الرئيسية » » الشافعيّ | أمجد ناصر

الشافعيّ | أمجد ناصر

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 12 أغسطس 2014 | أغسطس 12, 2014

الشافعيّ

(إلى صلاح الحباشنة)

I

واحدٌ،
ليسَ أكثرَ من رجلٍ واحدٍ،
ولكنهُ عالياً كانَ
منتشراً 
كالجبال التي حدَّرته إلى السّهل،
كان عصيّاً
ومحتدماً مثلَ صخرِ الجنوب.
جموحاً 
ومنبسطاً مثلَ خيِّلِ الجنوبْ.
إنه الشافعيُّ.
راكينُ (1) هبَّتْ على فرعه
مثل غصنٍ من النار
نادتهُ نسوانُها الحاملاتُ
ملابسَهُ الدامية.
يا عريسْ
أنتَ يا زين الشبابِ،
عُلّيةُ الدار
يا قمرْ ما غابْ عن بير الكرمْ
ولا خلا الحجارْ.
الآن تأتي مثقلاً بالثلج والنوار.
II
كان "جلعادَ" (2) يدنو من السّهلِ
يدنو من العشب.
إنّ السماءَ (وننظرُ)
تلامسُ لينةً رأسهُ المرتفعْ
فيهجسُ مؤتلقاً بالأسى
والخطي تهبطُ الصّخرَ
نازلةً للقرى
(فقدنا التجمُّلَ بالصبرِ
حين فقدنا الغصون)
والشافعيُّ،
تسامقَ واحتدَّ
في هيئةِ الحَورِ
وارتدَّ نحو الجبلْ.
هتفتُ به:
ـ ليتَ أن البلادَ التي بينَ عينيكَ،
تعرفُ أسماءَكَ القروية
أسماءَ أشجاركَ المائله،
على أنه ماثلَ الصخرَ في قلبهِ
(كان أيضاً وديعاً وسهلاً)
فخاطبني وهو يتركُ للرِّيحِ قامتَه الناحله
ـ عاودِ الرقصَ يا صاحبي
وترفّقْ
بأغانيكَ والشِّعر،
إنك للسهلِ
لكنني للجبال التي أتبينُ أطيارَها
مثلما تتبينُ وزنَ القصيدةِ،
يا صاحبي،
حين يدركُ عشبٌ خطاكَ اتئدْ
وامش هوناً على أختنا الأرضِ.

III
أيها الشافعيُّ،
ويا واحداً راودتهُ المقاهي طويلا
ويا واحداً
راودته النساءُ نحيلاً
ولكنه ما أنثنى
حسبُك الآنَ
أنْ تبتني نخلةً من حديد وماء.
نخلةٌ في يديكَ
نجوةٌ من عصورِ الهلاك.
حسبُكَ الآنَ أن تشتهي لغةً لنُحاسِ الوطن هكذا..
نشتهي لغةً من نُحاسٍ ونُهملُها
نشتهي وطناً مِثلَ جلعادَ يوماً
ونهملُ أشجاره في الغداةِ
نشتهي امرأةً من "مؤاب"
ونجهلُ من أين يفجؤها الطلقُ.

IV
سيّدي
أيها الشافعيُّ
إذا غادرتني يداكَ
وغادرتني نخلةً للسماءِ،
فما زال جلعادُ أرضاً لطيرِ الجنوب
وما زلتُ أعرفُ أسماءَ هذي القرى.

عمان -
6/1977
_________________________
(1)راكين: بلدة في جنوب الاردن.
(2) الجبل المعروف في بلقاء الاردن

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads