الرئيسية » » المدينة الباسلة | علي محمود طه

المدينة الباسلة | علي محمود طه

Written By Unknown on الخميس، 12 سبتمبر 2013 | سبتمبر 12, 2013

المدينة الباسلة
علي محمود طه

طلعوا جبابرة عليك و ثاروا و وقفت أنت ، و روحك الجبّار
عصفوا ببابك فاستبيح فلم يكن إلاّ جهنّم هاجها الإعصار
حرب إذا ذكرت وقائع يومها شاب الحديد ، لهولها ، و النّار
لو قيل أبطال العصور فمنهمو لحمايتك الإعظام و الإكبار
أو عاد هومير و سحر غنائه و رأى ملاحمهم و كيف تثار
و همو حماة مدينة محصورة دكّت على حرّاسها الأسوار
نسي الذي غنّاه في طروادة و شدا بهم ، و ترنّم القيثار
كم من أخيل فيهمو لكنّه ردّ المغير به ، و فكّ حصار
لم تجر ملحمة بوصف كفاحه لكن جرت بدمائه الأنهار
نادته من خلف الشّواطئ أمّة هو عن حماها الذّائد المغوار
إن يسألو عنه ، ففارس حلبة لم يخل من وثباته مضمار
أو يقرأوا تاريخه ، فصحيفة إمضاؤه فيها على و فخار
أو يبحثوا عن قبره ، فمكانه فيما تعرّي الرّياح و الأمطار
هو مهجة فنيت بأرض معادها ليتّم غرس أو يطيب ثمار
هو موجة ذابت ببحر وجودها كيما يثور بروحها التيار
في شاطئ وقف العدوّ إزاءه يبغي العبور و دونه أشبار
ما زال يدفع عنه كلّ كتيبة حتّى تلاشى الجحفل الجرّار
و هوى و في شفتيه بسمة ظافر أودى ، و تمّ يكلّل مفرقيه الغار
يا ربّة الأبطال لا هان الحمى و سلمت أنت و قومك الأحرار
أ أقول أبناء الوغى أم جنّة ؟ و أقول آلهة أم الأقدار ! ؟
يستنقذونك من براثن كاسر ماجت به الآجام و الأغوار
متربّص السّطوات تختبئ الرّبى و تفرّ من طرقاته الأشجار
قهر الطبيعة صيفها و شتاءها حتّى أتاه شتاؤك القّهار
مجد المدائن و القرى ! إنّ الذي أبدعته ، فيه العقول تحار
عجبا أأنت مدينة مسحورة أم عالم حاطت به الأسرار ! ؟
طرق محيّرة على قدم العدوّ كأنّما من زئبق صيغت بها الأحجار
ة منازل مشبوبة ، و كأنّها للجنّ في وادي اللّظى أوكار
و ترى زبانية الجحيم ببابها ضاقت بهم غرف ، و ناء جدار
يتصارعون بأذرع مخضوبة و السّقف فوق رؤوسهم ينهار
يتنازعون بها الطّباق خرائبا دميت على أنقاضها الأظفار
ما زلت صامدة لهم حتّى إذا سهت العقول ، و زاغت الأبصار
و تقبّض المستقتلون ، و عربدت أيدي الرّماة ، و عرّد البتّار
و تقوّض الحصن المنيع و لم يكن إلاّ جدار يحتويه دمار
و قسا عليك المرجفون و حدّثوا أن ليس تمضي ليلة و نهار
أطبقت كالنّسر المحلّق ، ما لهم منه و لا من مخلبيه فرار
و تفرّستك قلوبهم فترنّحوا رعبا ، و أنت الخمر و الخّمار
و خبت مدافعهم و ذاب حديدهم و الثّلج يعجب و اللّظى موّار
***
يا فتية الفولجا تحيّة شاعر رقّت له في شدوه الأشعار
ملاّح وادي النّيل إلا أنه أغرته بالتّيه السّحيق بحار
أبدا يطوّف حائرا بشراعه يرمي به أفق و تقذف دار
إني رفعت بكم مثالا رائعا يوما إليه في العلى و يشار
لشباب مصر و هم بناة حياتها و حماتها أن حاقت الأخطار
و بمثل ما قدّمتمو و بذلتمو تغلو الدّيار و ترخص الأعمار
هذي مدينتكم الدّنيا بها و بصنعكم و تحدّث الأجيال و الأدهار
أحقيقة في الكون أم أسطورة هذا الصّراع الخالد الجبّار ؟!
 
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads