مراسم الأسى
نجم عذوف
في مُقتبلِ العمرِ رَممتُ أخرَ الحكايا ،
ورسمتُ وجهاً آخر للسنواتِ
أرَّخت ميلادَ الجداول،
والشواطئ المتخمة بذكرياتنا الافتراضية
وكان صوتُ الريح يعبثُ بالصدى المتصحر
أمسكت أطرافَ الليلِ الهارب من التنهيداتِ العقيمة
وأطعمتهُ الى القمرِ المستوحش
أمسكتُ أخرَ موعظةٍ لجدتي السومرية ،
جدتي كانت اخرَ بذرةٍ لقناديلِ الالهة
أسرابُ النيازكَ تركبُ فضاءنا المقفر ،
لِتُفرغَ مَنْيَها البائس وتتركنا في حيرةِ الدروبِ المتعرجة
كانت جدتي تُلبسني مِعطفَ السنوات الرثة،
وهي تتمتمُ بتعويذاتٍ سومريةٍ ورثتها من معبدِ إينانا
أصابعها التي تشبهُ شمعدان المعبد القديم،
تُمررها على تمثالِ رأسي الطيني .
تُباركُ نَوحَهُ الغارقَ بالحزنِ
ما كان للماء أنْ يَخذُلَ الجداول النحيفة،
في أطرافِ المدن القصية ،
وهي تفتحُ ساقيها على فراشِ العطش الموبوء.
ما كانَ لِلأَسرَّةِ أنْ تُمارس لعبتها الوقحة،
على اللذةِ المنهكة .
لا خيار للنزوة سوى الإفلات من الحلمِ،
حتى لا تدعَ القسوة تجلدُ الأمنيةَ الغريبة.
الناعي الواقف على جثةِ النهرِ ،
يَغرقُ في المتاهةِ وهو يسمعُ حشرجة الجفاف .
كانت جدتي تقول :
الناعي أسير مستنقع الحزن .
غريب عن جسدي المعطفي الذي لا يدفئَ روحي ،
أقتنصُ وجهَ جدتي لأتدفأ .
آهٍ، يا روحي المحترقة في الخرافة.
أيُّها القابع في دروبي ،
دَعْ غربتي المفجوعة تنزع رداءَ ليلها البهيم
واتركني لآخر أُمنيةٍ بعد مقتبل العمر
مِنْ ليلِ اغترابنا مَرَّ اخر لحنٍ للمغني،
وكان صوتهُ المخنوق بالعَبرَةِ ،
تشبه نحيبَ جدتي على قبرِ أُمي
أوف ..
تذكرتُ أُمي
أمي حكايةً أخرى من مساءات جدتي
شمعدان أوروك المتخم بالشهقات
صوتٌ مؤجل للريحِ المكتظ بضجيج الحقول الصفراء .
اعمقانا الفسيحة قاحلة تغزوها تجاعيد الحزن
الظلال الخجلة تنزلق فوق الرغبة المعلقة
لتحكي عن بؤسنا المشوه ،
عن المحطات التي انطفأت .
كانت جدتي تقول :
لملم اشلاءكَ كي لا تبتعد الاصداء ،
كي لا يلاحقك الليل بمخالب الهزيمة.
الوميضُ ( يشلح ) الظلال العتيق
يرتعشُ الألم المسموع في زاوية الجسد
مقتبل العمرِ هلوسة كافرة ، ومحاكاة رثة للذاتِ القديمة
صوتنا الاخير تنويعات في نشوةٍ كاذبة ،
يضجُّ بالنهايةِ المبتورة .
2012
