الرئيسية » » " خشونةُ النسيم " شعر / مؤمن سمير

" خشونةُ النسيم " شعر / مؤمن سمير

Written By هشام الصباحي on الأحد، 3 مايو 2015 | مايو 03, 2015


" خشونةُ النسيم " شعر / مؤمن سمير

ثلاثون عاماً سابها بيتنا فوق قميصي ورحل .. سابَ روحَ الأب تَرِفُّ على رسمةِ الخَطيَّةِ يومَ فَرَشَها الظِلُّ على ملابسهِ الواسعةِ
 عليَّ .. خمسُ فرحاتٍ ملضوماتٍ في رقصةٍ قبل هجوم النسيمِ وجناحٌ مفرودٌ على خَجَلِهِ وإيماءةٌ .. أخذتُ نَفَسَاً عميقاً وقلتُ يا بيتنا اعطني يدكَ قالَ كُسرت ذراعي في الحربِ الأخيرةِ فانسَ اللوحة المستطيلةَ التي اختبأتَ في ملامحها وانسَ الطفلة النهمةَ للسمِّ .. أظافر كثيرةٌ وكابوسٌ وحبوٌ نحو الشرير ..
ينطُّ الظلُّ الكبيرُ وسط الشارع والأطفال يعدون وراءه والمجذوب يَسِنُّ عضوَهُ في الزقاقِ القادمِ ...
الشرفةُ القريبةُ لمَّا خافت من الظلامِ واستجارت بحَفَّارِ الورودِ والبردُ والجثةُ التي تفحُّ تحت الموكبِ .. 
والبعيدةُ يوم يبيتُ الهَرْبَانُ في كُمِّها وأمطارُ الجداتِ وخشونة الروائحِ .. 
البلاطاتُ التي تخبي تحتها الرصاصَ الذي قتلنا به الأحضانَ الباهتةَ ...
أنا في الصندوق فأخرجوني ..
الأوراق المحفور تحتها بالطين ،  تنادي لا أودُّ أن تعجنوني وتغرقوني بالريق المرتعشِ لتصنعوا طائراتٍ أو أرديةً للأنبياء الذين يتجولون بين الغرف ..
الدهان وقع .. لا لم يقع .. ليس هذا هو اللون المقصود وإنما روحُكِ لمَّا تسكنُ بين ثنيات السقف وأصواتهِ ومروجهِ والحِملانِ .. المقاعد والسوس فيها .. خمشةُ ساقيكِ وسط زحام البناتِ ووجهكِ الذي تفجَّر بالندى والحنَّاءِ ..
الأجراس تدقُّ بلا توقف والمصطفون يتوقفون قبل الحفرةِ بقليل ...
أنا في الصندوق يا كَفَرة  .. تتمايل بي العربةُ وتلقيني في القرية الأبعد .. سيرقدونني تحت الشجرةِ وتمرُّ الرياحُ فأهبطُ وأهبط .. يقولون اسقوهُ كي يثمر لحماً .. حاوطوهُ كي لا يذوقَ حَوْصَلةَ اليمام فيموت .. أصلبوهُ في مرمى الصيادين .. على الحائط المثقوبِ .. في البئر الذي يشدُّ أحجار الخَوَّافينَ وأحذيتهم .. 
واحذروا من خيال المآتةِ .. 
يُشبهُ مَن يا تُرى ؟ الأمُ الطوَّافةُ على القتلى لتحرقَهُم ..
أم أنهُ القاتل الذي نسيَ في الأكياسِ أوراقاً أخرى تصلحُ للريشِ القديمِ ..
آهٍ يا بيتَنا الذي تعرَّيتَ أخيراً  وشبَّكتَ في رأسكَ الأشواكَ واختبأتَ في الذكرى لتنزف ..
في عظامي غَمامةٌ سوداءُ وطريةٌ ..
آهٍ أيها الهواء الميت ... 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads