أتى عليكِ وإن لم تشعرِي الأمدُ
أتى عليكِ وإن لم تشعرِي الأمدُ | وأنتِ أنتِ مضى أمسٌ وحلَّ غدُ |
فهبكِ عيناً فما في الناسِ ذو نظرٍ | إلا ويؤلمهُ في عينهِ الرَّمدُ |
وهبكِ قلباً فما في الخلقِ من رجلٍ | إلا ويوجِعهُ في قلبِهِ الكمدُ |
وهبكِ من كبدٍ في جنبِ صاحبها | أليسَ يحملُ ما تغلي بهِ الكيدُ |
عجبتُ لامرأةٍ هانتْ وما اعتبرتْ | ومن رجالٍ أهانوها وما رَشَدوا |
كلاهما رجلٌ في الناسِ وامرأةٌ | ولا مميزَ إلا ذلكَ الجسدُ |
وكلُّ ما حولهم في الذلِّ مثلهمُ | يُستعبدُ الكلُّ حتى النهرُ والبلدُ |
يا بنتَ مصرَ ولا قومٌ تعزُّ بهمْ | ولا بلادٌ ولا أهلٌ ولا ولدُ |
زاغتْ عيونُ بني مصرَ وضلَّ بها | غيُّ النفوسِ وهذا الجهلُ والفندُ |
فأنتِ في نظرِ الراقينَ سائمةٌ | وفي نواظرِ فلاحيهمُ وتدُ |
وأنتِ بينهمْ في كلِّ منزلةٍ | صفرُ اليسارِ بهِ يستكملُ العددُ |
أقامَ في رأسكِ الجهلُ الذي سلفتْ | بهِ الليالي وفي أضلاعكِ الحسدُ |
وما يحلان بيتاً كانَ في رغدٍ | إلا وهاجرَ منهُ ذلكَ الرغدُ |
فالسحرُ والزارُ والأسيادُ جملتها | لأهلها نكدٌ ما مثلهِ نكدُ |
ما أنتِ في الصينِ والأوثانُ قائمةٌ | وللشياطينِ في كلِّ الأمورِ يدُ |
تاللهِ لوز كانَ من علمٍ وتربيةٍ | شيءٌ يمازجهُ ذا الصبرُ والجلدُ |
إذا لما سخرتْ من بنتِ جمعتها | من يومُها السبتُ أو من يومُها الأحدُ |
فهل ارى رجلاً فينا أو امرأةً | بعدَ الخمودِ وطولِ الذلِّ يتقدُ |
يا قومُ لو نامَ ليثُ الغابِ نومكمُ | لاستنكفَ الفارُ إن قالوا لهُ أسدُ |