بما يكفي أن يراهن
...........
أمي ..
التي لم تعرف القراءة والكتابة
بأدوات بدائية
كانت تجيد النقش على قلبي
اللغة التي حفرتها على الجدران
لم يكن يتحدثها سوى أهل السماء
الموكلين بإطعام الطيور الشريدة
كفّها المليء بالتجاعيد والأساطير
كان يحملني كمنطاد يطير بي
من مدينة لأخرى
كلما فقدتُ حبيبا
كلما كسرت شراعا
تضعني برفق على شاطئ البحر
وتشوي لي سمكا من ذكرياتها
وتأتي بالسفن المدخّنة بالهدايا
من قلب الحواديت
التي أدمن البحر رائحتها السحرية
فيسكن روعه
الآن .. صار البحر سيء الطباع
بما يكفي أن يقتحم نوافذي ليلا
يسرق صوري القديمة
ويشنق قِطّي الصغير على العتبة
ثم يتسلل كعِرسةٍ مسعورة
يمصّ دماء الحمام
الذي ربّته أمي .. في غِيّة روحي
لكن الحَمَام الذي راهن على الحياة
أكثر من العِشْرة
وأكثر من قلبه
قرر أن يطير ...
بعيدا عن روح لا تصغي لخوفه
وصارت بحق .. ملغومة بالحنين
مليئة بالمخاطر .