الرئيسية » » تدسُّ في يدي ليلاً أقـل | نجيب جورج عوض

تدسُّ في يدي ليلاً أقـل | نجيب جورج عوض

Written By غير معرف on الاثنين، 20 مايو 2013 | مايو 20, 2013


تدسُّ في يدي ليلاً أقـل
                   (الحمرا، Costa Café )



                                               
أن تجلس في الصباح لتحتسي القهوة
وتقلـّب الجريدة وأنت تضع رجلاً على رجل
وتـنقر رأس السيكارة بالمنفضة
لا يعني دوماً أنكَّ من عشاق بيروت
بل ربما تتـناسى أنك تعيش فيها.

على كل حالٍ،
قد لا تميزها في غطاء وجهها الجديد
وقد لا تسرق أصابع يديها الغافيتين في الكفوف
من عينيك التـفاتة.
في ضوء النهار المندحر على الكتـفين الذابلتين
ستظن أنَّ الجالسة في صمت الحشمة مدينة أخرى.

مازال العاشقون يحفـّون أرجل بعضهم تحت الموائد 
ويعانقون الأيدي بشبقٍ كسولٍ في المقاهي.

مازالت مخيلات أنصاف المثـقفين
تخط كلاماً منمقاً في الهواء وتدعو الثرثرة شعراً.

ومازال كل من يزورها
يتأمل بشيءٍ من الدهشة حيادية الأبنية.

ولكن، فـشل الكثيرون بإقناعها
أن لا تصير امرأةً كتومة
يغصُّ قلبها بالفراغ.

بيروت،
من أقسمنا لكِ بالحب موتاً
تركتِ في حجراتـنا أقلاماً وأوراقـاً مبعثرة،
مصباحاً نصف منارٍ،
حذاءً وسخاً نصف مقلوب،
حمالة صدرٍ ترقد على السرير كجثة
وخرجتِ إلى الشوارع تـفتـشين، كما زعمتِ،
عن نفسكِ وسط أكياس الزبالة.

على كلِ حالٍ، نعلم أنك لم تعودي إلى حجرتـِك:
عبرنا حواجز الأمن لنرمقكِ بنظرة
وحين وصلت رائحة خياناتـنا إلى أنفكِ
بصقتِ على الأرض ومضيتِ.

لا الجاز الشرقي الصاعد مع أنفاسِكِ
لاالتهيؤات اللذيذة
حين يلفُ الغنج حولَ جسدكِ المبلولِ بالبحرِ المنشفة،
ولا فيل عجزنا،
الذي نزعم كل مرة أننا هزمناه
وأدخلناه من خرم الأبرة،
لن تمنع تبدلاتـكِ المفاجئة
من النباح في وجوهنا ككلبٍ جائع.

على كل حالٍ
بعد دقيقة أو اثـنتين على الأكثر
سأكون قد أنهيت هذا القدح المر
دون أن تدس بيروت في يدي ليلاً أقـل.   
     

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads