الرئيسية » » تعلَّمنا كيف نودّع بعضنا | فيفيانا عبد النور

تعلَّمنا كيف نودّع بعضنا | فيفيانا عبد النور

Written By Lyly on الثلاثاء، 20 يناير 2015 | يناير 20, 2015

لماذا لا أتخصَّص في جمع الفراشات


لأنّها ضعيفةٌ
لأنني لا أحبّ ضجيجَ الدبوس وهو يحفر في الفلّينْ
لأنني لا أحبّ كثيراً الصوت البارز من بطنٍ مثقوبٍ
لا أحبّ المجموعات، ولا هواة الجمع
رغم أنّ ابني يريد جمع نمل من النقود والطوابع
وهذا يتطلَّبُ صبراً ونبضاً جيِّديْن
وأنا أفتقر للاثنين
لأني أمتعض من الناس الذين يتلاعبون ويعرضون بقايا الجمال الغريب
كتذكار نصرٍ وكفن
معروفٌ جمال الفراشات
لها جناحٌ
يشبه طيراً
يشبه صدراً منتفخاً
يشبه الزقزقة
لكن ثمّة جناحٌ
وريشةٌ
حيث لا يوجد عينٌ
ولا فمٌ
إذ سقط ممزَّقاً
كل ما بقيَ



شعراء في نهاية العالم


يُطَيِّرون أسقفاً
زجاجاً
أقفاصاً
ومواكب من الأحذية
عجائز كانوا معلَّقين من الأسلاك
أفواه قبَّلت أفواهاً
ومن أجل القبلة كل شيء يطير
ولا أحد يستطيع التنبؤ بما تجلبه الريح من الريح
أشياء ترحل وتطير
أحدهم يحضر لها أعواد ثقاب ابتلعها
ليل التنهُّدات
الأبراج الرطبة
والبحر



مكتبة الذاكرة


عينٌ مقابل عينٍ
سأدفنك حيّاً
ثمَّة بئرٌ تنتظرك في حديقتي
هناك حيث عاشت المارغريتا متشابكة 
وهي تسقي عيناً مقابل عينٍ
ستقوى النَّظرة نحو الملجأ
الذي أُهيّئه بحذر للاثنتين
أعرف أنّ تكشيرة العائلة
ستأتي فجأةً
مع ضلعي الأيسر مكسوراً بين اليدين



لا توجد النساء


لا يوجد المساء
لا توجد الظلال
ولا طريق الشجرة التي تسقيها
لا توجد شجرةٌ
لستُ أكتبُ لك
ولا لي
لا توجد ثمرةٌ ولا توجد خطيئةٌ
ولهذا اجتثثنا عيوننا
أو الطواحين
أو الُّلوَز
أو الحَلَمة اليسرى
أو الاثنتين
في النهاية تبدو النتيجة واحدةً
كلمتان أو ثلاث تمكَّنت
من تعليقنا من أنوفنا
كلمتان أو ثلاث عبرت
ساهيةً
في الأعلى.

كلُّ شيءٍ يذوب
يُصبح جمال نجمَ سويتشي 
ليلاً غامضاً

قالوا لي إن البيت الذي اشتريتُه
كان بيتَ البكماء
ماتت في إحدى غرفه
الأمُّ المريضة

وحينما رحلت
غادر الجميع
وتركوا البيت معافى

استقبلتني ملابس الموت في الخزانة
وصورها المؤطَّرة على الجدار
وكريمات التجميل منتهية الصلاحيَّة
في خزانة الحمَّام

سأُفرّغ هذا البيت
سأفتح الجوارير وأزيحها للخلف
سيكون بيت البكماء
بيتي

حصاة غريتيل كانت دائمة العطاء
مع أنَّ الجَيْبَ مثقوب

عرفتُ أنكِ قاومتِ حينما بدأت تمطر
وجاء الطبيب ليخبرنا
برحيلكِ
كانت تُمطر من أجلي فقط

أوّل آثار اليتم
كان غياب الكلمات
لا شيء يشبه إصغاءكِ
مطرٌ فقط
في مقصورة السيارة
في الصمت المطلق
وسيكون هناك قبلُ وبعدُ لهذا اللّيس بعد



قصائد أغسطس


كانت جدَّتي ترعى المرضى
تحكي:
لو كان هناك رجلٌ يحتضر
تاركاً يده تسقط على الأرض
يحاول أن يثبِّت أظافره
وحتى آخر ثانية
يتلّمس هناك بيأس
ثم
تنصهر السماء والأرض في راحة يده
لا يرتجل عبثاً، قالت
على هذه الحافة

 *

بلا مبالاة
ستداعبين الورقة
ستداعبين قصيدتي دون أن تعرفي
دون أن تنظري إليّ
في تأخير الكلمات الأخيرة
إغواء الجدار
الذي يسقط

بالكاد لحظة
كي ينسج البقايا

أيكون هناك جمال يتساوى
مع الدمار؟

*

تستأنس العينان
حين تتذّكران
أتصبحان ماء
لأن هناك
خلاطاً ينوِّم مغناطيسيّاً
حينما يدور
على راحة اليد

*

في بيت جدّتي إيميليا
كنا نجمع الماندرينا
من آخر الحديقة
بجانب مضخة الماء

بعد ذلك
كانت جدَّتي تُقدِّم لنا الحليب في كؤوس من البلاستيك
مع بسكويت مارينيرا
على مفرش من القماش المشمّع

كنا نذهب ونجيء بين هذه الأيدي

من جدّي
تقريباً لا شيء
بالكاد عرفته حين مات

رجال مضيئون في العائلة
أمواتٌ مبكِّرون
بائعون
فنانون
كانوا يغادرون دوماً

تعلَّمنا كيف نودّع بعضنا
دون أن ننتظر
وأن نجيب بدهشة
حين ينادينا أحد

 

* ترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads