حثا شرابهما في ظل حسان
إبراهيم عبد القادر المازني
حثا شرابهما في ظل حسان | رياه ريحاننا في مجلس الحان |
ريا الحبيب ولا شيء كفنحته | وهناً يهيج أطرابي وأشجاني |
حثاً شرابهما حتى رأيتهما | لا يسمعان وإن كانا يقولان |
هما أثيران علّاتي على ظمأ | وبالشراب على سرى يغوصان |
ويضحكان إذا ما الخمر رنحني | دوارها واستوى سرى وإعلاني |
وبعجبان لنسجي الزور أجعله | ذريعة لطرير الحسن غياني |
وبحسباني مجانا كأنهما | لم يعرف سخر أشجان وأحزان |
يكاد يأكله باللحظ مبصره | لو يستطيع رنوا لحظ ولهان |
ولفظه السحر إلا أنه كلم | ولحظه الخلد إلّا أنه جاني |
وجهٌ مضيءٌ من الفردوس مخرجه | ملء النواظر من حسن وإحسان |
وقال صف ليلتي هذي مجملها | نفسي فداؤك من راجٍ ومنان |
أهبت بالشعر فاستفتحت مغلقه | كنجمة الصبح تحدو نوره الواني |
ولو وكلت إلى نفسي عييت بها | لكن دعوت فما أعيا بتبيان |
سقيا ورعيا لها من ليلة سلفت | عادت رطاباً بها أعواد أغصاني |
إذ ملعبي الناس ألهو غير محتشم | بأرجلٍ منهم طرا وأذقان |
سقيتني الحب إذ نحسو على مهل | ألذ ما يتحساه حبيبان |
وظلت ترشقني باللحظ عن عرض | فأتقيك بأغضاءات غفلان |
وأصرف الفكر عنكم بالمزاح عسى | أفيء يوماً إلى رشدي ورجحاتي |
وأدعي أن ضنئي سالبي رشدي | كيما ألهي الحشا عن حسن مفتان |
وياسمينٍ شممناه مناقلةً | نشقته ونشقت الحسن في آن |
كنا وكنت كسحب بينها قمر | فمزقت شملنا أرواح غيران |
أو كالضياء رمى نجمٌ وشائعه | من بين أوراق أغصان وأفنان |
راخت ليالي النوى أوتار عيداني | يا لهف نفسي على جنكي وعيداني |
يا ليلة لي منه لست ذاكرها | ألا استهلت بصوب الدمع أجفاني |
بعد السلو تعود القلب صبوته | يا ليت ما عاد منها كان أخطاني |
كم ليلةً بعدها كابدتها سهرا | وكل هم بها لي منه زوجان |
كالبحر حين تهب الريح عاصفةً | صدري ويخبط بطناتا بظهران |
يا موقد النار في قلبي وتاركها | تكوي حشاي وتوهي صرح بنياني |
حتى غدوت وألفاظي لها وقدٌ | كأنما هي من أحشاء بركان |
برد بقربك نيراني فإن لها | شباً كأن له تخبيط شيطان |
عجلت بالهجر يا موفي على أملي | ويا سقامي ووسواسي وشغلاني |
وليلتنا هما لي منك واحدةٌ | عفواً وأخرى على وعد ونشدان |
أليلتان جزائي منك أجلهما | بعدٌ على حسرات إثر إحسان |
مسافة البيت لا شهر ولا سنة | لكن دقائق تعدو ذات أمعان |
أإن دعوتك للرعيا فلا عجل | وإن دعوت إلى مطل فلا واني |
تحدث الناس عما فيك من حسن | هيهات ذاك لقلب الواله الماني |
يا جنة العين ما للأرض ملبسة | سوابغاً من سدى هم وأحزان |
يا روضة من رياض الحسن فاتنة | تموج باليانع النائي وبالداني |
فيك الشقائق للجاني تميل على | طرائف من أقاحٍ وسط ريحان |
ونرجس فوقها يسطو بلحظته | على فؤاد طويل البث قرحان |
قد كان ظني أني قد ملأت يدي | هيهات ذاك حرمنا أي حرمان |
أتم طيباً وحسناً منك ما نظرت | عيني ولا سمعت في الدهر آداني |
ولا أتم أسى منى ولا كمدا | يا ساعقي بجمال ما له ثان |
يا حسن كم من أخي حسن كلفت به | قد سار سيرك في صد وهجران |
لما برمت به فارقته جذلا | وكف دمعي عن سح وتهتان |
لكن أبت ذاك أياتٌ لحسنك لم | تترك سوى سبل إقرار وإذعان |
أهون عليك بمفتون وشقوته | إذا لهوت بأكباد وأذهان |