الرئيسية » » لَستُ دِينَاصُورًا | رفعت سلام

لَستُ دِينَاصُورًا | رفعت سلام

Written By كتاب الشعر on الجمعة، 31 أكتوبر 2014 | أكتوبر 31, 2014

لَستُ دِينَاصُورًا، لاَ وَأَلفُ كَلاَّ؛ لَستُ هُولاَكُو ولاَ هِتلَرَ، لاَ الحَجَّاحَ لاَ مُوسُولِينِي ولاَ بِينُوشِيه(1)، أَنا أَصلُ السُلاَلَة، وَالكُلُّ ظِلاَلٌ بَاهِتَة
أَنا اللَّحظَةُ المَارِقَةُ الفَالِتَـة
استَعَارُوا قَامَتِي وَسِيرَتِي، سَلَبُونِي مِنِّي، وَارتَدَوْا قِنَاعِيَ الذَّهَبِيَّ فِي غِفلَةٍ مِنَ الزَّمَن
وكُلُّ غِفلَةٍ : مِحنَـةٌ
كُلُّ مِحنَةٍ : مِيتَـةٌ
وَكُلُّ مِيتَةٍ : صِرَاطٌ وَأَسَـن
سَرقُوا مِنِّي القَامُوسَ وَالأَبجَدِيَّةَ(2)، عَرَّوْنِي مِنِّي قَبلَ حُلُولِي، وَسَبَقُونِي إِلَى المَدَائِنِ المَنذُورَةِ لِلنَّارِ، إِلَى القُطعَانِ المَنذُورَةِ لِلسَّفكِ، إِلَى السَّبْيِ وَالهَتكِ، إِلَى الآيَاتِ المُحكَمَاتِ مِمَّا لاَ عَينٌ مِن قَبل رَأَت، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَت، ولاَ خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَر
وَجهِي : قِنَـاعٌ مِن حَجَر
لاَ يَبلَى، أَو تَتآكَلُه العَوَاصِفُ، مِن حَجَرٍ بَازَلتٍ (شَقِيقِي وَخِلِّي الوَفِيُّ، لاَ أَعرِفُ سِوَاه، لاَ يَعرِفُ سِوَاي)؛ لاَ تَعرِفُ وَجهِي المَرَايَا ولاَ الشُّمُوسُ، جَسَدِي قِنَاعِي، وَرُوحِي وَردَةٌ شَائِكَة
وَردَةُ الأَسَـنِ الحَالِكَة
فَلاَ تَقرَبُونِي،
لاَ نوَافِذَ لِي، لاَ أَبوَاب.
كُلِّي أَسوَارٌ مُدجَّجَة،
حُرَّاسُهَا مُشهَرُون، لاَ نومَ لاَ سَهَر.
فَابتَعِدُوا، ابتَعِدُوا
سَأمِي أَزَلِيٌّ، أَبَدِيُّ،
وَأَنتُم : المُنَاسَبَة.
لاَ حِيلَةَ لِي، خَاوٍ مُترَعٌ، يَقُودُنِي مَلَلِي إِلَى الحَافَّةِ، أُدَاعِبُهَا، أَلهُو بِهَا بُرهَةً، أَتَحَسَّسُ نهدَهَا البَضَّ، أَدُسُّ الأَصَابِعَ فِي المُنفَرَجِ السَّاخِنِ البَلِيلِ، لاَ تَنبِضُ الشَّهوَةُ فِي عُرُوقِي(3) (أَينَ وَلَّت؟ مَتَى كَانت المَرَّةُ الأَخِيرَة؟ أَيُّهَا العَدَمُ ، أَيُّهَا اللاَّ شَيء)؛ غُبَارٌ لاَذِعٌ يَسُدُّ الأُفقَ وَالعَينَين وَالأَنفَ، يَملأُ الشَّرَايِينَ المُعتِمَةَ، وَجَسَدِي قَشٌّ وَتُرَاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نُسخَةٌ- طِبق الأَصلِ، تَقرِيبًا- مِنَ "الدِّينَاصُور الأَخِير"، البَربَرِيِّ الأَخِير، هُولاَكُو الأَخِيرِ، وَعَيدِي أَمِين الأَخِيرِ، آكِلِ لُحُومِ البَشَر. لمزيد من التفصيل، راجع: رفعت سلاَّم، حَجَرٌ يطفُو على الماء، دار "الدار"، القاهرة 2008، ص 24.
(2) كُنتُ فِي الأَربَعِين، حِينَ حَلَّ الوَحيُ، فَأَملاَنِي القَامُوسَ وَأَلَّفتُ الأَبجَدِيَّةَ، أَنا الأُمِّيُّ الجَهُولُ، فَاتِحَةُ السُّلاَلَةِ الجَهَنَّمِيَّة.
(3) أَصَابِعِي كَانت جُندِيَّ الاستِطلاَعِ الأَمِينَ لِلشَّهوَةِ الغَابِرَة، بَينَهُمَا خَيطٌ مِن كَهرُبَاء. وَالجَسَدُ مُشهَرُ الدِّمَاء.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads