الرئيسية » , , , » اسماعيل محمد ديب | سيكيولوجية السوريالية​

اسماعيل محمد ديب | سيكيولوجية السوريالية​

Written By هشام الصباحي on الخميس، 10 سبتمبر 2015 | سبتمبر 10, 2015

اسماعيل محمد ديب
سيكيولوجية السوريالية


السوريالية حركة ادبية ترمي إلى تحرير الشعر من ضوابط القافية والوزن ورفض لصنمية الالفاظ الشعرية , وفي كشف اللاوعي في الذات الانسانية وتخصيب الخيال وتنمية روح الابداع في تركيب المفردات , وتحضير الزمان وحدود المكان في غياهب الفضاء الواسع

الارجاء لتصيغ الكون بصورة من الواقع ولكن في اطار جديد يجعلها مخالفة للواقع المألوف , هذه الصورة متحررة من كل التبعيات والاعتبارات الاجتماعية والاخلاقية يجسدها الشاعر بخياله الخصب وحلمه الجامح وبفكره المتداعي , لتأتي تعبيراً عن ماهية نفسه الباطنة , متسامحاً ومسالماً وبعيداً عن صراعات العقل والعاطفة , ليكن هناك سكينة بين آنا الشاعر وآناه الاعلى , عابثاً ومتجاهلاً لكل المعايير العامة والمألوفة .

والسوريالية انطلقت إبان الحرب العالمية الاولى وتوطدت اركانها مابين الحربين العالميتين عندما التف فريق من الأدباء حول ( اندريه بريتون) عام 1932 مؤسس السوريالية , هذا الفريق اتخذ شعارات ثلاثة لحركته الادبية ( الحرية - الخيال - العلم) , الحرية التي كانت الامنية المنشودة والغاية المقصودة في ظل الهيمنة وسيطرة القوة والخيال ذلك الطيف الطليق الحر يختصر الزمان والمكان بعيداً عن قيد الرقابة وحسابات الرتابة .

والعلم الذي ينشىء عالماً بديلاً لعالم متردي القيم عامة والقيمة الجمالية خاصة فجأت السوريالية على بساط الخيال المطرز بخيوط الاحلام الذهبية والمغموس برونق التداعي الحر . والذي يرمي لتحرير الفكرة والكلمة من قيود المفهوم الستاليني والذي سمي فيما بعد ( بالواقعية الاشتراكية ) هذا النظام ناهض( بريتون ) ورأى فيه استئصالاً خلقياً , والسوريالية وان تجاهلت القداسة أو المفهوم الديني التقليدي فهناك تلاق يقربها من الصوفية في فكرة البحث المطلق للنقطة الموحدة التي يرى بها السورياليون في الارض أو السماء بل في اتحاد الارض بالسماء يشكل الحقيقة المطلقة أو النقطة الموحدة , وتختلف الصوفية عن السوريالية .

للصوفية صورها المحدودة وادواتها الخاصة وهي لاتخرج عن الجانب الديني والوجداني .

والسوريالي والصوفي يتقاربان من السيمائية والطوبائية في التعبير الرمزي والايحاء بالفكرة دون تحديدها , فهذا (بريتون) يتغنى بالحرية دون ذكر الحرية .

(يمارس الشعر في سرير كما الحب ... أغطيته المنقوشة فجر الأشياء ... الشعر يمارس في الغابات ... لديه مايلزمه في المدى )ويرى السوريالي في الخيال والحلم والتداعي ثروة الكائن المعنوية , الذي يخلعه من كل القيود ويحقق له الرغبة الاباحية خارج كل المعايير الاجتماعية لذا ترى السوريالي بالسلفية وغير متمسك بالاطر التاريخية عبّر (بريتون ) عن اهمية الحلم والخيال بقوله ( الحياة تبدأ في المنام) ويقول احد السورياليين (أنس الحاج) الحلم يسبق العقل , كما يستبق الغيم المطر ومن لايحلم لايعقل .

فالسوريالي يرى العالم يبنى ويهدم بالخيال وحده , والشعر هو مايخالف المألوف والعادي ويوافق اللاشعور ويحاكي مكنونات المرء الدفينة في النفس الباطنة ليصل إلى المتعة الجمالية الصافية من شوائب المصلحة والتصورات المسبقة .

لذا فالسوريالي لاينكر بل يؤمن بالهذيان والانحرافات العصبية والارتكاسات العقلية والنفسية والسادية والهستريا والبارنورايا وغيرها من اختلاجات الحس النفسي , اذ يتجسد شعورالسوريالي بحالة الجنون العفوية فيعتمد السوريالي التناقضات والصور المفارقة لواقع الحقيقة يقول ( اندريه يريتون ) (تعالوا نهجر الوطن لنسكن فيه...)

والشعر السوريالي الذي انطلق من فرنسا ليدق ابواب اوروبا . وليدخل القارة العربية , على الاسس السوريالية مع الحفاظ على شعائرها الثلاث (الحرية - الخيال - العلم) .

وللشعر السوريالي صور ورموز تبقى غامضة وغير متجانسة يقول الشاعر السوريالي جودت حسن:( النشيد يخرج عارياً في القصيدة ... لفافة وسط الشاي ... والقرميد في عيونه الدنيئة والبريد مجثم لوحش على صدر القصيدة ... )

يقول احد اعلام السوريالية أن الابدع حالة جنون وانا لاابدع شيئاً إلا وأنا مجنون....)

ويصف حالة السوريالي بالجنون لايركن لمألوف فيقول :

( الجنون كنيسة الجسد والجسد كاهنها المجنون)

والسوريالي يصف حالة الوفاق مع الطبيعة وهو لايكن لها اي عداء .

ويرى بأن الانسان اضاع مفاتيح الطبيعة التي كان يملكها فطرياً فعليه محاولة التجريب بمفاتيح اخرى .

بقي أن نقول : السوريالية صوفية بالمعنى السيكولوجي اي انطلقت بدوافع وعوامل متشابهة وتجلت في الصوفية في البحث الميتافيزيقي نحو فكرة المطلق لكنها في السوريالية قد جانبت المعنى القدسي لمفهوم المطلق . 

 

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads