كبرياء
(1)
| |
نداؤك يا فؤادَ كفى نداءَ | أما تنفك تسقيني الشقاءَ |
أنا ظمآن لم يلمعْ سرابٌ | على الصحراءِ إلا خلتُ ماءَ |
وأنت فراش ليلى كل نور | وتبعث كلَّ برق قد أضاءَ |
فؤاديْ قل لها لما افترقنا | على شجن، وما نرجو اللقاءَ |
حببتكِ ما شدوت شعراً (!!) | ولكني اعتصرت لكِ الدماءَ |
إذا أنا في هواك أضعت روحي | فلست أضيعُ فيك دمي هباءَ |
غرامُكِ كان محراب المصلى | كأني قد بلغتُ بكِ السماءَ |
خلعت الآدميةَ فيه عني | ولكن ما خلعت به الإباءَ |
فلم أركعْ بساحته رياءَ | ولا كالعبد ذلاًّ وانحناءَ |
ولكني حببْتُكِ حبَّ حرٍّ | يموتُ متى أراد وكيف شاءَ |
(2)
| |
وحبيب كان دنيا أملي | حبه الحرابُ والكعبةُ بيتُهْ |
من مشى يوماً على الوردِ له | فطريقي كان شوكا ومشيتُهْ |
من سقى يوماً بماءٍ ظامئاً | فأنا من قدحٍ العمرِ سقيتُهْ |
خفق القلبُ له مختلجاً | خفقةُ المصباحِ إذ ينضبُ زيتُهْ |
قد سلاني فتنكرتُ لهُ | وطوى صفحةَ حبي فطويتُهْ |
(3)
| |
أقبلتُ للنيلِ المباركِ شاكياً | زمني وقد كثرتْ عليَّ همومي |
ومسحتُ كفيْ والجبينَ بمائهِ | علِّي أهدئ ثورةَ المحمومِ |
وجلست أنثرُ جعبةً معمورةً | بالذكرياتِ جديدِها وقديم |
لهفي لحب مات غيرَ مدنسٍ | وشباب عمر مرَّ غيرَ ذميمِ |
خان الأحبةُ والرفاقُ ولم أخنْ | عهدي لهم وصفحتُ صفحَ كريمِ |
ايخيفُني العشبُ الضعيفُ أنا الذي | أسلمت للشوكِ الممضِّ أديمي |
وإذا ونى قلبي يدق مكانه | شممي وتخفقُ كبرياءُ همومي |
اني لأحمل جعبتي متحديا | زمني بها وحواسدي وخصومي |
أحني لعرش الله رأساً ما انحنى | بالذل يوماً في رحابِ عظيمِ |