بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ | وَ غزلانُ " نجدٍ " ما لهنَّ حميمُ ؟ |
يَقُدْنَ زِمَامَ النَّفْسِ وَهْيَ أَبيَّة ُ | وَ يخدعنَ لبَّ المرءِ وَ هوَ حكيمُ |
فإِيَّاكَ أَنْ تَغْشَى الدِّيارَ مُخَاطِراً | فدونَ حماها للأسودِ نئيمُ |
فوارسُ لاَ يعصونَ أمرَ حمية ٍ | وَ لاَ يرهبونَ الخطبَ وَ هوَ عظيمُ |
يَصُونُونَ فِي حُجْبِ الأَكِلَّة ِ ظَبْيَة ً | لها نسب بينَ الحسانِ صميمُ |
منَ الهيفِ ، أما نعتُ ما في إزارها | فرابٍ ، وأما خصرها فهضيمُ |
أَناة ٌ بَرَاهَا اللهُ فِي الْحُسْنِ آية ً | يدينُ إليها جاهلٌ وَ حليمُ |
يميلُ بها سكرُ الشبابِ إذا مشتْ | كمَا مَالَ بِالْغُصْنِ الرَّوِيِّ نَسِيمُ |
لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي، أَدُمْيَة ُ بِيعَة ٍ | تَرَدَّدُ فِيهَا الْحُسْنُ، أَمْ هِيَ رِيمُ؟ |
يلومونني أنْ همتُ وجداً بحسنها | وَأَيُّ امْرِىء ٍ بِالْحُسْنِ لَيْسَ يَهِيمُ؟ |
وَهَلْ يَغْلِبُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ غَالِبٌ | وَيُخْفِي شَكَاة َ الْقَلْبِ وَهُوَ كَلِيمُ؟ |
فإنْ أكُ محسوراً بها ، فلربما | مَلَكْتُ عِنَانَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَظِيمُ |
وَ كابدتُ فيها ما لوِ انقضَّ بعضهُ | على جبلٍ لانهالَ منهُ قويمُ |
فيا ربة َ البيتِ المنيعِ جوارهُ | أَمَا مِنْ مُسامٍ عِنْدَكُمْ فَأُسِيمُ؟ |
بَخِلْتِ عَلَيْنَا بِالسَّلاَمِ ضَنَانَة ً | وجدكِ مطروقُ الفناءِ كريمُ |
فَكَيْفَ تَلُومِينِي عَلَى مَا أَصَابَنِي | مِنَ الْحُبِّ يا «لَيْلَى » وَأَنْتِ غَرِيمُ؟ |
وَ قدْ عشتُ دهراً لا أدينُ لظالمٍ | وَلَمْ يَحْتَكِمْ يَوْماً عَلَيَّ زَعِيمُ |
فأنتِ التي مرهتِ عينيَ بالبكا | وَأَسْقَمْتِ هَذَا الْقَلْبَ وَهْوَ سَلِيمُ |
تَنَامِينَ عَنْ لَيْلِي، وَعَيْنِي قَرِيحَة ٌ | و تشجينَ قلبي ، وَ هوَ فيكِ مليمُ |
منحتكِ نفسي ، وَ هيَ نفسٌ عزيزة ٌ | عَلَيَّ، وَمَا لِي مِنْ هَوَاكِ قَسِيمُ |
فإنْ يكُ جسمي عنْ فنائكِ راحلٌ | فَإِنَّ هَوَى قَلْبِي عَلَيْكِ مُقِيمُ |
شَكوْتُ إِلَى مَنْ لَيْسَ يَرْحَمُ بَاكِياً | وَمَا كُلُّ مَنْ يُشْكَى إِلَيْهِ رَحِيمُ |
فحتامَ ألقى في الهوى ما يسوءني | وَ أحملُ عبءَ الصبرِ وَ هوَ عظيمُ |
وَ إني لحرٌّ بينَ قومي ، وَ إنما | تعبدني حلوُ الدلالِ رخيمُ |
وَإِنِّي وإِنْ كُنْتُ الْمُسَالِمَ فِي الْهَوَى | لَذُو تُدْرَإٍ فِي النَّائِبَاتِ خَصِيمُ |
أفلُّ شباة َ الخصمِ وَ هوَ منازلٌ | وَ أرهبُ كرَّ الطرفِ وَ هوَ سقيمُ |
ألاَ ، قاتلَ اللهُ الهوى ، ما ألذهُ ! | عَلَى أَنَّهُ مُرُّ الْمَذَاقِ أَلِيمُ |
طويتُ لهُ نفسي على ما يسوءها | وَأَصْبَحْتُ لا يَلْوِي عَلَيَّ حَمِيمْ |
فَمَنْ لِي بِقَلْبٍ غَيْرِ هَذَا؟ فَإِنَّنِي | بِهِ عِنْدَ رَوْعَاتِ الْفِرَاقِ عَلِيمُ |
كَأَنِّي أُدَارِي مِنْهُ بَيْنَ جَوَانِحِي | لَظًى ، حَرُّهَا يَكْوِي الْحَشَا، وَيَضِيمُ |
بَلَوْتُ لَهُ طَعْمَيْنِ: أَمَّا مَذَاقُهُ | فعذبٌ ، وأما سؤرهُ فوخيمُ |
وَ جربتُ إخوانَ الصفاءِ ، فلمْ أجدْ | صَدِيقاً لَهُ فِي الطَّيِّبَاتِ قَسِيمُ |
لَهُمْ نَزَوَاتٌ بَيْنَهُنَّ تَفَاوُتٌ | وَعَنٌّ ـ عَلَى طُولِ اللِّقَاءِ ـ ذَمِيمُ |
بِمَنْ يَثِقُ الإِنْسَانُ وَالْغَدْرُ شِيمَة ٌ | لِكُلِّ ابْنِ أُنْثَى ، وَالْوَفَاءُ عَقِيمُ؟ |
فَلاَ تَعْتَمِدْ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ فِي الَّذِي | تودُّ منَ الحاجاتِ ؛ فهوَ رحيمُ |
وَ لاَ تبتئس منْ محنة ٍ ساقها القضا | إِلَيْكَ، فَكَمْ بُؤْسٍ تَلاَهُ نَعِيمُ |
فقدْ تورقُ الأشجارُ بعدَ ذبولها | وَيَخْضَرُّ سَاقُ النَّبْتِ وَهْوَ هَشِيمُ |
إذا ما أرادَ اللهُ إتمامَ حاجة ِ | أَتَتْكَ عَلَى وَشْكٍ وَأَنْتَ مُقِيمُ |
الرئيسية »
محمود سامي البارودي
» بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ | محمود سامي البارودي
بأيَّ غزالٍ في الخدورِ تهيمُ | محمود سامي البارودي
Written By غير معرف on السبت، 7 سبتمبر 2013 | سبتمبر 07, 2013
0 التعليقات