الرئيسية » » لِي مِنكَ كثِيرُكَ | زهير فخري

لِي مِنكَ كثِيرُكَ | زهير فخري

Written By غير معرف on الأحد، 17 مارس 2013 | مارس 17, 2013






لِي مِنكَ كثِيرُكَ…

بقلم: زهير فخري/ النرويج
My marvelous first thumbnail
(إلى روح والدي…)
*
رُوحُكَ هَهُنَا
يَحرسُها خمِيسُ المَجَاز
ويُبَلِّلُهَا دَمي
فأطلِقْ جَناحيكَ فِي هَذا السُّرَادقِ الرَّحبِ
دُقَّ أوتادَه فِي سَقفِ السَّماء
وارْعَهُ مثلمَا كنتَ ترعَى أسبابَ بيتِنا
الشَّارد
وتتداعَى جرْساً رائقاً فِي المَدى
كيْ تحمِيَ القصيدَة منْ بردِ النِّسيَان
- الحياةُ شاهدةٌ عليْك-
بَكيتُك دَمعاً أُجَاجاً
لأنّ اخضرارَ السَّنابلِ فِي دَمِي
كانَ مِنْ زُلالِ مَائكَ
كنتَ تعُدّ ثنايا الجُرحِ بينَ أضلاعِكَ
وَتنطقُ بالحِكمةِ
عن ذوي القُربى يكسِرونَ الخَاطرَ
وينكؤُونَ مُخلَّفاتِهم عَلى الأفئِدَة
عَن لوعةِ الغائِبين دُونَ الأرْبَعين
وَدِدتَ لوْ سَارعتَ، قبلَهُم،
وغيَّرتَ لونَ التّراب
عن الزَّمنِ يجدِلُ حبلاً لأَعناقِ أحْلامِنَا
وَيعيثُ فساداً في سَماءاتِنا
عنِ الرِّيح تَعبثُ بالأمنِيَات
وَتمكرُ بشَوقِ السَّاهرينَ إلى صَباحاتِهم
عنِ الليلِ يشدُّ نجومَه إلى مسَامِيرهِ
ولا يُغلِقُ خِيامَهُ المُعتِمَة
عَن الشّمسِ نترقبُ فيْضَ اخضِرارِهَا
وَلا تأتي إلا بقيظٍ ورَمْضاء
عن مُزنةٍ وَعَدَتْ
ثم تلكَّأتْ
فأوْغلتْ فِي زُرقةِ السَّماء…
وكنتُ وعدتَُكَ أنِّي
سَأَسْتدرِجُ المُزنةَ إلى سَريرِهَا
وأُوقِظُ الشمسَ من أُفولِهَا
وأُرغمُ الليلَ كيْ يدعَ النُّجومَ تمضِي
إلَى حَال سَبيلِهاَ
وَأنِِّي لنْ أدعَ الرّيحَ تجرحُ هوايَ
وَ الزمنَ سأصفعُه بكفِّ كنايةٍ
وأجعلُهُ أخفَّ على كتفِ القصيدةِ….
أمَّا الغائِبُونَ،
يََا أبِي،
فلهُم بينَ الجَوانحِ شاهِداتٌ كالأَعْلام
لهُم نسغُ دوحتِنا وعسلُ الدَّالية
لهُم غَضاضةُ الطفُولةِ وحليبُ يديكَ
لهُمْ ظِلالُ جنَاحيْكَ
وَما اذّخرتَه في الدَعوَاتِ
فَلا تكترِثْ
أنا امْتِدَادُكَ العيْنِيُّ
وَلِي منَ الغائِبينَ دمُكَ القرمُزيُّ
هَهُنا أسْطُرهُ
حتَّى، إذا مَا غبتُ، يشهدَ عليكَ وعَليهِمْ جمِيعاً
أنَا امْتِدَادُكَ العيْنيُّ
تُذكِّرني يَدِي
فأراكَ تمدُّ يُمنَاكَ للسَّلامِ أوْ تُربِّتُ عَلى كتِفِي أوتُحكِمُ قبْضتكَ أوْ تضرِبُ كفّاً بكفٍّ أوْ ترُشُّ مِلحاً صديقاً في البيتِ عندَ المَسَاء أوْ تمسَحُ دَمْعاً تِلقائِياً حِينَ يَعبُرُ الذِينَ توحَّدُوا بالتُّراب أوتُعِدُّ لي دَواءً شافِياً كُلَّّمَا ألَمَّ الدَاءُ وَتمسَحُ عَلى رأسِي كيْ أنَام…
يُذكِّرنِي دَمي
فأرَى دمَكَ يُورقُ عَلى الكفِّ ويَخضرُّ
ليغسلَ وَجهَ الأرْضِ
يُذكِّرُني صَمتِي
فأسْمَعُ دَبدبَاتِ صَمتِكَ المَأهُولِ بالحِكمَةِ
وأَقتفِي سَبيلَ الدُّررِ الذِي يَدلُّنِي عَليْه…
أنَا امتِدادُكَ العَيْنيُّ
فَلا تكترثْ
وَأنَا أنَا
مثلمَا أمِلتَ تمَاماً
فلا تكترثْ
وَلِي منكَ كثيرُكَ
فلا تكترثْ
وَللغائِبينَ انتشاؤُهمْ فِي دَمِي
فلا تكترِثْ
وَلنَا، يَا أبي،
فِي شوَاردِ القصِيدَة
طينٌ وَماءْ
وَلنا فِيهَا
نارٌ وَهواءْ
فَلا تكْترِثْ
               لا تكتَرِثْ
                             لا تَكْتَرِثْ…
              

شاعر وصحافي مغربي مقيم بالنرويج
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads