فزع الدجى لأنينه المتردد
فزع الدجى لأنينه المتردد | وبدا الصباح له بوجهٍ أربد |
ملقًى على عادي الصعيد ملحب | في الحرب يلتحف النجيع ويرتدي |
هاجته يوم الروع حمية باسلٍ | خواض أهوال الكريهة أنجدٍ |
يحمي الحقيقة يوم تلمع في الطلى | بيض الظبى تحت العجاج الأسود |
شق الصفوف إلى الحتوف مغامراً | في الحرب يوقدها ولما تخمد |
لا يرهب الموت الوحي إذا دنا | ويخاف قول اللائمين ألا ابعد |
مستبسلٌ تحت العجاج كأنه | صادٍ تعلله السيوف بمورد |
نصبت له الجنات تحت ظلالها | فهفا إليها كرة المستشهد |
ودنا فحياه النبي وكبرت | شهداء بدرٍ حول ذاك المشهد |
نفذت عليه الفيلقين قذيفة ً | مالت بمنكبه وطارت باليد |
فهوى يهز العرش رجع أنينه | ويثير من حرد المسيح وأحمد |
عكفت عليه الطير تحسب أنما | طاحت به أيدي الردى وكأن قد |
باتت مناسرها تمزق لحمه | حياً وبات يقول هل من منجد |
أين الفوارس يمنعون بقيتي | مالي جفيت وكيف لي بالعود |
أين البنون وكيف أمست أمهم | ماذا أحل بها المغير المعتدي |
هل صين عرضٌ بالعفاف مطهرٌ | صوني له أيام لم نتبدد |
وغدا البنون منعمين نواضراً | يتجاذبون ظلال عيشٍ أرغد |
هيهات قد شغل الفوارس همها | ونأى بها طرد النعام الشرد |
يا ليتني معهم أغير مغارهم | وأذب عن وطني بحد مهندي |
أين الأساة فقد ظمئت إلى الوغى | وهي الشفاء لغلة القلب الصدي |
أأموت أو يبقى الحسام مضاجعي | والحرب عاصفة الردى لم تركد |
إني لأخشى أن يعاجلني الردى | فأظل محزون الصدى في مرقدي |
باتت خيالات الحروب تشوقني | شوق الغوي إلى الحسان الخرد |
من مخذمٍ ماضي المضارب فيصل | ومسومٍ طاوي الجوانب أجرد |
ومعضلٍ تسقى الكماة سمامه | وكأنما تسقى سمام الأسود |
يطفو الردى آناً ويرسب مرة ً | من هوله في ذي غوارب مزبد |
أعيا على عزريل خوض غماره | فارتد يرقب أية ً يهوى الردي |
أين الأساة تقيمني من ضجعة ٍ | نفد العزاء وهمها لم ينفد |
لباه من أعلى الكنانة أروع | ماضي العزيمة ليس بالمتردد |
مترادف النجدات منصلت القوى | متطايح النخوات واري الأزند |
يرمي مهولات الخطوب بمثلها | من عزمه حتى تقول له قدي |
لبى الجريح ففارقته كلومه | ومضى فكانت وقعة ً لم تجحد |
فسقا الحيا القوم الذين تكفلوا | بقضاء حقٍ للهلال مؤكد |
من أريحي بالندى متدفقٍ | أو أحوذي للسرى متجرد |
يجتاب أجواز المهامة ضارباً | فيها بأخفاف المطايا الوخد |
ماضٍ على هول السرى يفري الدجى | بمضاء عزمٍ كالشهاب الموقد |
وإذا الهجير توقدت جمراته | أوفى فكافحها ولم يتبلد |
قذفت به المرمى البعيد صريمة ٌ | تهفو نوازعها بأبلج أمجد |
جم النزاع إلى الصعاب يخوضها | كلفٍ بغايات العلى والسؤدد |
قطاع أقران الأمور مغامرٍ | فيها بهمه ذي بوادر أصيد |
لم يلهه أربٌ ولم يقعد به | قول المغرر ألق رحلك واقعد |
لما وقفنا للوداع عشية ً | خفقت لموقفنا قلوب الحسد |
جبريل ثالثنا وعينٌ محمدٍ | ترنو إلينا من بقيع الغرقد |
ودعته وكأننا لقنوتنا | وخشوع نفسينا بساحة مسجد |
سر ظللتك من الإله غمامة ٌ | وكافة ٌ لك بالمنى والأسعد |
وإذا أتيت الباسلين فحيهم | عني تحية شيقٍ متوجد |
واسأل عن الشهداء أين قبورهم | فإذا عرفت فطف بها وتعبد |
وإخالها بين الحطيم وزمزمٍ | ضرحت لهم أو في عراص الفرقد |
لهفي ولهف المؤمنين على دمٍ | تهريقه أيدي الطغاة الجحد |
هف القلوب العاطفات أمالهم | في الناس من ناهٍ ولا من مرشد |
لهف الجلامد إن بين جنوبهم | موتى قلوبٍ عوليت بالجلمد |
أقبلت تزحف بالفيالق ترتمي | بين القواضب والقنا المتقصد |
والمرعدات تبيح كل ممنعٍ | وتطير أو تهوى بكل ممرد |
القاذفات الموت أحمر هائلاً | ينساب بين مصوبٍ ومصعد |
التاركات الأرض بين رواسخٍ | نزق الجوانب أو شوامخ ميد |
ترمي فتجتاح الألوف حواصداً | وتظل جاثية ً كأن لم تحصد |
يا عيد أي شجى ً بعثت ولوعة ٍ | لعيوننا وقلوبنا والأكبد |
عاديتنا فحرمت صفو ودادنا | فإذا رجعت فصافنا وتودد |
لله در المنعمين بمالهم | في الله لا نزراً ولا بمصرد |
ظلت أكفهم تسح فديمة ٌ | من فضة ٍ وغمامة ٌ من عسجد |
صاح المؤيد أدركوا جرحى الوغى | فإذا بهم مثل العطاش الورد |
والمرء ما لم ينتدب لعظيمة ٍ | شنعاء يكشف هولها لم يحمد |
إيهٍ بني مصرٍ وتلك إهابة ٌ | من عائذٍ بنوالكم مستنجد |
كونوا كأم المحسنين سماحة ً | إن الموفق بالموفق يقتدي |
رفعت منار الجود فيكم عالياً | تعشو الكرام إلى سناه فتهتدي |
تلك المروءة خالداً مأثورها | والصنع محتقرٌ إذا لم يخلد |