الرئيسية » » عنوان واحد لا يكفي | هاجر الشريف

عنوان واحد لا يكفي | هاجر الشريف

Written By Lyly on الثلاثاء، 6 يناير 2015 | يناير 06, 2015

(إلى غزة)


لقد أخليتُ ضميري،
وقعتُ على جميع العرائض المعنونة باسمك،
وضعتُ كلّ ما في جيبي في صندوق كان يحمل تفاصيل معاناتك،
أعدتُ إرسال كلّ ما يصلني عنكِ،
مشيتُ في ذيل مسيرة كانت تهتف بكِ،
لقد فعلتُ كل ما يجب عليّ أن أفعله،
لكي أنام الليلة.


*

صورتكِ على الخارطة.. لا تقول كلّ شيء
ففي حين يبدو أننا نحيط بكِ كسور منيع
يحدث أنك تحتوين أحلامنا المشتتة
وفي حين يبدو أننا نظللك بأكتافنا العريضة،
يحدث أنكِ تتفحصين الجثث المستلقية.
وفي حين يبدو أننا نحملكِ على ظهورنا، لتنظري للبحر
يحدثُ أننا نحاصركِ حتى انفردتِ بالزاوية
من يراكِ، لا يصدّق أنكِ تحملين آثامنا
على ظهركِ العارية
ولكنكِ تفعلين،
وتقفين كلّ ليلة تهشيّن اليأس عن أجسادنا المتعبة


*

كيف ينمو الأطفال لديك من جديد،
إلا لأن الأمهات اكتشفن وصفةً جديدة للخلود،
وأصبح للزمن، والميلاد، والموت، منطق خاصّ بهنّ
مثل الزيتون الذي يراهن على الخلود الكامن في البذور،
والثمار التي إن قطفت في ريعانها، ستعود من جديد
لكنها إن تُركت حتى يجفّ الغصن
ستسقط مجعدة ووحيدة في النهاية


*

أنتِ مجازٌ عميق في اللغة
لا يمكن للصمت أن يلغيَه،
يحتجِزُ آلاف الشعراء والقصائد
ويحملهم على اللهاث في دائرة
ملعونون هم بكِ،
لأن الشعر وحيٌ
ووحينا مدنس،
وأنتِ النبوءة العذراء المتبقية


*

ينهارُ بيتٌ جديد
ونُهديك قصيدة أخرى
ينهارُ شارعٌ وجسر مشاة
فيحين الوقت لكتابة نصّ بلهجة حازمة
وهكذا، تعودُ لك كلّ بيوتك
وشوارعكِ، وحقولكِ
نصوصًا متخيلة


*

أحلامنا
تعاشر الرقيب كلّ نصّ
وحاجاتنا
رغيفٌ وملحٌ وسقف
ورشوة صمتٍ تدخل إلى جيوبنا
آخر الشهر.
نكتبُ لكِ في الليل،
ونعود في الصباح إلى مكاتبنا،
حيث نلقي السلام على صور القتلة


*

لن أعتذر
بل سأطلب منكِ
أن تكوني أمّاً
تغفرُ بلا حساب
وتدفعُ بلا مقابل
فقدَرُ الأمهات في أوطاننا
أن يكنسن حماقات أبنائهن
بدعواتهن المثخنة
وقدَر الأبناء
أن يستمروا في الطيش والعقوق
ما دام لديهم أمّ
وليس للأمّ صلاحيات سوى الدعاء والمغفرة


*

ها أنتِ تقفين وحدكِ مرة أخرى،
على أجسادنا الضخمة العاجزة
ننظر إلى عينيكِ بقلق، وتشيحين بوجهكِ إلى البحر
ولا نعرفُ كم مرة أخرى ستغفرين
قبل أن تعيدي لنا القصائد وأكياس الأرز ولفائف الضماد
المكدّسة في الملاجئ
وتغلقين قلبكِ -المعبر الوحيد الذي لا زال يربطنا بكِ-
بلا رجعة.


* كاتبة من السعودية  



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads