المرآة.
بقعة فارغة أخرى..
أجلس في منتصف البقعة الفارغة بحجمي، على كرسي خشبي مزعج، بين البرهة والأخرى ألتفت؛ وكي لا يظن بي مسًّا لم أخبره أنني أشعر أن المرآة التي أستند إليها تتنصت علينا، كنت أطيل النظر فيها، لا لأراني، فلم أكن أراني، لكن لأُعلمها أنني أراها، وأعرف جيدًا ماذا تفعل. نظرتْ المرآة إلى الجهة المقابلة، إلى إطار مُعلق على الحائط، أمعنتْ كأنما تتجاهلني، ثم قالت: لو مدّت الروح يدها مُدي يدكِ.
لا شيء حولي؛ حتى الهواء انسلّ والزمان، لا يأمن الزمان الأماكن القديمة، لأنها تعرف أسرار صباه؛ خياناته والندوب التي تخبؤها الملابس؛ لا وجود للزمان في ثنيات الخشب العتيق، هرب من هنا، لم يكن ينقص إلا أن يغيب المكان أيضًا، سيغيب كل شيء ويظل ذاك الألم في جانبي رأسي، وخزٌ مستمرٌ في إخباري أن البقعة ليست فارغة تمامًا، وأني مازلت على قيد الحياة، وأن الروح الجالسة في اطمئنان يثير الغيرة، نعم هناك؛ قريبًا جدًا، على حافة البقعة الفارغة، ممتلئة بالحياة.
