الرئيسية » » أحمد شاكر بن ضية | أيّ فخّ نصبتِهِ للرّيح

أحمد شاكر بن ضية | أيّ فخّ نصبتِهِ للرّيح

Written By Lyly on السبت، 28 فبراير 2015 | فبراير 28, 2015

أحمد شاكر بن ضية

أيّ فخّ نصبتِهِ للرّيح

 

 

أحمد شاكر بن ضية

 

 

أنا بركانٌ خامدٌ :

لا تطلبي منّي أن أحدّثك عن شيء،

أنتِ الآن شجرةٌ متقدةُ الخضرةِ

وأنا بركانٌ خامدٌ

عينايَ المطفأتان مُذ كنتِ بُرعمًا

كانتا تبصرانِ الغابة وليمةَ حطبٍ

وفوّهتي المطبقة منذ نبستِ بأوّل قطرة طلٍّ،

كانت تخاطبُ غيمًا بألسنة اللهب

وتلقي سيولا من حمم على مسامع الجداول.

أعشاش القش المهجورةُ وبيوت العناكب التالفةُ

وقشور البيض وبقايا الشرانق،

مازالت عالقةً في رأسكِ

أمّا أنا فلا أحمل في ذاكرتي غير سيرة الحريق

عمّاذا سأحدثك إذن؟

ما العبرة التي ستستخلصها زهرةٌ، في عنفوان عبيرها،

من أمثولة الدخان؟

أيّ متعة سيجدها غصنٌ ناعم في قصّة متفحّمة؟

ما الذي تنتظرهُ أصابعكِ، المفتولة من كتّانٍ،

وهي تنبش هذا الرماد بحثا عنّي

 

لم يحدث شيء  

هل كنّا شيئًا يُذكَرُ.. أو يُنسى؟

هل كانت تلك الموسيقى نزفٌ من جرح بيانو،

أم هي صوتُ الرغبة يصهلُ في جسديْنا؟

هل كان الموقد ينفُث دِفئًا

أم هو لفح الأنفاس الحَرّى؟

هل ريحٌ كانت تقتلعُ اليابس في صدري

وتراقص خصر الأخضرْ؟

أم تلك أعاصيرُ شفاهكِ؟

هل مطرٌ ينقرُ باب الليل المقفلِ

أم تلك دموع اللذّهْ؟

كم كنتِ، بما يحدث من نوركِ، رائعةً في تلك العتمهْ

 لم يحدث شيءٌ..

كنتُ بقربك عاريةً أتظاهر بالنوم،

وكنتَ فقط تتأمّل وجهي..

كنتَ مُخيفا، أكثر من ناب البردِ على جسدي

وهدُوؤُكَ أفزعني أكثر من وحشة ذاك الليلِ الأخرس

لم يعزف مطرٌ أو ترقص ريحٌ في تلك اليلةِ

كانت أمسيةً هامدةً في مأتمِ ظلمتِها

كم كنتَ مُريعًا في تلك العتمهْ

لم يحدث شيءٌ.. خارجنا

لم يحدث شيءٌ.. داخلنا

 

أيّ فخّ نصبتِهِ للرّيح :

كيف فعلتِ ذلك؟!

أيّ فخّ نصبتِهِ للرّيح؟!

هل أطبقتِ عليها كفّكِ فيما كانت مشغولة بتلاقح زهرتيْنِ

هل ألقيت عليها شباك الصيادين فيما كانت تدفع أشرعةً

أم اجتذبتها حقولٌ شقراء شمالاً، وفي الطريق علقت بين جدائلك

أيّ خدعةٍ جعلت بها تلك الريح التي لم يتقوس ظهرها يوما من حمل عطورٍ وأوبئةٍ

تسقط منهكة على شفتيكِ

وتستسلم لابتسامتِكِ وأنتِ تمزّقين هبوبها

وتزقّينهُ في المناقير اللاهثة لفراخ من قصبٍ ونحاسٍ

كيف لسياط أصابعك المظفورة من نسماتٍ

أن تروّض قطعانًا من أعاصير ضارية

وتحوّلها إلى سقسقاتٍ أليفةٍ؟

يا لِدهائِكِ!!

لو أنّي أنجحُ فقط في استراق السمع

إلى ما تهمسينَ به في أذن النّاي

حتّى تجحظ أنفاسه ويشهق؟

 

 

شاعر تونسي

ahmed.bendhia@gmail.com

 

 

عن كيكا

 

 


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads