الرئيسية » , , , » سيكولوجيا التقاليد والتابوهات الاجتماعية | ليشا بوشِك | ترجمة وإعداد: عمر فارس

سيكولوجيا التقاليد والتابوهات الاجتماعية | ليشا بوشِك | ترجمة وإعداد: عمر فارس

Written By هشام الصباحي on الخميس، 10 سبتمبر 2015 | سبتمبر 10, 2015

سيكولوجيا التقاليد والتابوهات الاجتماعية


كتابة: ليشا بوشِك
ترجمة وإعداد: عمر فارس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إن “التقاليد” قيمةٌ رئيسة في العمل التاريخيّ “Fiddler on the Roof”؛ هنالك أغنية كاملة فيه كُرّستْ لذلك. ولقد فسّرتْ التقاليد بقاء الإنسان وثقافته لآلاف الأجيال المتعاقبة. من الممكن أن تصنع التقاليد حياة غنيّة (عطلة الأعياد والتفاعل الذي يحصل أثناءها كمثال) وأحيانًا محدودة (مثل التابوهات الاجتماعية الاعتباطية حول الملابس،) لكن من أين نبعتْ التقاليد؟

بحث جديد من إعداد Karolinska Institutet’s Emotion Lab في السويد، ينتوي الإجابة على السؤال السابق من خلال صنع نماذج تفسيريّة سيكولوجية لمفهوم التقاليد. وظهر في النهاية أن البشر يميلون ليكونوا كالقطيع. ووجد الباحثون أن السبب في ذلك قد يكون التهديد بالعقاب، وبنفس الدرجة رغبة البشر في تقليد بعضهم.

قال مؤلفو البحث: “بشكل رئيس، العديد من السلوكيّات الاجتماعية مثل التعاون والالتزام بالتابوهات الدينيّة، يتم الحفاظ عليها من خلال التهديد بالعقاب. لكنّ الميكانزمات السيكولوجية التي تسمح للتهديد بالعقاب بأن يولّد تلك السلوكيّات، حتى عندما يكون العقاب الحقيقيّ نادرًا أو غائبًا، هي غير معروفة.

”في الدراسة، قام الباحثون بإتمام أربعة تجارب تتضمن 120 مشترك. في الأولى، كان على المشتركين أن يختاروا ما بين صورتين (A and B) على الشاشة لعشرين مرة. وقيل لهم، إن اختاروا الإجابة الخاطئة، سوف يتعرضون لصعقة كهربائية (كانوا قد شعروا بها مسبقًا.) لكن، لم يتم تعريض أحد لصعقة كهربائية. بدلاً من ذلك، شاهد المشاركون تسجيلاً لشخص يختار الصورة A في كل مرة، ومن ثم أكثر من 95% من المشاركين خَلُصُوا لاختيار الصورة A في كل مرة أيضًا.

عندما وُعِد المشاركون بمكافأة (تذاكر للسينما مثلاً) قاموا بتقليد الشخص الذي في التسجيل بنسبة 60%. وفي حالة وجود عقاب اعتباطيّ، أي بلا سبب منطقيّ، قام المشاركون بتقليد الشخص الذي في التسجيل بنسبة 70%.

في التجربة الرابعة، وجد الباحثون أنه من المرجّح أن يختار المشاركون المستقبليّون الصورة A إن شاهدوا تسجيلاً للمشاركين القدامى يقومون باختيار الإجابة نفسها (A.) إذًا، “تمرير” العادات والتقاليد قد يكون مبنيًّا على تفادي الخطر والعقاب.

يقول أندريس أولسون، الباحث في قسم علم الأعصاب السريري في معهد Karolinska: “ما انتهينا إليه أنه عندما نكون موعودين بمكافأة نكون ميّالين أكثر لكسر النسق، والتعليم المجتمعي (ما تعلمناه من المجتمع) يلعب دورًا أقلّ. لكن عند محاولة تجنّب الخطر، يتطوّر التعليم المجتمعي ليمتلك تأثيرًا قويًّا على تصرفاتنا عندما يُثبِت أنه سيؤتي ثماره (سوف يحمينا). لكن في الحالات التي يفشل فيها التعليم المجتمعي لتقديم حماية مؤثرة من الخطر، نغدو مرةً أخرى ميّالين لكسر النسق. بعبارة أخرى، البشر المتمسكّون بالتقاليد يفعلون ذلك رغبة في الأمن والبقاء. لكنّ البشر الذين يرون في التقاليد ضعفًا في تقديم الحماية من المخاطر ميّالون للتخلّص منها.”

يقول بيورن ليندستروم، أحد الباحثين: “أردنا أن نعرف كيفيّة تأثير تلك الوضعيّات في الإنسان عندما يريد أن يتفادى الخطر، ووجدنا ميكانيزمان سيكلوجيّان، بسيطان ومنفصلان، هما تقليد سلوكيّات الآخرين والخصائص المجزية (أو المفيدة) لتجنّب المخاطر. ويشكّلان معًا قوة دافعة كبيرة تساعد في تفسير كيف نصنع ونحافظ على العادات والتقاليد.”

هذه بالتأكيد وجهة نظر متميزة حول التقاليد. حيث ليس كل التقاليد سيئة (المحافظة على طقوس أجدادك الإثنية لاحتفالات الأعياد، واللغة السليمة الموروثة منهم، يمكن أن تحافظ على التنوّع في عالمنا) هنالك البعض منها الذي قد يسبّب ضررًا للبشرية، ويخالف منشور حقوق الإنسان.

في بلادٍ حول العالم، وثّقتْ منظمة الحفاظ على حقوق الإنسان كيف أن عناصر التمييز (العنصرية) في التقاليد، أعاقتْ، أكثر من أن شجعتْ، الحقوق الاجتماعية والسياسية والمدنيّة والثقافية والاقتصادية للبشر. بالتأكيد، من المرجّح أن يساعدنا هذا البحث في تقديم لمحةٍ حول ماهيّة ما يصنع التقاليد، وفهمٍ أفضل حول إن كانت تقدّم قيمةً أصيلة للإنسانيّة أو أنها مبنيّة فقط على الخوف والعقاب والتابوهات الاعتباطيّة.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads