(3)
أرفع الصحن الذي وضعته جدتي منذ فترة على النار
أواصل اللعب في شعر أمي
أربطه لها في شكل حدائق وضفائر من النور
يمكنها أن تذهب بها فقط إلى النوم.
ثم أعود
مستكملة النعاس الدافىء الذي بدأ على صدرها
متلعثمة كأني حرقت للتو
أحاول أن أحكي لها عن الأشياء التي تشغلني
صوت الطائرات التي تضرب في أذني
كيف أحب أن اتابع وجوه الجالسين لحظة متابعة الفيلم.
عندما تظهر القبلة على الشاشة
يمكن للواحد اذا أرهف السمع جيدا
أن يعرف أن حركة ما بدأت تسري في
المكان
حتى وان ظل الجميع جالسين
لم يتحرك أحد.
في الصباح، أخرج لأخذ الخطابات من ساعي البريد
وأنا أفكر
من الذي سيرسل أية رسائل إلى تلك
العائلة الخارجة عن العقل
يمسك بي رجل البريد
من خدىِّ الذين عرفت محبة أمي كيف تحشوهما
ليقبلني فجأة
قبلة لم أجدها في أي فيلم كان
قبلة ظلت دوما في ذاكرتي باردة
تافهة.
فكرت دوما أن المحبة عند الرجال شيء بعيد عن شرفتي
أعرف أن الرغبة فيّ كانت مستمرة منذ الصبا
كلما جلس أستاذي بجانبي
بدأ صوته يتهدج وهو ينطق الكلمات
كنت أفكر لأنه فقط يدرسني اللغة الانجليزية
أنه من الممكن أن تكون هذه هى طبيعة بعض اللغات
نهاية بكل الشرور التي ظهرت في كل مراحلي.
الحمدلله أني لم أذهب كثيرا إلى المدرسة
لم أتلق الكثير من العلم
لكني فيما يخص القبلة التي شاهدتها
مازلت أحفظها عن ظهر قلب
ويمكنني أن أخبرك عنها
الكثير من الأشياء.
