الرئيسية » » حين تأتيني العربات محمّلة بجثَّتي... محمد أنوار محمد

حين تأتيني العربات محمّلة بجثَّتي... محمد أنوار محمد

Written By غير معرف on الأحد، 31 مارس 2013 | مارس 31, 2013


حين تأتيني العربات محمّلة بجثَّتي...
                                                              محمد أنوار محمد


حين تأتيني العربات محمّلة بجثَّتي...

تقْصِدُنِي عَرَباتُ العَوالِم القَصيَّة. تقْصِدُنِي مُحمَّلةً بِحَصادٍ صاخبٍ وقَصَائدَ خَالصَة. إلى متَى لَا أُصَارِحُها؟ لَا تدْري أنّي منْ يُصْدِرُ أمْرَ أنْ تقْصِدَنِي. وأنّي في الحقيقة منْ يقْصِدُنِي. أُلَاعبُني. ومَنْ يسْتطيعُ أنْ يُقْنعَنِي أنّي كنْتُ جادّاً حينَ أمرْتُ سَرائرَ وجْهي بالابتسَامة؟ أنا رَبُّ العَرَبات ومُبْدعُ العَوالِم البعيدَة. لكنْ إلَى متَى لَا أُصَارحُني؟ إلَى مَتى؟ إلَى مَتى؟ لنْ أرْتاحَ إلّا حينَ تأتينِي العَرَباتُ مُحمَّلةً بِجُثَّتِي.

لماذا؟

لماذاَ أُقطّرُ كَلماتِي منْ غَاباتِ السُّحُبِ، لَا الإسْمنتْ؟ لماذا أعْصِرُ مع المفْجُوئين خَمْرَ ومَجازاتِ العالمْ؟ لماذا أنا شَاعرٌ عَمُوديٌّ، لَا أفُقيٌّ؟ لماذا أنا مدْفونْ، في حَرْف النّونْ؟ لماذا لَا أنْبتُ إلّا في مَرْج اللّيلْ؟ لماذا صُحْبةُ الرِّيحْ ؟ لماذا الزَّلَازِلُ لَا تُخْرِجُ أثْقالي، والبَراكينُ نائمةٌ في أوْصَالي؟ لماذا أجِدُ كَلماتي مُبلّلةً ومُلتهبةً في ذَات الآنْ؟ لماذا الكانُونُ لَمْ يَفِضْ بعدُ بالطُّوفانْ؟ لماذا لمْ يَحْتفلْ بي أصْحابُ التّيهِ والغَيِّ في الودْيانْ ؟ لماذا على الأقلِّ لم يحفرُوا قبْري؟ 

طوبى للمفجوئين

فتحتُ طريقاً في غابةِ ضوْءِ لَمْبةٍ قَديمة: كنتُ أربِّعُ جِلْسَتي، وسيرة الحِمْيريِّ على الحصيرَة، وعيني دامعَة منْ دُخان الفتيلةِ. الخيالُ حُفرةٌ في الرّأس تكْبرُ حتّى تُصْبح باباً إلى الجنونْ. أصِلُ دائماً إلى البابِ، لكنّي أعُودُ. كثيرٌ منْ أسْلَافي وصَلوا ولم يعُودُوا. فطُوبى لَهمْ، طُوبى للمفْجُوئين.

أمام الموت...

نَنظرُ إلى الموتْ. ندْفنُ في عُيوننا نفسَ الشّيءْ، ونحرثُ مَراثينا بطُرقٍ مُختلفة. أمامَ الموتِ أفضّلُ الصّمتَ، والنّظرةَ الباردةَ: نظرةَ الجبَل إلى قتلى حُرُوبٍ حِذَاءَ سُفوحِه على مرِّ التّاريخْ، نظرةَ المياه العَميقة إلى سُفنٍ مُستقرّة في أحْشَاء البحر، ونظرةَ الرَّضيعِ الغامضَة إلى فَراشة مُعلّقة في سقْف البيتْ. 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads