الرئيسية » , » بعض ما قال الذي يعبر الشارع… عجوزًا ..!! | ياسر شعبان | العدد الثامن والستون | سلسلة كتاب الشعر

بعض ما قال الذي يعبر الشارع… عجوزًا ..!! | ياسر شعبان | العدد الثامن والستون | سلسلة كتاب الشعر

Written By كتاب الشعر on الجمعة، 31 أكتوبر 2014 | أكتوبر 31, 2014









بعض ما قال الذي يعبر الشارع عجوزًا ..!!
ياسر شعبان







نبوءة!!

وقد رأى الله حزينًا
وقد دمعت أعينه..
"ويسقط مطر في كل فصول السنة
وقد قال له..
أن كُن حاملا لحُزني
- في الأرض –

فأنا لا يليق بي الحُزن

على فعالي!!

-1-

وتبدأ الآن
كل السمانات
طيرانها – بين كتفيه الضيقتين –
لا يهشها..
ولا تحط..
و
ما رأى
من بعث أقوامٍ هلكوا
في جلسة الظهيرةِ – وآخرِ الليل
ومر القهوة
طعم النهارات الطريدة
و
رهقة انفتاحه عليهم
وشوفة القيام
- تسقط الآن الشهب
على أمكنةٍ شتى
ويقوم مَنْ رأى
في مناماته الشريدة ..!
بين جحظةِ الحَدَق
وسقطةِ الذراع – في الجوار- ..!!

-2-

يذكر
معروقة اليدين تُداعبه
وتحكي..
بين الأمطار.. البرق.. الرعد "دموع وقهقهة الجان.."
وغابات.. مستنقع وتماسيح
لقفرٍ – زحفٍ ونار
وقديسين وشياطين
وجماجم تسقطها أجنحة العنقاء
من فوق جبال سوداء
يسكنها الغول – وأنهار الدم
- وتسقط رأس بيضاء
بين رداء أخضر وكفوف زرقاء
فيشد رداء
ويقبل وجنة
ويلتصق بالجسد الضامر
في رعشةِ محمومٍ – يبتسم –
تسرح
وتشير إلى نقشٍ في الجدران
سقطت عنه الألوان
وانطمسَ!!
تهمسُ
- كانوا بعض الغجر .. –

مُذ أسقط ريح

طلع النخل

وسجد الطير
لحجر طالع
- غجر –

عشرة أولاد قتلوا في البحر..

وعشرة أولاد ضلوا في البر..
وعشرة أولاد دخلوا
الغرف المغلقة
بين زجاجات
وسوائل ومساحيق
وكتب صفر.
- زمن مر -
أولاد..
دخلوا صدرَ الليل المفتوح
دخلوا
"هيه"
- وتسقط رأس بيضاء
بين رداء أخضر وكفوف زرقاء
فيشد رداء
ويقبل وجنة
ويلتصق بالجسد الضامر
في رعشة محموم – يبتسم –
تشهق
والدم يبكم من صورٍ
والعظم يخشخش
في الأركان..
جاءوا!!؟!!
بأنفاس لاهثة
والقديسون
فوق الأرفف
يمشون
وفي الجدران..
- قد يصرخ طفلٌ في الغرفِ المهجورة
أو تسقط في عرض البحر راية قرصان
قد يهبط مطر في غير أوان
يغرق زرعًا قبيل حصاد
أوتاد – أوتاد – أوتاد..
هاج الماء.. .. هاج الماء
وقيامه ينفث في الحدق المفتوح دُخان –
يخرج
من بين ضلوعه صوت
يسكب كوب اللبن
في إصيص الصبار
ينبت من جلد الجدة زهر أصفر
بحجم قروش العيد
- قد كنا صغار –
وقد يندهه أولاد
وبنت بضفيرة
تستند على جميزة
بجوار طاحونة
والشمس تسقط في كل الغيطان..!!
يطلع من بين العيدان
يخطف نهدى البنتِ
ويجرى
يغلق بابه
ونافذة عاليةً
يتسلل كل البنت
تحت
الجلد
وجه
البنت
يكون
نملًا
يصبح
في حضرة
قرص الشمس
طيفًا
في فكةِ
مضفور الشعر
حصى
- تسقط رأس بيضاء
بين رداء أخضر وكفوف زرقاء
فيشد رداء
ويقبل وجنة
ويلتصق بالجسد الضامر
في رعشة محموم – يبتسم –
"هوه"
صدري ضامر
يا ذا الفم
المملوء بالأسنان
كز عليه
سَيّلْ منه الدمَ
على شفتيْك
تلمظ
- مَالِح -
كمسافة
أطول مِنْ
أنفاسِ الولدان
وأمضغ حلماته
- مر -
كصمتة
مصلوبٍ
يلعقه
ألف لسان..!!
- وقد رجفت أرض
وعم عيون الناس غمام
وانفرط الجوعى والضعفاء
هبت عاصفة صفراء
قضم السهل عطش الصحراء
ثم والناس نيام ـــــ قام..!! –
-            لاذع –
كلدغة
زحافٍ
يكمن
في عتم الأركان!!
امضغْ
وتلمظ –
قد تسرى فيك
رجفة قلب مفتوح
- على آخره -
بيت العنكب فيه
ليس خرابًا..
حتى حدق البوم
ونعق الغربان
وسع
يضفر عتمَ الماء
بوهج النار
- قد يهدم فيضُ الماء بعض الجدران
فنزوي.. نزوي.. نزوي.. .. في الأركان
لكن النارَ .. النارَ .. النارَ..
وسع ينفتح علينا – ودخان
أوله ـــــــــ آخره دخان..!! –
صدري ضامر فتمصص
من جذر الشجر ــ الطالع
من ريش الطير العالق
بسحابات و صهلة مُهر
بري تستشري في
سكنة أحراش
شررًا – نارًا تصعد
في طقس أسطوري
تخشخش فيه عظام
يبك الدم من التماثيل
وترقص أشباح..
"آااااه"
هل تعرف
من يخرج ليلًا ويغنى..
هذا
من جعل الناس ضريحه
في طرفِ البلدةِ – قرب النهر – مزار..
مَنْ
يفرد ظله على الطرقات
وتسري ناره في
أوردة الأطفال
- والليل شتاء -
ويعين الشيخَ الطاعن
على شدِ المحراث
ويملأ حضن الأرملةِ بالأطفال
ويزور العانسَ في الأحلام..
مَنْ
يملأ حجرَ البنتِ
بالبلح وبالنوار!!
هذا –
كان
يعرف لغةَ الموتى
ويشعلُ نارًا
في الفئران
في الغيطان – يقولون –
يحفظ تعاويذَ
تنضجُ كل العيدان
هذا –
- مَاتَ -
بطعنةِ ظهرٍ
أو دسةِ سُمٍ
كشفت نهديها
وفخذيها
وخرجت كالإعصار..!!
أو ، ،
أكتم بعض الأسرار..
- مكتوب
سوف تطير بين كتفيه السمانات
لا يهشها ولا تحط
وسوف تنبت على جلده أزهارٌ صفراء
وتسقط في عينيه الصور
ويحفظ كُلَّ الأسماء!! –
ياااااه –
قد أكل العفن
الجسد الغض
- قالوا -
رأيناه صباحًا
يرقص فوق الماء – عريان –
ويغنى
وكان
- ما أكلت منه كلاب البلدة

ما نقر الطير الصدر ولا العينين

ما ملأ تراب أنفه أو أذنيه
ما زحفَ الدودُ على جسده
أو أرغى مِن زبدِ الماء –
لكن
الناس صلوا خلفه
في الفجر
وخرجوا
أكلوا اللحم المشوي
في كل الدور
وما طرفت عين
أو صمت آذان..
ياااااه –
بك الدم
وخشخش عظم
- وسقط الرأس الأبيض
بين رداء أخضر وكفوف زرقاء
فشد رداء
وقبل وجنة
وبرعشة محموم – ابتسمَ –
وكان ………………!!

وتنقلت الأفراس تصهل وتحم..!!

 (بس افرحى – بيطير من صدرى الحمام..)

ولما انفلتت منك الأفراس – تصهل وتحمْ..
كان مبتداك – بعد – لمْ يستبنْ لومض العيون..
وباطن القدمِ يجهلُ ملمسَ الحصى – وشقوقَ العطشٍ
في وسع – غير أليف..
والصدى…………
(الحنين وحده لا يكفي – يا آخره..)
لما تأخذك نشوة النداء – السادر.. وتعرف أنكمَ لنْ
ترى مَنْ تنادى .. قابضَ الطعمِ والرائحةِ تستحضر
في النداء………
والصمت………… يا كليم..!!
                        * * * *
امرأتان وولد – قلتُ أوزع بينكم المراثي.. وأحجب
وجهي بالضلوع – لا أنبس – وحد النصل في وجع الصدور
ورجفة الألسنة – وقطنُ الحصادِ لَنْ يمتصَ منبجسَ
الدم – ورائحة الموت في الأمكنة.. ..!!
وتتنازعنَ .. وقلبُ الولدِ مفطور على الوجد.. لا يستطيع
ينقسم.. وتتنازعنَ.. تتجاذبنَ أطرافَ الولد – تمزقنَ
أوصاله.. لا تهبْنَ الأنينَ.. طقطقة الظهر.. وجحوظ
العين في غائر المحجر – الولد – رغما عنى صرختُ – هل
ترضينَ مشطورة – [ لما سقطت ضلوعي.. كشفت عن خواء صدري الوسيع .. ووجهٍ طيب..] ابتسمنَ..
ومنهدلُ الشعر على الأكتاف والنهود نافرات بلا سترْ –
كوقت الوطء الأليم – وابتسمن – وقد غطى الشفاهَ زبدٌ
أرغى من لهب الجوفِ وحمرةِ العيون ـــــــــــ ذميم
شطركَ بين نهدين ــــــــــ يا كليم
... وقد رأيتُ أني شاطرك بين طرفي الرداء
وأني أواريكَ شبقة الليل – وقد تخرج
لتدسَ العفنَ تحت النهود وبين الأفخاذ
………………… سُعَرْ..!!
                    * * * *
والطير لما رَفَ في مفتوح الحَدَقْ
عاوده شبقْ النقرِ في أبيض المُقَلْ..
وأسودها – لم يعد يرهب أو يرتجفْ..
الطير.. ولين المنقارِ ينتف أرمد الريش
ويتسلى بغرسه في مكمن الوجع – ويفرد
في الشمس ظلًا – يُقال عنه – الشبح..
ويدفع الناسَ إلى حضنٍ لم يعد به – مُتسع
لأطيب الثمر الساقط بين الطرف والرؤية
المشبرة في أول الصحو وآخره .. للسهار
على جمرات في الأكفِ – واحتراق الجلد
بشعره له سحر – ودخان عبقْ..
الطير.. يأكل قطوفًا دنتْ – وعلى مهترئ
الحيطان – الأجنحة صبرتْ – والماء أخذ
في النقر على مزقِ الأوتار وعظم الجمجمة
وأول الصعود = أول الغرق..!!
 
                    * * * *
ولما يلقونك بجبٍ – كله ماء
ستنجو ـــــــ أيضًاـــ
وقد يبدأ الورق – الآن – في الطيران - حتى لو
الريح عانده - وقد يهبط من أجلي – مرة – بعض
المطر – أول يقول لي الماء هئت لك..!!
……
السحابات من بخر الماء في وصله بالشمس – هواء .
ينصبُ خيامه شجرًا – عاري الأفنان – كبعد الحصاد –
حصى – ممعن في الزحف على زاغب الجلدة بين ثعبنةٍ
وضفدعة – قد تسجد له أو تبدأ في الفرار – ومنْ انتوى
الوقوف – يشوف – كيف تكون المومأة – والروح بعد
لم تفارق طين الجسد ــــ
ماء بحصى.. يصعدك مِن
موطئ القدمِ – في العظم والوريد – صفوفا على جانبي
ملتهب العصبْ..
ولما يلقونك بمستعر النار – عالي اللهب
ترقص على محترق الحطب.. وتبدأ الغناء..
- وقد تموت في ضحكةٍ
وَلنْ يُرْديك طولُ البكاء..
فوزع على الناسِ فرحك
واجعل حزنك في الليل ضياء –
وَلنْ تخرج من النار كما دخلت – ولن تلحق إلا
بعضَ العطبِ بمقدودِ القميص من قبلٍ ودبر..
ورشق العيون بعاري الجسد
ظلامٌ خارج بكامل سطوته..!!

                   * * * *
(قلبى زى الورقة اتحرق..)

عصفًا مهملًا أصبحَ جسدُ الولد – وسيلُ الدمِ
يُغرقُ الأسوارَ والأرصفة ويدخلُ من تحت أعتاب
البيوت فيضًا من الدهشةِ – والهلعِ العظيم..
وقد يفنى في باطنٍ تدوسُ وجهه الأقدامُ – وما تبقى
من رائحة – و حكايا للأطفال قبل أن تنام..
عصفًا مهملًا أصبحَ جسدُ الولد – وصوته الطالع
علىّ من كلِ البقاع – وليس لي خبأةٌ في الوسع –
ولا قدرةٌ على احتمال.. صوت الولد (قاتل صداه)
ملتصقٌ بمسامعي كصئبان يبشرُ بآتٍ يتقدم
الجمجمة ويمتصُ السحاء حتى ثمالةٍ – تعربدُ
بمفاصلي – رويدًا.. رويدا – كعجوز على مائل الجدران
أستندْ.. أتلهى بالأحجيات والصغارُ – نرى
ساحر العوالم في البخار نار بماء- ماء بنار
تضيق حولنا الدوائر وتتسع
…………
…………
…………
…………
وتنفلت الأفراس
تصهل
وتحمْ !!

وأنتِ أيتها الدمامة
أين تخفين عنا وجهك الجميل .. !!؟!!

وليس كل ما تبقى مني
مني
فاهزمني إن استطعت
اهزمني..!!
              ***
الدود الأخضر الصغير
لما يسكن على جلدي
- لا أشعر به –
وكذا النباتات الكثيرة – الجافة
- فوقي -
أما أصواتكم الوقورة
فلن أسمعها
وأنتم تراقبون حرقي..!!
                 ***
مني..
هذا الدم المتخثر
تحت العجلات..
والتعويذة على صدر البنت
- قلبي -
وجسدي
يُلقي ظلًا مُخيفًا على الطرقات
مني ..
هذا الفرح الطفولي
وابتسام الأولاد الباهت
ورأسي – لما ينفلت في الفراغات
ينتثر – هلامًا يبتلع كل الرءوس
مني
أين المفر
مني..!؟!
              ***

البحر آثر السلامة..
مَنْ احتوى أجنة الأساطير
نَفَضَ عنه غبار المسافة
وجوه الناس
وأشكال السفر
وأباحَ جَنياته
- للجميع -
في إرغاءة الزَبَدْ
إذًا
أنا
الأخير..!!
                 ***
الله.. ..
الأولاد يخرجون من الشرانق
طازجين.. .. يخفقون..
(أعرف – الرجل العجوز ما زال يجلس
أمام بيته العتيق – والبنت المقيدة
بالسلاسل منحنية  أمامه – وقد لَقَمَ
ثدييها – وبيدها وردة – وبينهما جدول من ماء –
كان بحرًا – ينظر العجوز إليه ويضحك..!!)
هكذا.. .. ويحطون
على جسد المسافةِ الطري
ويغزلون أحلامهم شباكًا
وطيورهم ملتجئات
لسطحِ البيت العتيق..!!
(أعرف كان يجب أن أحذرهم..
أصرخ فيهم – وأعري لهم جُرحي وأنكأه..
أعرف أنني حاولت – لكنني كابوس مُخيف
يطردونه بالأهازيج والأغنيات المُفْرحَة..!!)
وهذه المسافة المعقودة بين قدمين
رأس عجوز أعمى – يعيب خلقي –
ملآنة بالدمامل والثآليل
ورائحة أسمال مبال عليها
ودم – إليه ننتمي – قد تخثر
مسافة تمتد – قدمًا – قبل الخطو
بالحلمات السود يتمصصون
رعشة تستشري من حيرة الفم
للمفاصل..!!
وأنتَ..
تشكل – كأي مسخ ترى –
كُنْ ..
بعين واحدة
بثلاثة أعين
أو – لا تترك رأسك نهبًا للعيون..!!
تشكل ..
كل الفراغات شبقة لأعضائك
والوسع مطبق على صدرك
هدم هين وهذيان هرم
همس منغرس يحول بينكَ والقعود
كُنْ
رُعبًا
في رءوس الصغار..!!
                   ***
حتى البحر آثر السلامة..
بأمواجه يقيم عراكه اليومي
مع الصخور
وما بُنيَّ قلاعًا وقصور..!!
والحدق جاحظ – لعل الطيور تنقره
سكتة وسكنة – والألوان منسكبة..
ونبرة زهزقة العجوز – بلا صدى..
(أعرف – سيعودون الآن إليَّ – مألوفين..
وأنا لا أملك سوى لسان ليس للكلام
سيقولون – الآنَ – أنتَ منْ تبقى لنا
ويسجدون – والعجوز جالس القرفصاء
أمام بيته العتيق – كأنه يبول –
والبنت بلا سلاسل منحنية تلقمه
ثدييها – وتتشمم وردةً ذابلةً في يدها
وبينهما مجرى من ماء – كان بحرًا –
ينظر العجوز إليه ويضحك – وأنا أخْرِج
لساني – فيلقي على الأمكنة ظلا مُخيفًا – فقط - ..!!)
فاهزمني
إن استطعت
اهزمني..

