلف البحار والجبال التي لم ترها أبدا في حياتها. حين انتهيت من القراءة اقتربت من أذنها وقلت لها كأني أهمس سرا: هذا جلالة الشاعر طاغور، شاعر الهند العظيم، فحركت رأسها بالإيجاب وابتسمت لي. كانت أمي ترجّ لها حليبا دافئا في الرضّاعة وهي قادمة في اتجاهنا، قالت لي: ابتعد عن البُنيّة، قبل أن تفسد أخلاقها.