أمشى بكل هواجسى
والشوارع مزدحمة ،
حتى أن الحياة صارت هوة فارغة :
نريد أن نستخدم الحدس
لأننا نحس بخسارة العمر .
على مقعد المترو المواجه
امرأة أنيقة تبكى
بحرقة ، وبدون شهيق .
قرب مدخل الغرفة ، أشعر بأن العالم يسخر منا
أحس بالدوار ، وتنتابنى مشاعر الرغبة المؤجلة
هل يمكننا بلوغ الغاية ؟
أريد أن أندمج بذاكرة الحواس
وأن أغادر الوقت بحزن الألفة ،
والمرأة التى تبكى فى المترو ، متصلبة النظرة
ولكن الدموع تتساقط ، حتى شوهت مكياجها الخفيف
فهل تزعزعت اليقينيات السائدة
وهل الحيطان تتكئ إلى أحزانها
بينما النوافذ مغلقة طوال العام .
طفل يقطع الطريق على المارين ، وفى يده مدية
فهل يمكن أن يتحول كل شىء إلى مهزلة
أمام الأبراج التى تكدست فوق الزمن .
إننى أبحث عن المعنى
مثل هؤلاء الذين يبحثون فى جيولوجيا الكريستال
أحرك المكواة للأمام وللخلف ، فوق صدر القميص
ولكن المرأة الباكية فتحت حقيبتها
وأخرجت منديلها
لتمسح أسفل عينيها
وتمرره على خديها البضين .
أريد ما يشبع جوعتى
أمام بقعة الشمس على أرضية الحجرة
فأنا لا أعرف أى شىء ، إلا الطشاش
أجئ عارماً , أمس بؤرة , وأنأى
والدوائر الحلزونية من حولى
فهل الإنسان مفتعل أزمات ؟
هذه ذكرياتى أمام الباب المتداعى ، والجدران القديمة
والدوامات المتصلة لا تفضى إلى شىء :
لم تتوقف دموع المراة
والغائب حاضر
والحاضر غائب .
الصور المضببة غير واضحة المعالم
دائماً أمامى ، وفكرتى :
مثل فراشة تتماهى بالمدى
بين غفوة العين والحلم .
الضوء المنحنى على جدار البيت المقابل ، يختفى
وأحس بالكلى منتفخة ومزندة
وتبعث لى ببدايات الألم
فأرفع الصحف المكدسة ، المغطاة بالتراب
لأعلى المنضدة ، ثم أهمس لذاتى
لقد نبا بى الدهر
بينما أعلق قلمى بين أناملى .
الدلالة تتفجر
تماماً مثل الصخور التى تتكسر
عندما تشدها الطبقات الأرضية :
أسلحة ، ورصاص حى ، وخرطوش
والحوائط البشرية سدت الميدان .
الجسم قائم والحزن منفرج
وكل إنسان متروك لمصيره
ولورطة الوجود الشخصى ،
وياللحوسة التى لا أخرج منها
بينما الأشعة الكونية أحزمة ، تلتف حولنا .
إنهامدينة الخواء :
الشمعدان الفخارى الذى لم أعد أستخدمه
يرمز للموات ،
وعندما نزلت المرأة الباكية من المترو
اتجهت فى زحام الرصيف
نحو الباب الخارجى
وأنا ظللت أراقبها
حتى اختفت تماماً بين العابرين .
لايزال شعاع الشمس يتسلق المبانى
على امتداد الأفق
والحزن يطبق على ضلوعى
وأنا أعبر الزقاق القديم .