مروة أبوضيف |
كنا نجلس على المقهى
المرأة الجميلة تعرض قصائدها شبه كاملة
وصديقنا الشاعر يرمقها بنظرة لا تخطئ
رغم اختبائه خلف دخان السجائر والفلسفة
حتى إن الكلب بنهاية الشارع
ظل يحرك ذيله
جلس في وضع مثير للريبة
وابتسم نصف ابتسامة ثم انصرف
فيما الولد يسير على الطريق بمفرده
بحثا عن العلامات
ينظر للسماء ويتساءل
يا الله
ماذا بعد؟
حين أتى غراب ونقر إحدى عينيه
لا بأس!. عين واحدة تكفي لكشف الوجع
- كنا نجلس على المقهى
نرتدي يأسنا ونثرثر عن العدم
فيما كآبتنا تضع ساقا فوق أخرى
وتجلس فوق مقاعدنا الشاغرة
الملائكة تمر بمحاذاة الطاولات
كنا نشم رائحة أجنحتها المحترقة
حتى إنّا كنا نسمع سعالها
رغم مبالغتنا في الضحك
في محاولة منا لكسر المشهد
كانت المدن تنهار تباعا في هذه اللحظة
والمقهى يرتفع بنا تدريجيا
الولد يمسك عينه في يده
يستخدمها بديلا للنرد أحيانا
فيما أمي في ركن بعيد هادئة
تمسك مغزلها وتقوم بحياكة العالم
كنت أقوم بدور راقصة الباليه
أقف على أطراف أصابعي وأدور بلا توقف
فيما الجمع لا يكف عن الهمهمة.
مسكينة هذه البنت، لابد أنهم روضوها كثيرا
لتدور علي ساق
وحيدة هكذا
انظر.عبادة شمس بامتياز
ترفع ساقها بخفة.تقف على أطراف أصابعها
فيما يداها معلقة بالسماء
لا أدري كيف لم يتذكر أصدقائي أني لا أجيد حفظ اتزاني
أو كيف لم يلاحظ أحد أن ساقي مقطوعة اصلا
كان الولد يسير على الطريق وحيدا
الدبابات تصطف على جانبي الطريق
والجنود معبأة بالذخيرة والغباء
كلما اخطأته طلقة أخذه الوجد وابتسم
يا الله
ماذا بعد؟
في نهاية الطريق حين سقطت العين من جيبه
وانحنى لالتقاطها
تعثرت يداه في مصيدة فأر
وتقطعت أصابعه العشرة
لا بأس
كف بلا أصابع تصلح لمصافحة الأمل!
كنا نجلس على المقهى
وأنا غارقة في تفاصيلي البعيدة
مفتاح ارتديته، لم أفتح به شيئا حتى الآن
يوما ارتديت الاحمر وكنت سعيدة بالفعل
رسائلي التي أمررها بين السطور ولا يجب أن تصل
العرافة أخبرته عن بالرينا بساق مبتورة
لم تعجبه النبوءة
وأنا لم أحبذ ولدا لا يضغط بأصابعه على كفي
حين نرقص التانجو
هكذا كان على المقهى أن يبحث عن نهاية أخرى
أو عرافة جديدة