الرئيسية » » الأرقام.. كما لو كانت ثمانين عاماً من الحُب | وداد نبي

الأرقام.. كما لو كانت ثمانين عاماً من الحُب | وداد نبي

Written By Lyly on الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014 | ديسمبر 23, 2014

وداد نبي


خمسونَ زهرةَ نرجس ٍ برّيّة

تفتّحت قُربَ مقبرةٍ ما

مررّتُ بها لأحصيها 

برقّةِ الغبارِ المتناثرِ بالهواءِ

واحد..

اثنان.. 

ثلاث.. عشرة.. خمسون

والمساميرُ ملأ تِ الهواء 

كلُّ رقم ٍ خدش َ حنجرتي بجرح ٍ 

أغلقتُ بابَ المقبرة 

ودوّنتُ سطري الأول 

أكرهُ الأرقام 

أيّتها الرياضيّات البليدة

ستُّ متوالية هندسيّة 

حاصرَت رأسي مساءً 

191 ألفاً و369 شخصاً قُتلوا في سوريا 

215 ألف سوريٍّ في معتقلات النظام

350000 لاجئٍ نزح َمن مدينة كوباني

365 قرية بكوباني مهجورة مع مقابرها 

456 سورياً غريقاً في بحارِ الموت ِ

كسرتُ شاشة التلفاز 

ودوّنتُ سطري الثاني على باب ِ المقبرةِ 

أكرهُ الأرقام

أيتّها الرياضيّات البليدة

نامَ في الكهف ِ وفي عينيه وحشةُ أوّل بشري 

كان ذاك الرقم 1 

يتألّم وحيداً خالداً على طرفِ حبٍّ مستحيل

الرقم 3

المسافةُ التي تبعدني عن حلبَ وأمي 

الرقم 4 

مسافةُ الكيلومترات بيني وبين كوباني حينما أقف ُ

لأراقبها كغريبة ٍ على الخطّ الحدودي 

الرقم 4 كم 

دوّنت سطري الثالث على باب المقبرة ِ 

أكرهُ الأرقام 

وهي تهشمُ بمجرفتها

جمجمةَ مزهريّة الورد في بيتي 

أيّتها الرياضيّات البليدة

كيف سأحبُّ رقماً 

وكلّ رقمٍ يضيف روحاً قتيلة ببلادي

كلّ رقمٍ.. كعب آخيل

يصيبُ الروح بالمقتل ِ ولا يقتل 

دوّنتُ سطري الرابع على بابِ المقبرة 

أكرهكِ أيّتها الأرقام 

منذ اخترع اقليدس نظريّتهُ في الأعداد

وصرخ: «لا يوجد طريق ملكيّ إلى الهندسة«

مُذ قرّر أنّه ُ 

من نقطتين يمرّ مستقيمٌ وحيد.

ولم يعرف أبداً 

أنّهُ من نقطةٍ أيضاً يمرُّ مستقيمان 

واحدٌ لقياسِ طولِ الموت

والآخر لقياس ِ طول الديدان 

وهي تنهش ُ جثثَ القتلى 

غادرتُ المقبرة باتجاه ِ بيتك

ودوّنت ُ سطري السادس 

179 سنتمتراً طولُك َ..

يهتفُ الباب الخشبي وأنت تعبرهُ 

أدوّن..

أحبّكِ أيّتها الأرقام

أيّتها الرياضيّات البليدة

72 كيلوغراماً وزنكَ 

تهتفُ الأرضيّة الخشبيّة لبيتك

أدوّنُ.. 

أحبّك أيّتها الأرقام

أيّتها الرياضيّات البليدة

ستعيشين 80 عاماً وتموتين بين ذراعي 

بشعركِ الأبيضَ الطويل 

وبخمسِ تجاعيدٍ حول كلّ عين

يغنّي لي صوتُك َ كلّ مساء

لا أتوقّف عن التدوين 

أحبّك أيّتها الأرقام

أيّتها الرياضيّات الحيّة.








عن المستقبل
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads