يريد الغاصبون ونحن نأبى
يريد الغاصبون ونحن نأبى | ويأبى الله ذلك من مراد |
أقاموا بيننا دهراً طويلاً | رمونا فيه بالنوب الشداد |
لهم في الظلم آثارٌ ستبقى | معالمها إلى يوم التناد |
تمادوا فيه واتخذوه ديناً | وشر الظلم ظلم ذوي التمادي |
بني التاميز ليس لكم مقامٌ | فزولوا مسرعين عن البلاد |
دعونا يا بني التاميز إنا | مللنا العيش من طول الحداد |
أتفجعنا المآتم كل يومٍ | وتفزعنا النعاة بكل ناد |
نسير من السياسة في ظلامٍ | يجلبب كل أفقٍ بالسواد |
بني التاميز أين النور يهدي | نفوساً ما لها في مصر هاد |
زعمتم أن خطتكم صلاحٌ | وأنا لا نريد سوى الفساد |
وجئتم بالحماية وهي أدهى | وأشأم ما نخاف من العوادي |
بني مصرٍ وبئس مآل مصرٍ | إذا لم تسمعوا صوت المنادي |
بلاءٌ في الكنانة مستمرٌ | وشر كل يومٍ في ازدياد |
عزاءً معشر الأحرار إنا | نعد بلادنا خير العتاد |
أسفت لشعبٍ مستباحٍ وأمة ٍ | أحاط بها جيشٌ من الظلم غالب |
تمارس منه غارة ً بعد غارة ً | وترقب فيه ما تجيء العواقب |
تروح وتغدو والنفوس نوازعٌ | تدافعها آمالها وتجاذب |
طوت حججاً سوداً كأن شهورها | بنات الدجى أهوالها والغياهب |
تسير بطاءً والمكاره ركضٌ | بأرجائها والمزعجات دوائب |
تشد القلوب الخافقات تهزها | خطوب الليالي والهموم النواصب |
وأهلكنا غدر الولاة وقولهم | هنيئاً لشعبٍ أخطأته المعاطب |
أرونا بلاداً فاتها ما أصابكم | وتمت لها حاجاتها والمطالب |
أبيدت شعوبٌ جد في الحرب جدها | وغودر شعبٌ في الكنانة لاعب |
لبستم رداء السلم إذ كل أمة ٍ | لها من دماء الهالكين جلابب |
فلا تكفروها يا بني مصر نعمة ً | ولا يجلبن الشر في مصر جالب |
لعمري لقد غال النفوس فسادها | ولا كنفوسٍ أفسدتها المناصب |
تطيب سجايا المرء حتى إذا سما | به منصبٌ دبت إليه المعائب |
أخذنا على القوم العهود فما وفوا | ولا صدقت أخلاقهم والضرائب |
كأنا وإياهم على مستكنة ٍ | من الحقد نخفيها معاً ونوارب |
يخافون بعض اللائمين ونتقي | بوادرهم فالشر حيران هائب |
كلانا على ما يسلب النفس حلمها | من الأمر لا راضٍ ولا هو غاضب |