ويفتح علىَّ دائرةَ الوسع..!!

كهرمانة

أرقص على الحصى وترقصين
عُرْيان زاهيان ينضحان طين
وأربعة أحداق بالمحاجر من سنين
زائغات كطفل يتيم سمين
جامدات كسقوط حصن حصين
ترقصين على الحصى وترقصين
وترقصين على الجمر وترقصين
وترقصين على الماء وترقصين
وترقصين على جسدي وترقصين
وترقصين
كالدود
لما
ترقصين.!!
                   ****

بعض ما قال الذي يعبر الشارع عجوزًا ..!!

الحصى..
حيواناتٌ صغيرةٌ نَهِمَةُ
وعطش أَشَدْ..
أَذْكُرُ..
شرياني لما التم عليه الحصى
وانسربَ في اندهاشته
وفي انثناءاته.. .. جلسَ واحتسى..
الحصى
- يصغرني بعامين.. أخي.. ولما فَتَحَ عينيه على صحراء
ملأ كيسين بالحصى وبكى -
وهُم يطاردونني ظُهرًا
كان يخمشُ باطنَ القدمِ
وأحيانًا يعضها..
أَذْكُرُ..
لما كبوت كيف
التمَ على وجهي الحصى..
- مكثنا ليلا "نملمح" في الحصى
فرأينا.. كبدًا .. كليةً.. قلبًا.. ووجهًا حسن.. –
الحصى..
تحت جلدي والجفنِ الآنَ – سكنْ..
"ظننته زمنًا – ليس قصيرًا – نملًا."
ثم امتد بين النخاعِ وجلدٍ مقروحٍ خشنْ..
حيواناتٍ صغيرةً نهمةً – وعطشًا أشَدْ
استبد .. فكانت كرمشات.. كرمشات.. كرمشات
وَمْلمَحُ الحَزَنْ..
                    ****

مشاهدة مَنْ يَعْبُرُ الشارعَ.. .. عجوزًا..!!

يحمل كرةً أرضيةً كاملةً
فوق ظهره – فقط –
ويبدو كأنه – لا ينظر إلى كل الأشياء في نفس الوقت –
إلى هذا الحدْ.. !؟!
لما انزلقتْ قدمه
باتجاه مقامي القديم.. تقوضَ
ولما طرفت عينه بوجه حبيبتي
سقطَ جلدُ وجهها – كله –
وابتسمتْ
-            كيف استبد بي الهلعُ .. هكذا .. !؟! –
فجأة أفركُ عيني في وجهِه..
(وحبيبتي لمْ تكنْ قد تلاشت في جسده تمامًا )
فقط كان يعيد ترتيبَ عظامها والكساء..
لما امتدت يدُه إلىَّ بغير لحم
فانتزعتُ صرختي
وألقيتها له – بغتةً –
لمْ يكنْ سريعًا
ولم تضطرب أنفاسه – قطْ –
لكنه دائمًا – أمامي –
(وحبيبتي لمْ تكنْ قد تلاشت في جسده تمامًا..)
أتصبب عرقًا..
وصدري مفتوح على آخره
تفر السمانات – منه – تباعًا..
وتلوي عنقها – عنه – الطيورُ المُهاجرة..
قلت.. أبني شباكًا – له شباكًا..
وأتكئ على الإفريز
أحدقُ في المدى
أحزرُ ما بين الناس
وأجمع ما أستطيع من ملابسهم الداخلية..
وأخشُ في نشيج طويل..
لا أخرج منه إلا عليها
تفجؤني بالذي لا أعلم
وتقول الذي لا أفهم
عن جني
أرضي
مسني
وتصنع من الورق عرائسَ
تنخسها بالإبر..
وتقيم في الموقدِ حريقًا صغيرًا
فيه البخور.. الشبة.. وعين العفريت – قُرْبان
وتستعيذ
تقرأ قرآنها
وتطارد في أركانِ البيت
ما ترى
تحرقُ العرائسَ – تباعًا
وتحزر – من الشبةِ – ما جرى..
...

أتصب عرقًا
وألملم من شباكي شباكًا خاليةً..
وأخشُ ثانيةً – في النشيج..
أدوسُ في شبقِ الدروبِ المقفرة..
أفتشُ عنْ وجهٍ بين الوجوه
وقلبي بوصلةٌ تحتَ الأقدامِ.. تاه
ولما ألقاه – أراه
يصنع مِن الوجوهِ مداسات
ومن القلوب طبولًا..
ممددًا قدميه – يبول
باتجاه الممر..
(وحبيبتي لمْ تكنْ قد تلاشت في جسده تمامًا..)

المشي إلى السماء

                               ليس بينكم من أهدى
                               إليه قصيدتي - ..!!


             - أولًا –

ها أنا أقرر .. ..
أنحتُ صوتي في هواء القصيدة..
أشكلُ من وجعي – ما أطلقه
ليحطَ على حومةِ الجرح البعيدة..
وحين أريده
أطلقُ نحوه شرياني.. أصيده..!!



            - رأى -

تخرجُ امرأةً لليل..
تبدو في عريها الناقص مكتملة..
وهى تحمل وشمين غائرين على نهديها
وتطير – ما يبدو في النزفة الأولى.. أشهى..
وأنتَ تجاهد لإخفاء طائرك الأسطوري عنْ
العيون الجاحظة والشفاه المزبدة..
حين باغتتك – بانكشافها – زفرةً متوهجة..
مشرعةً مراكبها – مفرجةً زاوية التفرعين..
والكامنات يبرزنَ بعيون خابيات
وسبغ بكفيه على الوجنات – ارتكن ..
كانت تجادلك بالذي لا فكاك منه
واتقاد العيون حينًا يرهبك – وحينًا يسكركْ..
وتحاورك بالتجاءةٍ – إلى الفخذ الضامر
ممشطةً شعرها بأصباغ لا تجفْ!!
(أما أنَ لطائرك الأسطوري الحاطط – منذ أزلٍ معتم –
أن ينفض الكلسَ – ليشق السبحَ السادر – شقًا غائرًا –
منه يقطر لأفواه كاهفات مفغورات
والاندهاشة أعمق من ابتغاء القرار
والشهقة أطول من النفس..!! )
.. .. كانت امرأةً تخرجُ.. لليل..
تدق الأبوابَ وتعوي بحرقةٍ..
مشيدة من نزفها – مدائن الفقد..
خلف أسوار مجدولات من ضفائرها المتعوسجات..
مؤججة جذوة الاتقاد عند اتكاءات الوقت
على حافة الابتداء..!!
وأنتَ .. .. والأسطوري طائرك
تجاهدان – في الغفوة – شطحات نزقْ..!!

              
                - قالوا -

لكَ
أن تقايض الماءَ
تخطف النارَ من بقعة الضوء
وتمد موائدك بالمشتهى..
(قرب – لهم – قربانكم يقربونك..)
مشتهاك – لك – ولهم مشتهى..
والغيمة التي رافقتكم ..
حين انقشاعها المُباغِت
- عُريك -
والبرقة فيها المنتهى..!!
وهي ..
أنثاكَ – لك..
تفوق في اكتمالها قطرة المطر..
وفي اشتعالها شهابًا يُغادر نجميته..
هي..
أنثاكَ – لك..
في قبضك رخوة
كيفما شئتَ تشكلت..
فهل فأجاتك حين
قايضت عُرْيك
- بعريها ..!!

                  - الآن -

المدائن تفتح أبوابها للذين يدخلون ولا يدخلون..
صرير الأبواب يعلو – والحراس الذين صدأت مفاصلهم
يحاولون هشَ ذبابات تطير من وجوه منْ يدخلون
لوجوه منْ لا يخرجون..
الذباب الآنَ يدخل المدائن – والعائدون لا يدخلون..!!


            - حوار خاص مع مدينتي..

مدينتي..
أما آنَ لليلك أن يحتوى
أحدًا غير الغرباء..
الريح تلحس الشوارعَ
وتحمل أنفاس المحتضرين للفضاء..
والقدم الوحيدة
تأنس لزحفةِ القدم
فوق الإسفلت والحصى
لمواء القطط..
هياج الصراصير
ليدٍ معروقةٍ تفتشُ للصغير عنْ بقاء..!!
مدينتي..
يا أبوابًا موصدة..
وحيطانًا كابيةً فوق أجساد مُمدة..
وعظامًا على عظام ارتكنت هامدة..
يا أفواهًا أسنانها الكاملة تكزُ..
وأحداقا في المحاجر الغائرات
ملتجئات للعتمةِ الشاردة..
هل لي في اندهاشةٍ
لمرارة الحلق العائدة..
لفرفطة الأصابع العاريات
وثبات حالة الدم في المقطوع من الأوردة..
وخروج النفس متكئا
على انبثاقةِ الدم الصاعدة..!!؟!!
مدينتي..
أنهكتني أناتُ الصغار
وخروج المظاهرات للشوارعَ..
حناجر تحمل أفئدة!!
مدينتي..
لكِ – وحدك – اندهاشتي الأخيرة
و لي – أنا – وحدي
شوقي لرائحةِ العرق والأتربة..!!
……………
المدائنُ الآنَ تخلع أبوابها
وتغرس المعاول في الحيطان الكابية..
مباحة للقادمين بالوحي السماوي..
ولنسوةٍ يحملنَ ليالهن في الغرغرينة..
لكن المُدهش
أن مرارة الحلق عائدة
والعائدين واقفون على الطلل
لا يدخلون..!!
وحين زَيتَ الحُراسُ مفاصلهم
ارتاحوا لوضع القرفصاء..!!
                

                - أخيرًا -

فوق كتف عجوز ليس له لحية..
أصعد وظهري للطريق يتجه..
له عينان مغلقتان بفعل الرؤية..
وعرج لوهن يُصيب المفاصل..
لكنه روضَ الطريقَ من قدمْ..
ما ابتغيت رفعةً ولا طقسًا أرطب
ولا خفتُ من وعورة الطريق وأقذائها
- على قدمي العاريتين–
كنتُ أود أفاجئ
مَنْ بظهر العجوز يختبئ..!!
.. ..
كانت المساءات– الحكايات
وامرأة تخرج – لليل
وزجاجة لا يقذفها البحر
تحوي رمادًا أدمي
وحيطان عالية يسمونها السور..
فوقها الحُراسُ يقرفصون
العجوز..
رآهم
يضاجعون المرأة – ويحرقونها–
رآهم
يشيدون الحيطان والأبواب
رآهم
يبولون والأطفال والنسوة والكلاب
على الطلل..!!
وحين رجوته يفتح
عينيه لأرى لونهما
كان شحيحًا..
وأغلقهما.. من الملل..!!
- نسيتُ-
آخر نبأ سوف أنبئكم.
فاندهشوا..
لستُ أنا – الذي بينكم–  تعرفون..
مازلت ماشيًا..
ما بلغت سماء
ولا هبطت
لتزكمني رائحة التراب والعرق..!!
وكلما رتبت وجعي – تشكل –
أنتم
فاندهشوا..!!



مدينة المرايا..!!

"لأنه كان مكتوبًا أن مدينةَ المرايا تجتثها الريح من الأرض وتنفيها من ذاكرة الإنسان في اللحظةِ التي ينتهي فيها "المرءُ" من فك رموز الرقاق – لأن ما هو مكتوب فيها كان منذ الأبد ويظل إلى الأبد غير مكرور.. فالسلالات التى قُدر لها مائة عام من العزِلة لا يمنحها القدر على الأرض فرصة أخرى..!!"

رمل بكف ريح
- مثقوب ومقلوب -
ونار باتجاه الهبوط
وهمهمات في السديم
أصبحت نبأ
ووحيًا
(ورمل بنار
نفخنا فيه من روحنا
فتغبش ..!!)
هَمٌ تراه مُرفرفا
على الأضلاع يحطْ
- أنفاسك معدودات
"والقلب كفستقة الحزن" –
وصوت كصداع نصفي
- أنتَ -
تفزع ..
- أنتَ -
تفزع..
- أنتَ -
والقيام
وجع مفتوح للناس
أن خشوا !!
***
هي الأرض لك..
عري مباح
وزهرة تتفتح
بين جلدين..
- وشمس تخشني
تشرب ماءَ أعضائي
وتغرس شعرها بمفاصلي –
قمْ..
اصعد جبالًا سودًا وحمرًا
وته بين ثلج
واهبط بأودية
لجن
أو للصغير..!!
  هي الأرض لك..
وموضعُ قدمك جرح
- بحجم عين –
من دم.. لدم
فهل قام عليك ماء
أو هبطَ مزن..
وهل صليت للذي
أخرجك من عدم.. لعدم.. !!؟!
هي الأرض لك..
قبضٌ من صلصال
شكل وجوهًا
وقلوبًا قبضت على جمرة الهوى..
وصوت
يخرجُ من الشرانق فراشًا
- لوهج -
***
ينتحل صفةً أخرى
غير الغرباء..
- يشرب القهوة بلا سكر -
ويملأ كفيه بالماء..
يقول كلامًا قليلًا..
ويسلم نفسه لهابطين من فضاء..
كل الأشياء تهادنه
وطوع أنملة عينه
- ما استجدْ -
يخرجُ من السديم – كونه –
كما يرى
شخوصًا تباينوا..
لوطأة القدم
لون ورائحة
وشيء خفي ..!!
فليضع الحدود والفواصل
- إذًا -
وليحرم على كوامله
فعل التماسخ ..!!
***
دم حارٌ يجري
وطقطقة في المفاصل
- ماءٌ كامن -
وصوت .. يحاصره..!!
***
فهل يستوي.. ؟!!
بعض الذين منك – يرحلون..
والنهر دائما في البحر – يَصُبْ..
فهل اخبروك عن صوت لحوح
ورؤية – كون جديد – في غبشة الصباح..!؟
(أم كانوا صامتين..!!)
يرحلون
صوب حدودك والفواصل
ويفاجئونك
بفعل
أو بصوت..!!
يرحلون
باتجاه فيه دائما طريقٌ للرجوع
وجع
ودم ……………… !!

                    ***
دائمًا – رملٌ يسبق البحر وصخر..
طين.. دود.. وموتى بقاع نهر ..
- دم يحاصر خطوك –
وصوت
هل بنسج عنكبوت
سقطتَ ..!!؟
ولمَ الآن  وأنتَ طالع – عليك –
تراهم
كأوتاد خيم
بيوم ريح
وجوهًا تقلصتِ
والطير قد نقرَ العيون
وعلى الشفاه حطْ..!!
دائمًا..
ماءٌ تجاهك..………… ودم..!!
      
                  ***
واشتبه في رؤاه
رمل ونار
- ورائحة ما -
ماء ……… ودم..!!
والذين منه يخرجون
يرحلون – في الريح..
ويرجعون
رمل
.. .. رمل
.. رمل
…………رمل
……………………ورمل..!!
                  ***

للماء رائحة الرماد..
- هكذا خبروك –
وهم يتساقطون ..
رغم أن الريح كانت للشراع
والوقت جذر..
للماء رائحة الرماد
وبنت تموت فيك
وضفيرة
ترى
هل ملح البحر فسدْ!!؟
والعفن في الجلد استبدْ..
أم
العيب في المطر !!
                    ***

ترانيمه الآنَ للفراغ العظيم
- والوجع -
ودمعة تفرُ
لما يرى
الرمل
في النار يصعدْ..
والسديم
قد جاءه بعد ماءٍ
بالنبأ !!
                   ***

يسابقُ الوقتَ بخطوةٍ
ملآنةٍ برمل..
ويلهث
يهز جسده
يطرد ساكنيه
ويرمم في وجهه ما انحفر..!!
ويلهث
يحتج – برفعة حاجب
لما يرى
الماء من أسفلٍ – قَدْ طَلَعْ –
ويلهث ..
وملء قبضه هواء!!
                     ***

الآن يرى..
وجهها وأشياءً أُخَرْ
والصوت يأتيه كصرخةِ الولادة..
فيهتز
هكذا ..
"وليس كمثله شىء .."
يرى
ريحًا
رملًا
نارًا
دمًا
.. ..
.. .. .
.. .. .. .. وماء.. !!؟!

البحر واليابسة..
- مشاهد مضطربة -

ولما يقوم من سباته
يرتدى ثوبه الأزرق
الموشى
بالزبد
وتاجًا من الشمس
وخفين من الرمل المندى..
وأنت واقفٌ في غرفتكَ
خلفَ زجاج النافذةِ المغبش
في الدور الأخير وحدك – صامت
لا تردد أغنية الصباح الأثيرة
تدعك عينيك بباطن الكف
وتزفر – غبش جديد للزجاج يضاف
فتدعك عينيك
وتواجه نفسك بالحقيقة – ثانيةً
الشتاءُ يفجؤك.. .. .. وحيدًا
فافتح نافذةً وبابًا
لن تسمعَ غير موجات الأثير
المتقافزة من صندوق بلاستيكي
ولن يدقَ الجرس..
أول الخارجين للشارع
ريح باردة رخية
تدفع أمامها بعض الورق
وتعابث المناشر وأفرع الشجر الواهنة
وتصفر وحشي هذا اللحن الممل
كمواء القطط وعواء الجراء أو
صباح الخير – تلملم بقايا طقوس الليل
المكرورة – وتطوى ثوبَ الشارعِ
الداخلي – عريان أنتَ يا شارع في
ثوبك الخارجي.. .. .. !!
منذ ليلتين وهذا الإلحاح النهاري يطاردكَ
وكل الأشياء من بين يديك تسقط
"حتى لو احتضنتها بقوة.."
تشعرُ بماء وجهك يكاد ينسكب
ومرُ القهوة لا يغنيكَ
عن النهضةِ في الغفوةِ بين
رؤيتين.. .. ..!!
ويمددُ أعضاءه باتجاهات شتى
وينطق بلغته للأجناس..
بين همسٍ وهدرٍ – وسكنةٍ مفزعةٍ
وقد يقيئ – من شده انفعاله – أو يقتم لونه وعلى
قدميه تنتحر من أعماقه كائنات.. ..
لا يجب أن تتعرى في هذا الطقس الثلجي
وصدري بعدكْ تلتئم جراحه – ولا
تلتجئ لركن الغرفة .. لتقبعَ وتزوم
متمصصًا إبهامك شرهًا شاردًا.. زائغ النظر
المطر
فجأةً
يسقط – نيئًا –
والريح تحك بالحيطان
وفي المنحنيات ومسدود الدروب
تتكوم – كومةً من جائع القطط..!!
وكلُ ما امتط على الزجاجِ
وشكل كائناتٍ عجيبةً
لها عليك سطوةٌ – وبكَ منها بقايا إيقاعٍ أليف..
كانت قطراتُ ماءٍ وبعضَ ما حط من أتربةٍ
.. كائنات عجيبة – علقت بهدبكَ –
ولم تزلْ – على أملسِ الزجاجِ
تنزلقْ.. .. .. ..!!
ولما تشاغل الأرواحَ بسر في المدى مخبوء
وتسكب الماءً المملح وذائبَ الذهب واللجين
على عار الجسد – والعيون .. .. . والأفئدة
تغامر بالطلوع على دقاق الكائنات والسجود على
خرب الصدور.. وقد تشعل نارًا أولًا أو ثانيًا
لكنك دائما تحفظ للجرح نكأه.. .
هكذا أصبح من الثابت أنكَ واحد
في خلوتك تضفر الهواء والماء
وتنضج ما ترآى لكَ من خلقٍ .. فخلقتَ – على
صهدِ الجسدِ..
وقد يتلصصون عليكَ ويتغامزون أو
يتبجحون وبسباباتَ شائهةٍ يشيرون – نحوكَ
ما دنت أنفاس ولا شغل سبحك العظيم جسد – ولما
تتنكرُ في متغير الشكل وتنزل بينهم متوددا كقطٍ عجوز
تفضحك سيمياؤك من رعشة الكف وغضة البصر
وأشياء فيك مؤكدة.. .. .. .. .. يفزعون
وينهش كائناتك ملحٌ شره وحصى نهاش في
الهمسِ ونظرات العيون .. ..!!
هكذا كالصدأ أعضاؤكَ بين صعدةٍ وهبطةٍ وتحويم..
وما كشفتْ لكَ من مخبوءات إلا وأغوتكَ
بمخبوءات أخرْ..
وهجٌ يخبو ويتوهج – يخبو ويتوهج
جمر في موقد والنفس الآخر ينفخ – فيكَ – منه
فتقوم من عثرتك .. .. . وتحترق..!!
ها هم يسبحون بحمدكَ ويسجدون
على شفتيكَ يتوسلون.. وكل الأشياء أقرب للزوال..
دخان يطلع من الأركان يحمل أطيافًا لها
رائحة احتراقك وصوت الأنين – يرجفون وأعضاؤكَ
تأخذ هيئةَ منفلتٍ من فخ الدببةِ وتنتثر صعودا
فيخمشون الوجوه والصدور نازعين الأضلاع
سلمًا – ويقذفونكَ بالحناجر والقلوب – ربما
.. .. .. .. .. .. ..                ويسقطون
ملايين الصدور – الآنَ – لا تكفي
فأوح لهم ببعضِ كلامك
وتجلى لهم من حين ـــ لحين..!! ــــ
ويتلهى .. يقتل الوقت بإطلاق السحاباتِ
فوقه مرفرفات ويزاوج بينها كيفما شاء
كائنات – إليه تعود ما – بالملح يقيه زحفةَ
العفنْ – ولما يخشه النمل من حيث لا يحتسبْ
يسقط فيه تاجه داميًا – ويبسط حوله أسودا –
ويتعبد – وأعضاؤه من حين لآخر في العتم تمتط
لاطمةً سكنة الصخر – وقد تجاوز للذين
عليه يدعون .. .. ..!!
ثمَ إنكَ تلوح ظلًا يترنح بين أرضٍ وسماء
كنبتٍ تمنى الماءَ قطرا.. ففاض عليه
فما انجرفَ وما نما..!!
تقف خلف الزجاج باسما
والذين قد خلقتَ يمرون عليك كأنما
ويتلصصون ويهمسون أو ربما
يشخصون إليك فيرجفون مثلما
قلبك.. كفيك وجفنك كلما
أمتَ خلقًا – وخلقتَ ميتًا
لحنًا مسائيًا تردده حسبما
ترآى لكَ وهم يسيرون على شفتيك
……………
………………
    فقمْ ..!!


أول الماء أول العطش..!!

ويكون الماء سرًا كامنا فيك – لا يبين..
يملك عليك أعضاءك – وينفرط – فوقه
الشموس عالقات – ومُبتغاك شط – تُلقى
عليه.. وتستتر – حتى خروج ظلك عليك –
والكائنات ماء..!!

-1-

وتكون..
آخر ما يدركه العفن
في أوصال الجسد..
وأول منْ يمعنُ في انسراب..!!

ليست تلك أول الهدءات التى تنتابك
ولا آخر انفلاتاتك ـــــ غدًا..
لكنك لما شددت القبض على الهواء
وامتنعتَ عن الخفق..
ظهرت عليك علامات جديدة
وتفتحتَ على كائنات عجيبة..
أعرفُ..
البحر يقولك كل يوم في هديره
ويحضن – بك – الصخر – أمنية قديمة
ويسرُ لزبده – أن كُن عرائسًا – للفتى
الظل قد علقْ – وتكون في الزبدِ
وفي عراك المواسم على الرمل – الموج
واتجاهات المهاجر من الطير..
مستحيلًا..!!
أعرفُ..
سرًا أودعته النهرَ من قدم..
وكيف يخرجُ – من أمكنةٍ شتى
بليل – أخضرَ.. فواحَ الرائحة – ينتثر
مع الخفقات – لامعًا– في مفتوح الحَدَق
و الأكُف الراجفة ـــــ كلامًا
حتى قطر الندى – اللاهب
ورشقة من ذهب – في ظهر
بلا جدار ـــــــ كلامًا..!!
وتكون..
في هدأة السريان – حينًا
وفي غضبةِ الفيض – أصمتَ
من حصى – في الجوف قرْ..!!
وتكون..
كوابيس – في مرقدٍ وسيع
ألسنةً – عليها الأسنان تكز – دمًا
تقطرْ ـــــــــ وكلاما..!!

-2-

وأقرب إلىّ – أنت في الشبه
وأبعد ما تكون – عني
في الوجع
الطالع
دائمًا
علي..!!
وأقول – أنا طيب وجميل..
ولست كبقية الخلق – عادي –
آخر منْ كان ماؤه مالحًا
والحصى في طينه – كامنًا
وأولُ منْ لوْ تحوله النارُ إلى فخارٍ
يصلْ..!!
أنا – ذات مكتمل
كنبت بري
بجدب – أبدْ
طالع علىَّ الظمأ
وإقامة الشمس الطويلة
- في دمي –
أحالت أنسجتي رمادًا
لا يحفظ أثرًا لمن مرْ..!!
وأقول طيب وجميل
موزع عليكم في الخفاء
وفي النماء منزوٍ
تحت جميزةٍ ونخلةٍ حمراءَ البلح
أحافظ على إيقاعي الداخلي
بصدى الصوت
العتيق..!!
- طيب –
الأطفال على تلتمْ
وندخل عالمًا – لنا
وكنا نفضلُ الليل بلا قمر –
ونزاحم النجوم في السماء
وقد نرشرش على الناس
بعضَ فَرْحِنا..!!
- طيب –
وما نمتْ في الفم أسنان
 إلا وعضتني..!!
- وجميل -
نتف من الزغب
تغطي جسدي
وهالة من النور
برأسي تحيط
وأخطو بينكم
أعبر في الأجساد
كيفما أريد
كيفما أريد
لا أكون بينكم
أريد
أكون
بينكم
ــــ جميلًا ـــــ
وجهي بلا ندوب
من رشق العيون
وجسدي
كشلال ضوء
- أخاف العفنْ -
- وجميل -
كأشباح تداعب أقدام الصغار
وتدخلهم في غبطةٍ سادرة
والحدق
على آخره
متسعْ ..!!
- وجميل –
كمتعة
بغير
ذنوب..!!

-3-

وقد لا أطيق – منكَ – فعالًا
وسوف لا أستطيع الارتجاع
وجسد الفتى
كله طعان..!!

أو – نبدأ من جديد..
يروح من بال الفتى أنه مخلوق
وأنه قد رأى كيف يموت الصغارُ
رعبًا – وكيف ينهش الصمتُ
عقولَ الكبار – ويرى
الناسَ في العراء
بلا بيوت
وأنه يموت
إهيء – إهيء
سوف يموت
- إهيء –
يموت..
.. ..
كأنه – عادي –
يُهال عليه التراب
ويعدْ ..
وليمةً للدود والعفن
يتشح منْ أحبَ بالسواد
وجسده يلفُ في أبيض الكتان
كأنه – عادي –
.. .. .
أو – نبدأ من جديد..
والقلب مفتوح
على الجسد
يعرف كيف يصوبُ الكرةَ
نحو مرصوص الطوب
وكيف "يبك" الدم
من منحوت الحجر..
(لو أملك قلبًا يدقُ مثل الطبل..)
وقلب الفتى ليس كقبضه
وصدى صوت الصغار – فيه –
لا ينقطع ـــــــ آهـ
قلب الفتى ليس كقبضه
ودوائر الماء – فيه
تضيق وتتسع ..
ويفقد
أطفالًا  كثيرين
في الدوار..
الفتى
قلبه
ليس كقبضه
فما رأيت
له
والله
جدار..!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القصائد مكتوبة في الفترة من 1990-1992
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads