المرأة و الفن
بليتيس: كفانا فقد جنّ هذا الفتى | و جاوز حدّ الكلام المباح |
نكاد نحسّ اختلاج النّجوم | و نسمع مضطربا في الرّيح |
مريض الغريزة فتّاكها | حبته الطّبيعة أمضى سلاح |
سقته الشّياطين يحمومها | فمجّ الرّحيق و ذمّ الصّباح |
تأثم بالفنّ حتّى غوى | و ما الفنّ بالمرأة الخاظئه |
هو الدّم و اللّحم ما يشتهي | هو الخمر و المتعة الطّارئه |
و كم في الرّجال سعار الوحوش | إذا لمسوا الجثّة الدّافئه |
فلا تذكري فنّ هذا الفتى | بل الحيوانيّة الخاسئه |
رأى جسم حواء فاشتاقه | فهاجت به النّزوة المسكره |
سبي روحها فاشتهى جسمها | فثارت بعزّة مستكبره |
سما جسمها و تأبّى عليه | فجرّد في وجهها خنجره |
وهمّ بها فالتوى قصده | فأرسل صيحته النكره |
ألم ينسم الخلد من عطرها ؟ | ألم يعبد الحسن في زهرها ؟ |
ألم يقبس النّور من فجرها ؟ | ألم يسرق الفنّ من سحرها ؟ |
شفت غلّة الفنّ حتّى ارتوى | و إنّ دنّس الفنّ من طهرها ! |
و هامت على ظمأ روحها | و كم ملأوا الكأس من خمرها ! |
على مذبح الحبّ من قبلها | سرج يسبّح من لألأه |
منار يجوب الدّجى لمحة | فتلقى السّفين به مرفأه |
يبثّ الحرارة برد الشّتاء | و يلهب شعلته المطفأه |
و تمشي الحياة على نوره | و ما نوره غير أعين امرأه |
خطيئتها قصّة الملهمين | و إغراؤها الفرح المفتقد |
بأرواحهم يرتقون الخلود | على سلّم من متاع الجسد |
ولو لم تكن لهوى فنّهم | صريع الظّلام قتيل الجمد |
و ما الفنّ إلاّ سعير الحياة | و ثورتها في محيط الأبد ! |
لهيب إذا الرّوح مرّت به | تضاعفت الرّوح في ناره |
يطيق القويّ لظى جمره | و يعشو الضّعيف بأنواره |
رمت فيه حوّاء آثامها | فذابت على صمّ أحجاره |
لقد قرّبت جسدا عريا | و قلبا يضنّ بأسراره |