الرئيسية » » حرب. حرب. حرب | رياض الصالح الحسين

حرب. حرب. حرب | رياض الصالح الحسين

Written By هشام الصباحي on الأحد، 31 أغسطس 2014 | أغسطس 31, 2014

 

 

 

حرب. حرب. حرب

 

 

عاشق ذاهب بين حشرجة النازحين و حشرجة الكلمات

عاشق مثل هذي البراري المدمَّاة و الجثث الذهبيَّة

يخرج من زمنٍ ليغنِّي

و يدخل في وطنٍ ليغنِّي

يبتاعُ أرغفةً و معاول

يبتاعُ أرصفةً و معامل

يبتاعُ حزنًا شديدًا

و دبَّابةً سقطت بين فكَّيْ زهرة دفلى

يبتاعُ قبرًا وسيمًا لطائرة

و غصونًا خضراءَ من فرح أبديّ للعاشقات

 

عاشق ذاهب بين حشرجة النازحين و حشرجة الطلقات

عاشق قال:

هذه هي الحرب

تخلع قمصانها الخشبيَّة

تكشف عن عريها الحشريّ:

دماء و أرصفة

و دفاتر مبتلَّة بالنشيج

دماء و عاشقة و دفاتر مبتلَّة بالدماء

دماء و أرغفة

و أساور ضيِّقة

و مآذن واسعة

و طيور تهاجرُ...

مجزرة و شعوب

مجزرة و زهور

هذي هي الحرب تفتح نافذة الحبّ للقاتلين

و للعاشقين ستفتح نافذة للقبور

 

في الحروب التي ذهبتْ

في الحروب التي بقيتْ

في الحروب التي حاولت أن تجيء

كان وجه أليف لعاشقة يتمرَّغ في الرملِ

و الألم الطبقي

كانتِ العاشقات الوسيمات يخرجنَ للشرفاتِ

و يعرضنَ أجسادهنَّ المدمَّاةَ لله

و الله كان يجيء القرى و بصحبته الجند

كان يعبِّىء مئزره الملكيّ حروبًا و ينثرها في البيادر

كانت بيادر من فضَّة و مواعيد

كانت بيادر من فضَّة

 

ثمَّ كانت حروب

و هل تذهبين إلى البيتِ

أم تذهبين إلى الموتِ

هل تذهبين إلى العشبِ

أم تذهبين إلى الحربِ

كنَّا نسير نسير و تثقبنا الطلقات

و كنَّا نسير نسير بدائرة قطرها ألف حزن

يدًا بيد و نغنِّي

يدًا بيد و نموت

و يا أيُّها الموت لا تأتِ في الصيف

إنَّ الطيور تشاطرنا الصيف

يا أيُّها الموت لا تأتِ في مطر خائف و بعيد

لا تأتِ

فالأرض عطشانة

و المواسم مكسورة

و الشعير سينضب

و العاشقات سيبكين عشاقهنَّ

و لا تأتِ... لا تأتِ

لكنَّهُ الموت يأتي

و لكنَّها الحرب تأتي بهيئتها الحشريَّة

تدخل من ثقبِ بابٍ

و من ثقبِ نافذةٍ

تتناسل في حانة – صحف – كتب

تتناسل في جثث العاشقات

ثمَّ تنده للقاتلين: "استريحوا... استريحوا"

و تطعمنا البؤس و الطلقات

 

عاشق قال:

بعد نهارين من تعب و رصاص

تجيء من الأرض عاشقة

و تمدُّ يديها إلى مطر و إجاص

تمدُّ يديها إلى الماء

تغسل ألسنة الخطباء و ألسنة الرقباء

تسجِّلُ أرصدةَ الفقراء التي ابتلعتها الحروب

على دفترٍ شجريّ

تمزِّق قبَّعة الجنرال

و قبل مسائين من مطر و إجاص أرى:

تحت قبَّعة الجنرال قرىً مصمصت عظمَ أطفالها

و يدين تقطَّعتا

و أرى تحت قبَّعة الجنرال:

دمًا ساطعًا

و جماجمَ مكسورة تتهجَّى حروف

و في كل حرف مشاريع من حلم فاسد

و أرى تحت قبَّعة الجنرالات

مشروع حرب على الزهر

مشروع حرب على النهر

مشروع حرب على الفقراء

و بين يدين تقطَّعتا

يهرب العاشقون من العشقِ

و الميِّتون من الموت

و الفقراء من الفقر

من ثمَّ تسقط قنبلة و يجيء الغزاة الأشدَّاء

من كأس شايٍ و سيجارة و صباح

و من كأس شاي و سيجارة تبدأ  الثورة العالميَّة

أو تبدأ الأمنيات الكثيرات

يبدأ الخطباء خطاباتهم

و الجنود رصاصاتهم

ثمَّ أفرغ من الحزن

أقذفه تحت قبَّعة الجنرال

و أركض في مقتل لا يحدُّ

أنا الآن مقتنع ببلادي

و مقتنع باضطهادي

و في زمن لا يحدُّ أرى من أحبُّ على شاطئ

تستريح من اليأس

تسألني عن مكان لذيذ بلا شرطة

نتبادل فيه الأناشيد و القبلات

أجيب: هو البحر

قالت هو البحر. قالت هو البحر

و ابتسمتْ.



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads