الرئيسية » , » أَحتملُ الوُجود | محمد أنوار | العدد التاسع عشر | كتاب الشعر

أَحتملُ الوُجود | محمد أنوار | العدد التاسع عشر | كتاب الشعر

Written By غير معرف on الأحد، 31 مارس 2013 | مارس 31, 2013


 

 

 

 



1-  أحتمل الوجود.............................................................................3
2- هكذا أنا....................................................................................7
3- سخرية....................................................................................12
4- صديقي العزيز.. وبعد.....................................................................16
5-  أرض ما.................................................................................21
6- رقصة الطائر..............................................................................25
7- القصيدة..................................................................................28
8- المنفي.....................................................................................33
9- لغير الشعر لا.............................................................................35
10- مشاهدات..............................................................................42
11- كلام...................................................................................44
12-  وقفة الثمالة............................................................................47
13- عمدا نسيت على حبة الرمل وجهك.................................................... 50
14- إرهابي................................................................................. 52
15- عادة النار............................................................................. 55
16- حين أصحو دون جينوم................................................................ 59

 










أَحتملُ الوُجود







تَسْتاءُ منْ وَجْهي السَّماءُ
كَأنَّ رَايةَ شَاعرٍ
رُفِعَتْ على أنْفي
كَأنَّ حُروبَ أفْكارٍ
تُحاكُ عَلى الجَبينِ
كَأنَّ شَيْطاناً رَفيعَ المُسْتَوى
وَسْطَ العُيونِ
كَأنَّ أسْئلةً بِزَيٍّ عَسْكريٍّ
في دَمي تَغْلي..





أرَاني شَارداً في الظِّلِّ
نَهْراً يَسْتلذُّ الحَفْرَ
أكْثرَ في دَم الموْتى
يُجيدُ كِتابةَ الآلامِ
في زَمنٍ
يُجيدُ حِياكَة الأوْهامِ
هلْ أرْجو العَمى
كيْ لا أَرى
كَوْناً بلا شَمسٍ
وليْلاً بارداً
شُعراءَ من طُوبٍ
وجمْهوراً منَ "الطَّابا"




وأحْتَملُ الوُجودَ
فلا عَلاقةَ لي مَع الأشْياءِ
لا سُحباً تُؤثِّثُ عُزلةً قُصوى
تُهرِّبُ بعْض أشْياءٍ إلى وطنٍ
تُمزِّق صمت جَمْرٍ
يَختفي فِي كَفِّ بُرْكانٍ
أنا لا أعْرفُ الطُّرقَ التي تُفْضي
إلى أبْوابِ مَدْرسةٍ
لتَعْليم الضِّياءِ
ولا أُجيدُ المشْيَ في كُتُبٍ
تَميلُ إلى البَياضِ
ولا أُراكمُ رغْوةً تُدمي فَمي...



طَبعاً سَماءُ اللهِ واسِعةٌ
سَأسْبحُ كُلّما حَان الصَّباحُ
وكُلَّما سَمحَ الجَناحُ
ورُبَّما أُسْدي النَّصائحَ
للْعواصفِ في الأعَالي
أوْ أبُوحُ لأيِّ مِكْنسةٍ
تَلُمُّ شَتاتَ أنْظارٍ وَأفْئدةٍ
لأيِّ قَصيدةٍ
تطْفو على سطْح الرَّمادِ
بأَعْمقِ الأَسْرارِ
أوْ أرْتاحُ في أحْضانِ صمْتٍ
لا أُبالي بالجحيمْ
بهُبوب إعْصارٍ
على وجْهي الكريمْ.

هكذا أنا...





جُبِلْتُ على الطَّيرانِ
فكيْف أطِيقُ التُّراب فِراشًا
وماءَ السُّفوحِ شرابًا
ومُغْتسل الأولياء شفاءً
وكُلِّي بُخارٌ
يَجوبُ السَّماءَ
وكُلِّي عروقٌ
من الكَلماتِ
تسيلُ بأمْري
وتَعبرُ كلَّ هواءٍ
وتسلُكُ كلَّ خواءٍ
وتُدركُ كلَّ خفيٍّ
فَأبْدو جَليًّا..






وكُلِّي صَهاريجُ ضوءٍ
وأفكارُ روحٍ مُزلْزِلةٍ
وسياطُ ضميرٍ
يسيرُ على ورقٍ
من غُبارٍ
يذُوبُ
و يُبْعثُ شعراً
عصيًّا على الفهْمِ
لكنْ زَكيًّا...











أنَا هكَذا
مُذْ عَرفْتُ
خزائنَ أرْضي
وليلَ نهاري
وبعْضًا
منَ الكَلمات التي تشْتهي
فرحَ الطِّينِ
بعضًا من الفَلوات التي أتحمَّلُ حُلكَتها
والرِّياح التي تتنفَّسُ من رِئَتِي...









هكذا مُذْ عرفتُ ينابيعَ شِعرٍ
و ما نَقَشتْ
في الكُهوف
وكفِّ الظَّلام
ولن أتبدَّل في لحظاتٍ
لها عرفُها
أو أُبدِّل يوماً
وقودَ الكلام
ولنْ أُبْتلى...







 يعلمُ اللهُ
كمْ طُرقاتٍ تُحمِّلني طاقةَ الدَّمِ
كمْ كلماتٍ تُكلِّفني شرفَ الفَمِ
كمْ حِكَمٍ أتلقَّفُ من قنوات التعقُّل
كمْ صدماتٍ
وكمْ لعناتٍ
وكمْ " قفزةٍ في الظَّلام "..
ولكنْ أَسيرُ بلَا عُقدٍ
فالسَّماء ستُمطرُ من عرقي
عالَمًا من شُموس...









سُخريةٌ


إنَّا فَرَشْنَا
للرَّتابةِ ليلةً كفَنا
سَكَبْنَا الماءَ
في الماءِ المثلَّج أَوْ سَبَكْنا
ثُمَّ ذُقْنَا أَوْ رَشَفْنا
ثُمَّ خِلْنَا الحَرْفَ
رُوحاً تحْتَهَا البِلَّورُ
وَالكَلِمَاتِ بِيداً
حَفَّهَا النُّوَّارُ
والمَعْنَى حِبَالاً
مِنْ خَيَالٍ بَاذِخٍ
يُفْضِي إِلى ضَحِكٍ
جُنُونِيٍّ بلاَ جَدْوى
إِلى سُخْريَّةٍ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ


منْ حَياةٍ حَيَّرَتْها فَجأةً
نَظَريَّةُ العُلَماءِ
منْ حِكَمٍ تَقطَّرُ
منْ فَم الطَّيَّانِ
مِنْ شَكٍّ تَجَذَّرَ
في اليَقينِ
منَ الخَطايَا
منْ دمٍ يجْري
منَ السِّيمرْغِ
منْ إبْليسَ
منْ طاليسَ
منْ هدَفِ القَصيدَة ذَاتها





إنَّا رُفِعْنَا أو تَرَفَّعْنَا
ورتَّلْنَا
تعلَّمْ كيفَ تُبْقينَا
على قيْدِ الكِتابةِ
دونَ أفكارٍ مُخدِّرةٍ
وكيفَ تُدوِّخ الألْبابَ
بالإيغَالِ في لُغةٍ مُقدَّسةٍ
وكيْفَ تُغادرُ الدُّنيا
بكَأسٍ لا مَثيل لها
وتَنفُخ في البياضِ
أَوامرَ التَّكوينِ
"كُنْ"
حرَكَهْ سُكُونْ
حرَكَهْ سُكُونْ

تَبدُو لكَ الأنهار
تحبكُ فرْحة َالطُّوفانِ
و الأسماك تُدركُ
كمْ جُنوناً في المعَاني
والكلام يعُودُ للمجْرى
بوجْهٍ أحمرٍ
مُسْترسلاً
الخَيرُ فِيما اخْتارَهُ الشُّعراءُ
هُمْ أدْرى بِما خَبِر الرَّمَادُ
بِما يَرى الأعمى إذا عمِيَ العِبادُ
بأيِّ نعْلٍ
تعبُرُ الأكوانَ فلْسفةٌ
وكيْف تُفقَّسُ الأحْلامُ
والكَلماتُ
في عِزِّ الخيالْ.




صَديقي العَزيز..وبعْد






يَجْرِفُ اللَّيلُ
هَمْسَ الفَضاءِ
إلَى الأُذْن
حينَ تُباركُها العَتَماتُ
تُخَوِّلُها صَوْلَجانِ الحَواسِّ
وإِمْرتَها
وتُمَرْكِزُها في عُيونٍ
تُفجِّرُها
فَجواتُ الظَّلام
المُسلَّك مَوقِعُها
بالسَّديمِ


كأنَّ كَلاماً تَكَوْثَرَ
في عَتباتِ الأَعالي
كأنَّ حَديثاً تَكَنَّزَ
في بيْضَة الرَّأْس
حيثُ العَماءُ
كأنِّي أُولِّدُ شيْئاً جَديداً
و أبْعثُ ضوءاً جديداً
و أشْطرُ كوناً
و أبْني سماءً
و أبْسطُ أرضاً
و أَخلقُ
أَخلقُ... أَخلقُ شِعراً



كأنِّي أَقولُ
لماذا أَسيرُ
على سُرُر الرِّيح
في اليد عَاصفةٌ و عصاً
و عَلى الرَّأس
مَقْبرةٌ للسَّحابِ
لماذا المِياهُ
تَموتُ على شَفَة المِلْح
(أَذكُرُ طبعاً الكَلام المُجمَّد في دفْتر الحُكماء
و أذكُر ما قالهُ الطَّائرُ الفذُّ عن حَشرات الرَّمادِ)
لماذا الحَديدُ أشَدُّ
لماذا الكُسوفُ يُغيِّبُ أفْكارَ
مُسْتَقْبليٍّ كَبيرٍ
لماذا رَحيلي إلى الفَجَواتِ
فأوْبي إلى مَكْرُمات الكَلام
لماذا أسيرُ وحيداً
كَماء اليَنابيعِ
أرْكُض غيرَ مُبالٍ
برُعب المُحيطِ
بلَيْل التُّراب.. بمدفَأةِ النَّار
ذات السَّعير
لِمَاذَا لِمَاذَا لِمَاذَا..
صَديقي العَزيز
وَ بعْد
تَطيرُ كثيراً
وأنتَ تسيرُ
فلا تسْألِ العَتماتِ
لمنْ عُصِرتْ ذاتَ ليلٍ
وكَم رُؤيةٍ
تَنتَهي
في العَماءِ
أَتذْكُرُ كَمْ كانَ مُرّاً
طَعامُ الطُّفولة
كَمْ كَان صِفراً
كلامُ الفلاسفةِ العُظماء
أَتذْكُر ما قالهُ الصَّمتُ
منْ حكْمةٍ غيْر مكْتوبةٍ
كَمْ تمرَّدَ فَجرُ المسَافاتِ
وكمْ تَقيٍّ تجمَّدَ تحت الرَّمادِ
وكَمْ ضياءٍ تبدَّد بين السَّحابِ
وَلاَ تَسْأَلِ المَاءَ مِنْ أَيْنَ جَاءَ
ومنْ أيِّ تلكَ الجِهاتِ
تَهُبُّ رياحُ الكَلام
وَلا تسْأل الجمرَ
منْ يَعْتليه بلاَ دَهَشٍ
في الصَّحارِي
فذاكَ أنا/ذاكَ أنْتْ.

أرضٌ ما






أرضٌ على كفٍّ
تُسافرُ في الهواءِ
على حصانٍ قادمٍ
من فوْهة الضَّوء البعيدةِ
منْ مَنابِع دفترٍ
لا تنْتهي أبداً









فمَنْ ينْوي
و يُخرج لي الدُّخَانَ
وجمرةً بين العبادِ من الرمادِ
ومنْ يُغامر بُرهةً
دون الحديث عن الحُدودِ
ومَوْقدٍ أَوْتادُهُ
وثنيَّةٌ...
من يشْتهي
لُغة الغوَايةِ، لا أحدْ.






أرضٌ تدِبُّ
دَبيبَ إِمْلاقٍ
تَهبَّطَ في البلادِ
وفي دمي حين السّماءُ
تَشحُّ بالفيضانِ
دَعْني أُبْتلى بسحابةٍ
بِفَصيح قَاموسي
أُديلُ فراشةً
سيفاً يُحطُّ على الرِّقاب
 وينْثني...




                 

دَعْنِي أُمَجِّدُ فِكْرةً
تَمشي على خيْطٍ سميكٍ
في ضفافِ قصيدةٍ
مُغْبرَّةٍ.
دعني أَخيط طَريق خطْوي
أحتسي الكأس الأخيرة
من حماسي المستعادْ.
...عفواً وأرضُ الوقتِ مَكْلَبةٌ
تضجُّ بكلّ أنواع الكلامْ.











رَقصةُ الطَّائر



بلاَ دهَشٍ
أُحلِّقُ بينَ موجٍ أسودٍ
وَ متاهةٍ
جُدرانُها سُدُمٌ
مُلوّنة بأمْواهي.
كأنِّي النَّملُ يرفلُ
حين يلبسُ من تُراب الأرض
أجْنحةً
ويصْعد في المدى
ثبْتَ الجنان
إلى حُتوفٍ
في فم الطّير
المغامر في الضياء.



أطيرُ فوق الجمر
تلْسعني نُجيْماتٌ
لهنّ مذاقُ بركانٍ
تفجَّر بين أثْفيةٍ
تصبُّ دماً على قلقٍ
و ترسُم فجْرها
أرضاً بلا فَجر.
كأنِّي حُظْوة الأشياءِ
أعْتصرُ الهواءَ
وأشربُ المُرَّ السّكيبَ
على الضياء المُنْتمي
لدمٍ يَسود العالم
المنْزَاح في الأعماق






إنّي والرّياح صداقةٌ كُبرى
و إنّي رقْصة
غَرِيَ الزّمان بها
فردَّد فرْحَةً
تَنمُو على مَهلٍ
و أقْدامي أمدَّ لها
أشعَّة نجمَةٍ لاَ تنْتهي أبدا.
















القصيدة










سَلْها تُخَبِّرْكَ
بما يغلي دَمي
إذْ يَسْتشيطُ في الكَلامِ
أوْ على أَريكةٍ بَعيدةٍ
في فَلَواتٍ
تَحْتمي بها أُوَيْقاتي كَثيراً








عَادةً حينَ أُسافر إليها شاعراً
في لذَّةٍ غَامرةٍ
وعَادةً أَبْركُ في مِدْفأةٍ
أُلاعبُ الجَمْرَ
وَأَحْتفلُ بالنَّار
وَعَادةً أَكونُ لابِساً
مَتاهةً لا تَنْتهي.






سَلْهَا عنِ السُّدُمِ
حِين تعْبُر السَّماءَ
غَير آبهٍ طريقُها
بمَا تَلُفُّ تحْتَها منْ كَلماتٍ
عَادةً أُقسمُ أنِّي
لَنْ أُديلَ الطُّرقاتِ
لَنْ أُفيقَ الفَلتاتِ
لَنْ أُداخلَ السَّديم أَبداً
لَنْ أَتَوانى عنْ قِتالِ الضَّابحاتِ
منْ ظُنوني
لَنْ أَخونَ
لَنْ أَكونَ
غَير هذا المُسْتفِزَّ الانفصاليَّ
كَثيرَ الشُّرفاتِ



عَادةً
أُجَاورُ الغَدَ المُذابَ في الخَيال
وأُحاربُ العُلوَّ و الدُّنوَّ
وأُقاسمُ التُّرابَ
ثَوْرتي الحُلْوة
دُونَ أيِّ خَوفٍ
ينْتمي للمُستحيلِ
عَادةً
لا أنْتمي لأيِّ سرْبٍ
يعبُر الجوَّ
إلى الهَباءِ








إِنَّما تُحيلُني الأُويْقاتُ
كَلاماً عابراً
لَمْعاً خَفيّاً
أَعْتلي سَلالم الضِّياءِ
أُشْعلُ نوافذ الشِّهاءِ
وأَسيرُ في سُمُوِّ مَسْلكي
سَلْها تُخَبِّرك الحكايةَ
لها الجُرأةُ كيْ تقولَ عنِّي ما تشاءْ.





المنْفيُّ









لأنِّي
لم أجدْ كهفاً
أميلُ على مَداخلهِ
و لا بئراً
أُنزَّلُ خِلْسةً
في لَيلها
أو هُدهداً نَبِهاً
يُزوِّدُني بأنْباءِ الخُلودِ










... لأنَّ في قَلقي
دَم الموْتى
أظلُّ الوقتَ منفيًّا
وراءَ الضَّوءِ
أعْزفُ عُزلةَ الأَشياءِ
وَالفَوضَى.









لِغيْر الشِّعر لاَ




 كأنَّ الضَّوءَ
يجْلس فوق كُرسيٍّ
يُدرِّس شاعراً
فنَّ الصُّعود
إلى الأعَالي
دُونَ كأس سُلافةٍ
أو رشْفةٍ تُفضي إلى صمتٍ...
كأنَّ الطَّائر الخَمْريَّ
ينْسى مجْلس الحُكماءِ
ينْسى سِدْرةً منقوشة أسْمالُها بطَلاسِم الكَلماتِ
ينْسى وَرْشة الموْتى




أَما زالَ العماءُ
يُكدِّس العَتماتِ
فوْق دَفاتر الشُّعراء
أم شمْس القوافي
كسَّرت كأْس الضِّياءِ
على القَصائد
غيْر آبهةٍ
بسُلطة دامسٍ
في الرَّأس
والقُدسيِّ
والصَّلصالِ
إذْ يمْشي على قدمٍ

عَلى أيٍّ سأنْتعلُ الكِتابةَ من جديدٍ
أصْدقائي يستلذُّونَ الكَلامَ
بدُون فلْسفةٍ
و يَحْتَلِمُون شِعراً
حيْثما حُلُمٌ
و ينْتصرون للشُّعراء
من ألِفٍ إلى ياءٍ
لهُم أتحيَّن الفُرص القَليلة من أُويْقاتي
لأُلقي مُستلذًّا مُستريحاً
بعضَ أشياءٍ
عَلى أَشْجارهمْ
مُستدْرجاً الأفْكارَ
منْ قِممٍ
إلى أقْصى المَناطقِ
في تُخُوم الرُّوح
هُم طرفُ العَصا والهمْسِ
هُم مثْوى الكَلام
و آخرُ اللَّحظاتِ
في مُستقْبَل المبْنَى
لهُم أُعْلي سماءً
منْ خَيالاتٍ
مُفتَّحةٍ على شتَّى الأَماكنِ
و المَداركِ
أنْشرُ الأسْرارَ
فوقَ عِبارةٍ مُخضَرَّةٍ
وأُشايعُ الفوضَى
( أَحبَّائي إلِيَّ بسمْعكُمْ
قَدْ جَاءَ مِنْ أَقْصَى القَصِيدَةِ
شَاعِرٌ يَسْعَى
تُذيِّلُها وصيَّةُ "لاَ")
لِغيْر الشِّعر لاَ أَسْودُّ مِنْ أَرَقٍ
ولاَ أَنْدسُّ في عَرَقٍ
بِدون تردُّدٍ
أَبَداً أُعِيدُ حِكَايَةَ الصَّرْصَارِ
في مُتَعٍ
ولاَ أَسْعَى عَلى أَحَدٍ
فَلا تمْضُوا زَرافاتٍ إلى المعْنَى
ولا تنْهَوا عن الإيغَال في أَدغَال مِدْفأةٍ
وَلا تُبدوا انْصياعاً
و ابدعُوا شَغباً
و فاكهةً و أبّاً
لاَ أُبدِّل دائماً شَرفاً
بِمنْزِلةٍ ستُمحَى بعْد حِينٍ
أو بمدْحٍ يَلْتحي كَذبا




أَلاَ تَجدُون خَيْراً في الخُلود
وفي لَذيذ الحُلْمِ
منْ رَشفاتِ أَنْخابٍ
وفي رَغَبات مَعْرفةٍ
مُطرَّزةٍ
بأَسرار التُّخوم
منَ الرُّكون
إلى بوَّابةٍ مُسلَّكةٍ...









هِيَ الكلماتُ مُمْتعةٌ
لَها سُدُمٌ
لَها مَجْدٌ
لَها شرفٌ
لها ضَوءٌ
 كأنَّ الضَّوءَ
يَجْلسُ فوق كُرْسيٍّ
كَثير النَّقْشِ
والكُرسيُّ فوق مِنصَّةٍ
منْ زيْزفُونٍ
والمنصَّةُ في قَصيدةِ شَاعرٍ
يَهْوى فِجاجَ الأَوْج
يَكْسرُ لَوْزةً
ويُذكِّي جَمْرة الأَفكار
والفَوضى.










مشاهدات






خَيرٌ لكَ الطَّيرانُ في سُدُم المغيبِ
منَ البقَاء هنا تُمازحُك الشُّموسُ
بليْلها دونَ الضِّياءِ
وشاهدِ الأنْحاءَ تَضمُرُ
والبحارَ شَبيهة بلُعَيْبةٍ
تلْهو بها الأقْطابُ
والصَّرصارَ يحملُ
من قُيوظ الشَّمس أَلحاناً
لليلٍ باردٍ
في حدْقة الأوقاتِ




شاهدْ شاعراً
يَستنْهضُ الكلماتِ
من أمْعاء فجْرٍ ميِّتٍ
شاهدْ بلاداً
لا تكُفُّ عن البُكاءِ
تَشي بضحْكتها
أخيراً للغُزاةِ
وشاهدِ الحُلم الكبيرَ
بلاَ غطاءٍ أو وطاءٍ
كيفَ يبدو في القَصائدِ
نُكتةً بشريةً بيضاءَ
ترفلُ في نَهارات الفَراغْ.










كلام


كَلٌّ عَلَى كُلٍّ كَلامٌ يَسْفكُ المعْنى
يُتيحُ لهُ الجُنُوحَ إلى نَواحٍ رَحْبةٍ شتَّى
كَلامُ الدَّهشةِ الأُولى
لهُ مُتعٌ لها صِيغُ
و لي رقْصٌ مع الموْتَى..
إليَّ بسَمعكُم: هَا الفيْلسوفُ
مُناصفاً عمراً
بلا حُبكٍ و مُنْهدّاً
( فَلاَ حَبُّ المُلوكِ ولاَ الزَّوانُ )
يُهدِّمُ المفْهُومَ..


لم تعُد السَّماءُ مسافةً
تسمُو على أرضٍ مدنسةٍ
و لم أعُدِ المُسايرَ نفسَهُ
و الفكرُ ما عاد الصّدى
للموجةِ السفْلى..
قديما كان" أَفْهَمَهُمْ" يُذوِّبُ نفسهُ فيها
ويهْدرُ باسمها...سُبْحانَ قوسَ قُزحْ
سُدىً ذهب التموُّجُ واتَّضحْ...
منذُ البداية
لم أر السُّفليَّ إلاَّ قِيعةً
 مرْعىً ومقْبرةً مهيَّأةً لموْتى
" كيف أرْضى؟"






لم أرَ التَّصْميمَ إلا في السُّرى نحْو المنَابع
في دَمي أقدامُ رحَّالٍ قديمٍ
أو بَقايا شاعرٍ عَاصٍ عَظيمْ
مُنذُ البدايةِ
طَارَ بي أوْجُ الفرحْ
فمَطيَّتي الكلماتُ
والأنحاءُ تَهتفُ بي
تَوسَّعْ وارْتفعْ...















وقفة الثمالة


قبلَ أنْ أُغرقَ الوقتَ في كلماتٍ
أملّحُ رشفةَ كأسٍ
بحبّاتِ لوزٍ
وأسْبِرُ بعض عيون مُعلّقةٍ
في وُجوهٍ مُخلّقةٍ
تتثاءبُ فوق الكراسي
وتلعنُ ماءَ الخريفِ
وسلّة وقتٍ على الأرضِ مُهملةً
وطريقا بلا أفقٍ.









ليسَ في البارِ
إلاّ جُيوشٌ تغادرُ معركةً
ليس في البحرِ
إلا طموحٌ
تَرمَّدَ في جسدٍ
خانهُ ضوءُ
ريفٍ قديمْ
ليسَ في الدّمِ
إلا حريقٌ
تَخمَّدَ خشْيةَ مدفأةٍ
تتوقَّدُ في ثكنات السماءْ.











أسألُ الموتَ أنْ يتسلَّمني باقةً من وُرودْ
نغماً من تقاسيم عُودْ
عنبا يتحلَّبُ منهُ نبيذُ الوجودْ
كلِماً يَمَّحي الصّوتُ من حالهِ
في سُبات السّجودْ.

























عَمْداً نَسيت على حبّة الرّملِ وجْهكِ


قُلْ لنجْمةِ مايُو
عُيونُكِ
كبْريتُ مِدْفأةٍ
وخُدُودُكِ
سرْبُ أقاحٍ
وصَدْرُكِ
ليلةُ تيهٍ جميلٍ
وعَرشُكِ
منهُ أطلُّ عليْكِ
إليْه أسيرُ عَليْكِ
لأدْخلَ تاريخَ هذا الفناءْ







أنْتِ عَمداً نسيتِ على حبّة الرَّملِ وجْهكِ
وجْهُكِ بحرُ رمادٍ بعيدْ
حَجَرٌ يرقُبُ الموتَ
خلْفَ الكلامِ
خُطُوطٌ على لوحةٍ تتمايلُ تائهةً
في الرَّحابةِ
حيْثُ سكنتِ طَويلاً
مع اللاّ أحدْ.










إرهابي






رأيتُ قُبالةَ المرآةِ جُنداً
دونَ خوْذاتٍ
على لوْحات بارٍ
قربَ سينيما أبينيدا*
يُلوِّحُ بعضُهم صوْبِي
بأمْواس الحِلاقةِ







أوْشكَ الكُنْياكُ
أن يَسْتلَّ عيْني
أن يُديلَ الليلَ نهراً في النّهار
وأن يُحيلَ الماء إسمنتاً
وسَلوى الكأس دَفلى...




















وانتبهتُ
إلى كَثافةِ لِحْيةٍ
تعْلو العَوَارضَ
وجهُ إرهابيْ
أنا ثملٌ.


* سينيما بمدينة تطوان/ المغرب

عادة النار


عُدْ إلى عَادةِ النار
تعلُو بلا عمَدٍ
ثمّ تَخْبو
بلا عنَدٍ
في الرّمادِ
و بئسَ المصيرْ..
عُدْ إلى عَادة النار
تمْشي بلا خُططٍ
حسْب ريحٍ
بلا نَمطٍ
دُون وخز الضميرْ.









عُدْ إلى ما أجلّ منَ الطرق المُستقيمةِ
حيثُ الجميعُ فراشٌ
وحيثُ الوضوحُ تماماً
وكلّ الحياة طمأنينةٌ
وسلامٌ وحُلمٌ جميلْ















عُدْ إلى شغبٍ
نام في نومكَ
فنَسيت الهُبوبَ
أَلَمْ تعُدِ اللغةُ المُستعدّةُ للموْتِ
من أجلكَ الآنَ ثائرةً
مُتحمّسةً لمزيدٍ منَ الصّدماتِ
ألَمْ تعُد الشمسُ تَشرقُ من نُورِ شلاّلِ قولكَ
قلْ... إنّكَ اليومَ بينَ الحُروف التي بايعَتْكَ
بلا أملٍ في الحياةِ
بلا طمعٍ
أنتَ تحفرُ وحدك هذا الطريقْ







أتحدَّى الذي سالَ قبلكَ حبراً
على فم من غبرُوا
أتحدّى سَلائقَهُم أثراً أثراً
أنْ يسيرُوا إليّ وينْتشرُوا
في كلامي
فلنْ يجدُوا غير خطوٍ فريدٍ سُلالةَ لا أحدٍ
قد تمرَّدَ فيكَ الكلامُ
وألْبسَكَ الحُلّة الماكرَه
من أينَ تجيءُ إليكَ المقابرُ فارغةً
فتؤثّثُ مثْوى المعاني
بحرفٍ جديدٍ
و هبّتكَ الناشرَه.




 

حينَ أصْحُو دُونَ جينُوم









لمَ لَمْ تُلَمْلِمْ ما تناثرَ
منْ مَراحل عُمرك الرّمليِّ
في حرْفٍ
و ترحل عنْ حياةٍ
لاَ ولمْ ترْحمْ








أتنْتظرُ المقابرَ أن تسيرَ إليكَ
في وضَح النهارِ
وحبّةَ الرّمّان أن تنشقَّ عنْ كونٍ
مُوازٍ في المدارِ
وربما سفراً جماعيّاً
إلى أرضٍ تجوبُ مجرّةً أخرى
أتنتظرُ الملائكَ أن تلُمّكَ
أم تُراك حَسبْتهم
يسْتقْبلونكَ بالهدايا
و الأحبّة في مَناحاتٍ
على العَبْرَيْنِ
يُلقون التحايا




قُمْ ودَعْ عنك التردّد
كُلّما رُمت العُبورَ
إلى الفناءِ
تُريدني أن أترُكَ الدّنيا
وأهمد في الرماد
تريدني أن أذكُر الموتى
وأنْسى شاعراً حيّا
يكابد في البلاد
تريدُ ظلي في ذَرى الظلمات
فاسمعْ ما أحبِّرُ في رحاب كتابةٍ
لا تحتدي أحداً
كتابة حالةٍ قصوى
تعشّشُ في التمرّد و العناد




أنا الكلامُ إذا تكلّمَ
والمُبدَّدُ في المدى
بَوحي صَبَا رُوحي
أراني نابعاً من كلّ حدبٍ
عاصفاً من كلّ صوبٍ
ممطرا بدمي
لتخْضرَّ المشاعر والقصائد
( لنْ أضيع سُدى )
تأمَّلْ جيّداً
و اسمعْ كلاماً صادقاً









والشّعرِ
والشّأنَيْنِ أوْج الخمرِ
واللَّذوى إذا تسْري
بهاءُ الحرفِ
يبدأ منْ بهاءِ الصّوتِ
(هل تصْغي؟)











تعلّم عادة التَّرحالِ
بينَ هَديرِ بحرٍ ثائرٍ
و هُدوء صخرٍ
صامتٍ أبداً
تعلَّمْ كيفَ تعتاد الإضاءةَ في الضياء
ترى الوضوحَ يراكَ
أهدابَ البهاء تراكَ
كيف تراك منتبها هناكَ
مصيِّحاً فرحاً :
أنا هذا و ذاك أنا








وكيف تراكَ متحدا و أشتاتا
بَرَانُويَا
شِزُفْرِنْيا
جنونٌ
حكمةٌ
عقلٌ
ملامحُ حالةٍ قُصوى











تعلمْ كيف لا تهدأ
تعلَّمْ كيف تلهو في الجَحيمِ
و تضرب الأفكار في الأصفارِ
كيف تجمّع الأشياء في سيجارةٍ
بهدوء مقبرة تُدخّنها
و تنفث بعدها البركان











تَحْتاج الشَّجاعة للتَّعالي عنْ دم السُّفليِّ
تحتاج الشجاعة للتخلي عن دم العُلويِّ
تحتاج البراعة في مداهمة الفراغ
لتسكن الأوقات والأنحاءَ
تغرب حين تشريقٍ
و تغطس حين تحليقٍ









تعلّمْ كيفَ لا توجدْ
و شاهدْني
خواءً وامتلاءً … حينَ أصحو دون جينومٍ
أصيرُ الحرفَ يمشي في البهاءِ
منَ المنابع أبعثُ الأرواحَ في أطلالها
و أعيدُ للفوضى كَمَنْجَتها
لتشْعل دهشةَ الكبريت ألحاناً
و تعزف في دمي أنشودةً لا تنتهي.

















التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads