رسمَت في فنجاني رشفةُ نبيٍّ مراهق
وكانت تقطرُ الرصاص الأصفر من شفتيها
وفي صوتها كان أطفال قانا
يتابعون الصور المتحركة
وقليلُ من موسيقا الشهداء
وسيّدةٌ في الظلّ
تسرقُ مرارات السجائر الأخيرة
قبل أن يحلك النور الأسود
ابْتَسَمَت دون أن ألمحها
وتركت في الهواء حباتٌ من المطر
وكأنّ المسيح كان يطعِمُ الأسماكَ
لتزهي الليمون في عكّا
وتعرّجت جفنيها نحوي
كزيٍّ أخضر..
تلونهُ البندقيات الكنعانيّة
وعدتني أن أنامَ في حضنها
لأُنجبَ منها عصفوراً بلا ريش !
وستُكسيهِ في تشرين الأول
بعمامةٍ خضراء
من بقايا أوراق التين الفردوسيّة
وقبّلتني …
وبدت ملامحها كالمواد الأولية !
والموت عالقاً في صوتها الغجري
يتأرجح كالسلاسل...
وقبّلتني ..
كأن الحب في شفتيها شتّانِ
مابين دورة القمر وتساقط النعمان
في الدورة الشهرية..
وانهارت عَلَيَّ بقناص دموعها
كالحجارة الكاتمة للرحيل
ولا أعلم إن كانت من رحمِ جفنيها..
وضاع من يدي بريق الشجاعةِ
وكأن صلاح الدين كان مستعجلاً
لموعدٍ مع نصرٍ ما...
مسكت بيدي
وتبعثرت في أقلامي الرخيصة
بين المِقعدِ والأريكة الآرامية
وكانت الحروفُ تنتظر انتحار لساني الأخير
فحطت بمعصمها على كتفي
والحمامُ فرّ من يدي
منتقلاً إلى مائدة العشاء السرّي
وقبّلتني..
وقالت إخلع عني هذا الكأس..
وعلقهُ مع ثوب الله
على حبال الغسيل في الكوفى ,
ولا تذهب حيث ذويّها
وكن برفقةِ روحٍ ثانية
تحسباً لأي عشقٍ مقدّس...
أضعتُ الرحيق من نهدِ أمي
لأبحث عنهُ في عينيها
مرتجفاً وليس لي قبيلةٌ
تجهضُ الرمل عن كأسي المغبرّ
وشفتايّ الخريفيتان..
وغدت الرجولةُ تتصاقط بصمتٍ بطيء
كضحكة فتاةٍ لسماعِ الطبول في ليلتها الأولى..
وشدّت على كتفي
لأصرخ صراخ الجسد
وهو مودعاً لسبايا الروح..
وتسمّرت بألمي ووبختني
وأدانتني وهي تلوّن شفتيّ
برائحة البخور
وترسم على جبيني لوحة زعترٍ بريّ...
وقالت :
أنتَ لا تستحق قبلاتي العذرية
لأنك زنيتَ مراراً كلّما اشتهيتَ الرذاذ
ونسيت أني أنتشي الموت
على فراش العوسج وحيدةً..
وما زالت تضحك وتناديني
ولكنّي لا أعي مكانها ,
وصوتها لايقطنُ إلا في قصائدي المزيّفة ,
وأسبِقها كلّما بكت أكثر
وتبقى من خلفي
كالظلُ الذي لا نورٌ يلاقيه...
