ذكرى سعد
سيد قطب
خمس مضين تجنّك الأستارُ | فيها وقبرك كعبة ومنار |
في كل مطّلع وكل ثنية | ذكرى تزاحم حولها الأفكار |
باق على عنت الخطوب وعسفها | مجد تقاصر دونه الأنظار |
تتصرم الأيام وهو موطد | يعنو الخصوم لديه والأنصار |
وكأنه علم يُنيفُ على الورى | ترنو إليه وتخشع الأقدار |
وتضاءل الأشخاص عنه ويستوي | في ظله الأقزام والجبار ! |
**
| |
ماذا يطيق الكون أن ينساه من | سعد ؟ وكل عظيمة تذكار ؟ |
هل كان إلا في العظائم موئلاً | في يوم تشخص عنده الأبصار |
تدوي حوليه الخطوب وتنثني | كأشم يعصف حوله الإعصار |
فإذا مضى الهول المروّع وانجلت | غمراته وتراخت الأخطار |
أبصرت تحت الهول بسمة هادئ | راض أشم كأنه المقدار |
روح تجل عن الحياة وأهلها | وصروفها وتحفها الأسرار |
روح البطولة والبطولة طلسم | كالسحر تدهش عنده وتحار |
أ فذاكر أنت الجموع وحشدها | لما دعا سعد الجموع فثاروا ؟ |
ماذا أ بركان تفجر أم ترى | موج أشم أحم ؟ أم تيّار ؟ |
سحر البطولة أو شواظ لهيبها | يذكي النفوس فكلها مغوار |
ذكرى تقدسها البلاد كريمة | وتصون روعة مجدها وتغار |
هي بعض تاريخ البلاد فلم تكن | تاريخ فرد ينطوي ويثار ! |
ذكرى يحف بها الجلال وتنزوي | بإزائها الأحقاد والأوزار |
ذكرى تطل كأنها قدسية | فالكل تحت ظلالها أبرار |
*
| |
1932
|