الرئيسية » » عملية جراحية | هبه عزت الهوارى

عملية جراحية | هبه عزت الهوارى

Written By غير معرف on الأحد، 31 مارس 2013 | مارس 31, 2013

 عملية جراحية  | هبه عزت الهوارى



كان مهيمناً على البراح ، حضوره يثقل الهواء و يملأني ظمأً للركض ، لم يكن يدرك كم القضبان التي أفتتها ، لم يكن يعبأ بالزقزقة و المحاولات الحثيثة للتحليق ، طيور البيت حولنا و تحت قدميه ، و العمل لا ينقطع ، عله يرضى ، كان متكئاً في الظل يتنشق الريحان ... نسائم البساتين اليتيمة تؤنس وحشتها و تلثم مقلتيها الشاخصتين في عتاب أبدي ، لم نكن نجرؤ على مقاربته ، إبريق الماء البارد و التفاحات و فرش المنضدة المضيء و الكنبة ذات الكنز و الأرجل الكروية ، لم يكن جدي ..لكنها أمرتني أن أقول له يا سيدي ، كان أبوهما صاحب كل هذا النخل ، كان النبيل يمتلك المروج المحيطة بالبلدة و يحصد خيرها كل عام ، منذ مات لم تهنأ قط ، راح طعم الفاكهة و زهدت فرحة الغدو و القطاف ، باعت ما تملك رغم إرادتها ؛ فالبنت لا تمتلك فتأتي بغريب في وسطهم ،ماتوا و مات الغريب ،و لم يبق إلا ظل سطوته و ميراث رفعته الزائفة ، كان رجالهم بيض شقر ملونو الأعين ، و النساء لا ، كانت تأخذهم العزة في خواء متجبر ، انسكب العصير .. لم يهتز ..نادى بكسل ...يااااابت ...لم أشأ لها أن تخفض رأسها أمام أفضليته الكاذبة ، انحنيت أنظف الخلاصة المهدرة ،تركتها تطعم الذكر المنتفخ ، و تدس للديك الحبوب بكرم قاتل ، كاد الديك يختنق .. أنقذته في لحيظة ؛ شقت حوصلته بشفرة فاستفاق ، ثم رتقتها بخيوطها الساحرة ، أتوا و تحلقوا حوله و ظل يعدد مناقبه و يفخر بما ليس فيه ، كان دأبها باهراً ..و صبرها جسور ، كانت إبرتها تحفر بئر طموح خلاب ، تطرز و ترسم و تبرق الأشياء من مس يدها ، تزهو بالماكينة "السنجر" و تقول دي ست الماكينات كما قال عم فانوس ، تتمايل و هي تتمتم بالذكر و تحتفي بالشمس ، يهتز قرط الياقوت الأحمر ، تفرح و تلمع عيناها حين أخبرها بتكتكة القضبان النزقة و هزهزات كابينة الوابور ،  تزغرد بالصلاة على النبي و أنا أصفني أرفرف عند البحر ، لم تستمع لتعبي قط ، تحدق في حدة و تهمس في غلظة آمرة ، فيك عينان و رأس ، لا تتوقفي أبداً ، كانت تحمد الله حين أصف مكتبي والنيل و أنني قابلت الكبار على حداثتي ، كانت تتنفس و يستقيم عودها الضئيل و تطول كواكب السعد و هي تحتضن وجهي ..لم أر في جلوتك عروساً يا بنت عمري ، كنت أهابه و لا أحبه ، كان لا يفهم سر طيراني ، و ظل انعدام الرضا رفيقنا المقيم ، لم أشأ هدم الوثن الجعجاع ، لم أشأ تكذيبه أمام الناس و هو يقسم برب البيت أنه من أجرى العملية الجراحية للديك الرومي . 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads