أترى زمانُكِ بالحمى سيعادُ
مصطفى صادق الرافعي
أترى زمانُكِ بالحمى سيعادُ | أم طولُ دهرٍ كما نوى وبعادُ |
سارتْ فما لبثَ الفؤادُ كأنما | بينَ الفؤادِ وبينها ميعادُ |
ودَرَتْ عيوني بعدها كيفَ البكا | ودرى بعيني بعدها التسهادُ |
وحسدتُ واشيها إذا استمعتْ لهُ | فعرفتُ كيفَ توجعَ الحسادُ |
للهِ أيُّ مدامعٍ من بعدها | تجري وأيُّ لوعةٍ تنقادُ |
كدنا نُجَنُّ وقد تأهبَ أهلُها | وجننتُ لما ودَّعوا أو كادوا |
لو أنهم زموا النياقَ لسلمتْ | عينٌ وودَّعَ جانبيهِ فؤادُ |
لكن جرى بالبينِ فيما بيننا | برقٌ لهُ في مرِّهِ إرعادُ |
يتخطفُ الأرواحَ والأجسادَ أنْ | عرضتْ لهُ الأرواحُ والأجسادُ |
ويفرقُ الشمل الجميع فإن دها | لم يمهلِ الأحبابَ أن يتنادوا |
متضرمُ الأحشاءِ لا من لوعةٍ | لكنما استعرتْ بهِ الأكبادُ |
كالقصرِ فيهِ لكلِّ خودٍ حجرةٌ | ولكلِّ صبٍّ مضجعٌ ووسادُ |
وانهُ إذ أشرقتْ منه المهى | فلكٌ تحففَ حولهُ الأرصادُ |
وكأنهُ أبراجَ السما حجراتُها | في كلِّ برجٍ كوكبٌ وقادُ |
لو لم يكن للبينِ فيهِ علامةٌ | ماكانَ فيهِ من الغرابِ سوادُ |
يا سعدُ هذا عصرُنا فدعِ النيا | قَ يشفها الإتهامُ والإنجادُ |
واهجرْ حديثَ الرقمتبنِ وأهلهُ | بادتْ ليالي الرقمتينِ وبادوا |
واذكر أحبتنا الذينَ ترحلوا | ولو أنهم رحموا القلوبَ لعادوا |
أني أراهمْ كلما طلعتْ ذُكا | أو مالَ غصنُ البانةِ الميادُ |
أو لاحَ لي قمرُ السما أو أثلعتْ | بينَ الرياضِ من الظِّبا الأجيادُ |
ولقد رأيتُ لحاظهم مسلولةً | يومَ انتضتْ أسيافَها الأجيادُ |
تلكَ السيوفُ وما سواءٌ في الهوى | ما تحملُ الظبياتُ والآسادُ |
أتراهمْ ذكروا هوايَ وقد جفا | ذاتَ الجناحِ على الغصونِ رقادُ |
فبكتء على شجنٍ ورجَّعتِ البكا | وتمايلتْ جزعاً لها الأعوادُ |
أم يذكرونَ هوايَ إن قيلَ انقضى | أجلُ المريضِ وخفتِ العوادُ |
بخلوا وجدتُ كأنما خُلقَ الهوى | وعليهِ من ظلمِ الفراقِ حدادُ |
واسألهُ هلْ لهمْ إليهِ مرجعٌ | ولذلكَ الزمنِ القديمِ معادُ |
فعسى يجيبكَ أني أرعى لهُ | عهدَ الودادِ وللقصورِ ودادُ |
ولعلهُ يحكي تنهدَها فقدْ | يحكي الجمادُ الصوتَ وهو جمادُ |