الرئيسية » , » متحفُ النَّوم | عبّود الجابري | كتاب الشعر | العدد الثانى والثلاثون

متحفُ النَّوم | عبّود الجابري | كتاب الشعر | العدد الثانى والثلاثون

Written By غير معرف on الثلاثاء، 9 أبريل 2013 | أبريل 09, 2013




متحف النوم

عبّود الجابري   

الفهرس
1-عتبة عالية
2-عنّي .. ربـّما
3- أفــــــول
4-حديث النهر
5-ألبوم صور شخصية
6- ممتلكات
7-مناجيات
8- متحف النوم
9-مناجل كفيفة
10- خلاص باهت
11-  أنتِ ...
12- في تأويلِ الرَّنين
13-البلاد .. تأنيث الوطن
14- موت مؤقت
15- ذيل الحكاية ...
16-  تهذيب النهار
17-  عنها .. حتماً
18-  ...أَوْ "نَتَّخذَهُ بلَدا"
19-  ورقة وحيدة يا الله
20-  إرث مستقطع من الوصية
21-إحتضار
22- غــفــــران





















عتبة عالية


قلْ :
تعالوا نقرأُ الأيّامَ
 بمرآةٍ واقفةٍ على رأسِها
لكمْ ما أنا فيه
ولن أطلبَ منكمْ سوى ما أنتمْ فيه
فأنا لستُ ابنَ الأيّام السُّود
لي سنٌّ تعجبُ الناظرَ حينَ أضحكُ
ولي قلبٌ يرفرفُ
 لضحكة طفلٍ عابرٍ
كلُّ ما أريده منكم
يومُكم الذي يجودُ عليكمْ ببلاغةِ النصيحةِ
يومكمْ الذي تمنَّيتُه لكم دائماً
وحين أملكُ ذلكَ اليوم
لن أقولَ لأحدٍ منكم
لماذا أنتَ حزينٌ هكذا .....؟




عنّي .. ربـّما
حين سقطْتُ
لم أُحدِثْ رنيناً
لذلكَ
لم يلتفتْ إليَّ أحد ....

******

أعقدُ العمرَ
على ناصيةِ فرَسي
أنا حصانُ الغزواتِ الخائبة
أكرهُ ذكورةَ الموتِ
حتّى حينَ يؤنّثُ خطاه
ويسيرُ على أطرافِ أصابعه
وأعشقُ ذكورةَ الوطنِ
حينَ يتقمَّصُ قلبَ أمّ

******

أنا تمثالُ الملحِ
الَّذي عاقبهُ الله بالمطر
عرفتُ ذلك
حينَ تذوَّقتُ دمعَكِ
في يومٍ ماطر ...

*****


لمْ أجدْ ما أفعلُه
حين مت ُّّ
لم أطلِقْ آهةً واحدةً
ولم أصادفْ بائعاً متجِّولاً
في أزقَّةِ ضجَري
لم أطمعْ بالعودةِ إلى الحياةِ
حين مررتُ على شريطِ عمْري بشكلٍ عابرٍ
لكنَّني سأُبعَثُ بعد موتٍ طويلٍ
وأسألُ السؤالَ ذاتَه
السؤالَ الَّذي أفضى بي إلى الموتِ :
لماذا عليَّ أن أموتَ
لكيْ أدخلَ الجنَّة ....؟

***** 

أنكسرُ
من جهةِ القلبِ فقطْ
فأَريحوا معاولَكُمْ
الَّتي تحفرُ في رأسي ...

*****
أومئُ لطيرٍ
فيحطُّ على يدي
...
وتطيرُ غربانُ التَأويل منْ أَعْشاشها :
-
ربَّما يكونُ قدْ أَصابَه بحجَر
...-
ربَّما يكونُ طيراً عليلاً هوى
-
ربَّما كانَ جائعاً وأخطأَ المَأْوى
-
ربّما...
......
وحدَهُ الطير
رأى من بعيدٍ
أثرََ شفتيكِ على يدي
فحطَّ ليحملََ ظلَّ قبلةٍ
ويسألُني
إن كانتْ يدي تحسنُ الطيران ..؟

***** 

مطرِقاً
أنتظرُ وصول الشَّمس
لعلّي أرى شيئاً
يلمعُ في سواد التراب ...

***** 
لا تخَفْ من يديَّ
فلنْ أكونَ المصَفِّقَ الوحيدَ
ما دمتُ
أقرصُ لساني بيدٍ
وأشيرُ إلى الموتِ أن يتَّئِدَ
باليدِ الثانية ...

*****
كلَّ ليلةٍ
أرسمُ حصاناً على الجدار
أتراني
أحلمُ بفروسيَّة الغبار ....؟

***** 
كلَّما أسندتُ رأسي
إلى جدارٍ
تذكَّرتُ رصانةَ
ما وراءَ المعنى

***** 
فقطْ
من أجلِ أنْ يغمروا وجهَكَ بالطين
يتنافسونَ
لينحتوا تمثالَك ...

***** 

يُسقِط التّاءَ عن العشيرةِ
لينادمَ ما تبَقَّى من حروفِها...
تلك هيَ
مهنةُ الشّاعرِ الوحيد

*****
يكتفي بصلاةِ الغائبِ
حين لا يستطيعُ
دفنَ أحلامِه
الَّتي تموتُ في ذروةِ الطَّيران ....

***** 

مثلَ راعٍ مخمور
أَتمثّل قلبي قطيعاً مهرولاً
فأحتارُ
هل أتبعُه
أم أسيرُ أَمامَه ...؟

******
ما أقولهُ لكِ دائما
أقلُّ مما يريده القلبُ
وأكثرُ ممّا أوصيتُ بهِ اللسّان




أُفــــــول
ترى
أين ستذهبُ هذه الحمامة ُ
حين يشيبُ جناحاها
ويشيخُ منها الهديل.....؟
هل تلوذُ بمرايا العصافير الفتيَّةِ
لتسقطَ في الوهمِ...؟
أم أنَّ نافذةً صمّاءَ
ستمنحُها فرصةً للغناء...؟
كيف ستعتذر
لسائحٍ يفلحُ في تمشيطِ ريشِها
حين يفرّ السِّربُ ...؟
كيفَ
لها
أن تتهادى في الساحةِ
أو تتمادى في إغواءِ العُشب ...؟
هل ستفتّشُ عن ولدٍ صالحٍ
يطحنُ لها حبّة القمح
لتأكلَ ...؟
أو عاشقٍ قديمٍ
يطارحُها ما تقادم  من ولهٍ...؟
ربَّما
ستقاسم أرملةً
حزنَها
والقفصَ المعدني
وقد تمتهنُ النواح
في مآتم الطيور
ترى
أين تذهبُ هذه الحمامةُ ...؟
حين يمنحُها الشجرُ
عشّاً خفيضاً
وجيرانَ لا يحفلونَ بتأريخها..




حديث النهر

يتحدَّثانِ عن النَّهر
هي، بعطشِها القديم
وهو، بضفافِه القاحلة..
يتلعثمانِ
في قراءةِ حروف الماء
عجمةٌ في اللسانين
لسانٍ مضى يتجسَّسُ على وجع النهر
وسط هجير البلاد
ولسانٍ قضى..صامتا
دون أن ينبس ببنتِ قبلة..ٍ
قبلةٍ.. لصفصافة الروح
لسعفةٍ يابسة
معلّقةٍ في مهابة النخل
لعمرٍ أجرد
ملفوفٍ بعباءةٍ من الخزف
يتحدَّثان عن النهر
عمَّا أمحل من جروف السماوات
وعمَّا أسلم رياحه لمطر المواسم
يبكيان
بعيون
تقطر رملا
تقول له:
أيها المنديل العتيق
ويقول لها:
يا صرَّة الماء
فيعرف النهر أنهما موغلان
 بماء سرى في خيوط النار
فيغسل منتشيا
مايذران على رصيف التمنِّي
من رماد العناق






ألبوم صور شخصية


الجُّرحُ القديمُ
يشبه سكّيناً جديدة
له حواف لامعة
ربَّما
لأنَّه مقطعٌ طوليٌّ
من حياةٍ
عبرتْ جلودنا

(2)
هناكَ ألفُ سببٍ
لتبتسم لصورتكَ في المرآة
أهمّها :
أنَّ المرآة لم تكتشفْ موتَك بعد ...





(3)
وكأنّي بكَ
تسيرُ حافيا
خائفا وخجولا
تهمهمُ متلفتا
خوفَ أن يسمعكَ الناسُ
مثل نبيٍّ
يستحي أن يسأل الله أمرا
ويخاف على الجمرة أن تسقط من يده
فيحملها
ويركض
لعله يصل الماء سريعا ...

(4)
في الُّلغة ..
غالبا ما ننسى الخيط
ونوغل في تفاصيل العصفور المقيّد
ننسى الرصاص
ونحتفي بحزن أمهاتنا
حين نموت
حتى حين نحب
نجبن أن نخبر من يسألنا
إن كنا عشاقا أو معشوقين ....


(5)
لعلَّه يبرد
ولو بعد موت
هكذا حدّث نفسه
حين أودع قلبَه جرّةً
ووضعَها على السّور ...

(6)
يا لتلك الرائحة
كم تبدو وفية
لأبيها الرغيف
يا لتلك الأرصفة
كيف ينهشها العقوق
حين نغسلها من الدم
الدمِّ الذي يتأسَّى بوفاء الرائحة
لرغيفٍ عابر في حياتنا ....

(7)
النَّصل
لسانُ السكين
التي تملأُ جسَدي بالزَّغاريد ...

(8)
فقط ..
حين تغفو الريح
يمكنكَ أن تنسجَ بساطاً
من الرَّماد .....




(9)
كم خيمةً
عليكَ أن تبني
لتزعمَ أن صحراءَكَ
بلادٌ من العتبات ....؟

(10)
يقبـِّل يدَ الشَّمسِ
كلَّ صباح
خشْيةَ
أنْ تفتّتَ حنينَه اليابس ....


(11)
هم مراياكَ ...
يعرفونَ ذلك
لكنهم يلتفتونَ
لمن يطعنُهم
في ظهورِهم فقط ..


(12)
أيَّتُها الغمامة
لا يفرِحُني خراجُك
ما دمتِ جرَّةً فارغةً
يتناوحُ في صدرِها
صدأُ الهواء
وضجيجُ شفة عطشى

(13)
كلَّ صباحٍ
أعدُّ لكِ حروفاً مترفةً
أُرتبُّها في جملٍ مرتبكة
أعرفُ أنَّها ستضيعُ
حينَ ينشغلُ لساني
بترطيبِ شفتيّ





(14)
وهُوَ..
وإنْ كانَ مديناً لك بدمعةٍ
فاعملْ على تذوّقِ ماءِ عينيه دائماً
قبلَ أنْ تفرحَ بنعمةِ السَّداد
واعلمْ إنَّهُ
لم يكنْ يغسلُ عينيه
من أثرِ الرَّماد .....






(15)
أنتَ ابنُ الغيمة يا
صاح ...
مطرهم الذي يحلمون به
بأعناقٍ ضارعةٍ
و ينتظرونَ نزولَك


ممتلكات

سأحاولُ تبديلَ كلِّ شيء
الكرسيِّ الأعرج
والبساطِ الَّذي يمدُّ ألسنتَهُ على بلاطِ الغرفة
سأحاولُ تبديل البساط
لأنَّه يمدُّ ألسنتَهُ على بلاطِ الغرفة
والكرسيِّ
لأنَّه أعرج
سأحاولُ
قلتُ
فلي أسبابي
ولكمْ أن تنتظروا 
شكلَ المنزل
حين يغادرُه الكرسيُّ الأعرج
وتهجرُهُ ألسنةٌ 
ظلَّتْ تسعى فوق الرَّمل المنبَثِّ
على أرض الغرفة ...
سأحاول
قلتُ
لكنّي
لا أعرفُ
إن كانَ الكرسيُّ الأعرج سيلبسُ جلباب التوبةِ
ويمدُّ عرائش الحنين
ليبقى
ولا أعرفُ
إن كان البساطُ
سيكفُّ ألسنتَه
عن السَّعي بين شقوق البلاط الآمنة
حينَها
سيكونُ عليَّ أن أبحثَ عن عاقل يرشدني
فأنا أحاولُ تبديل كلِّ شيء
وأحاول تغييرَ كلّ شيء
أحاولُ أن أركلَ اليوم المكرَّر
وأن أحرِّرَ أصابعي
من لحاءِ شجرةِ المطّاطِ المزروعةِ في أعلى السّماواتِ
وأن أعيدَ ترتيب ما أملك
وما أملكُ
ليس سوى قصائدَ جاثيةٍ على بابِ النسيان
وكرسيٍّ أعرج
وبساطٍ يمدُّ ألسنتَه هازئا ....




مناجيات

قل لها يا ربّ أن تكفكف دموعها ...
قل لها
إنَّ قماشة القلب
لم تعد تصلح منديلا
قماشةَ القلب التي أنهكها تلميع زجاج السماء
لتمنحها شمساً طازجةً كلّ صباح ...


***** 

قل لها ياربّ أيضا ً
أنّ غيابي عنها
يشبهُ غمغمةَ الأخرس
حين يحاولُ
ترميمَ ما يتكسَّرُ في حنجرته من الأغاني        






*****



وكما يكحّل البناء
المسافة بين حجرٍ وحجر
علّمْها يا ربُّ
كيف تكحّل عيونَ الغياب


وكأي من غيماتك يا رب

ارزقها برياحٍ عاقلةٍ

وسماءٍ صافيةٍ

كأيٍّ من غيماتك ياربُّ

تعهَّدها بين يديك

ولا تجعلها تتألَّم حين تسوقُ المطر الناعم

صوبَ تراب المدن العطشى ....

*****  
ويا ربُّ ..
أنا لستُ سوى ذلك الذي تعرفُ
قلب يتململ في جسدٍ ناحل
وقدمان تتبعان صورةَ المجداف في الماء
وعينان تبعثران رمادَ الحلم
حين يوقظُني صوتها
ويفرّ
كطيرٍ كسيح ٍعلى الطين
كمطرقةٍ تترنَّح في غابةٍ من نحاس ........

*****

الحياة شاهقة يا ربّ
فكيف تريدني
أن ألقي بنفسي
من هذا العلوّ...  ؟













متحف النوم
إلى /شادية... قطعا


ليسَ الَّليل بمعزلٍ
عن مرارةِ الفنجانِ الوحيد
حين أقلبُ الظَّلام
وأدعوكِ لقراءة ما تبقَّى في قاعِهِ من النُّجوم
نحنُ رأسان
يختلفانِ إلى وسادةٍ
تعبرُ على خجلٍ فكرةَ النَّوم
أو قراءةَ كتابٍ عن يقظة أهل الكهف
لسببٍ ما ..
لا يكبو هذا النَّوم
عندما يتعثَّر بشتيمتِكِ المفضَّلة
ولسببٍ آخر..
لا تصحو أمّي
حين أعزفُ قربها على ظهر القلب
وأنت مليكةُ الأسباب
لا تفصحين عن سلالةِ الملائكة
الذين يرافقون موتَكِ اليوميَّ
ويعيدونكِ سالمةً إلى بنيكِ
لتنقعي مناشفَ الَّليل

بالخلِّ والماء البارد
وتمسحي وجوهَهم
بصلواتٍ تسكن يدَ الله
نحنُ رأسان
يتناوبانِ على ميتاتٍ كثيرةٍ
غير أنّك تنافسينني
على الموت في طرف سبّابةٍ
عالقةٍ
بأسنانِ الخريف
وتقترحين ربيعَك على مراياي
تنافسينني
لأنك تركضينَ
كغزالةٍ تسابق قرنيها
وأقسم لكِ
أن الله لا يلتفتُ
إلى موتِ النائم
ما دامَ يفكِّرُ بطرائد الصَّحو
لذلك
لم يعثر النهار
على كثيرٍ من العيون
التي صدَّقت خيولَ الَّليل الكفيفة



مناجل كفيفة
(1)
لم تعدْ
سماؤُكِ في متناولِِ أجنحتي
أنا
طائرٌ قديمٌ
وما تبقّّى
لديّ من الرّيشِ
يكفيني فقطْ

لتحريكِ الهواءِ
حولَ وجوهِ
أولادي
حينَ ينامون
...
كلَّما نظرتُ
إلى الأرضِ
رأيتُ النخيلَ
عشباً
والبشرَ أكداساً
من النَّمل
فامنحيني
أرضاً قريبةً
لأسقط َ
دونَ أن
أتشظَّى

 (2)
نومُكِ
يجعلُ الشَّمس تنجبُ نهاراً حزيناً
وشوارعَ بلهاء
ونوافذَ باكيةً
نومُكِ
يجعلُ النَّهارَ يدورُ في الشَّوارع
وفي كلِّ منعطفٍ معتمٍ
يتعثَّرُ بصباحٍٍ ناقصِِ الأطراف
صباحٍ
يستوقفُ العابرين ويسألُهم :
منْ هوَ أبي …..؟
(3)
لا أكذِّب قلبي
فهوَ وإن زلّت بهِ القدمُ ذات يومٍٍ
إلا أنـّهُ لم يكنْ أبداً
قلباً أعـرج



(4)
لا أعرف الّلازورْدَ
كنتُ ألوّنُ الترابَ بماءِ طفولتي
وعندما كبرتُُ
لم أعثرْ على لونِه في تراب مسرّاتي الصغيرة
كنتُ كصائغٍ أعمى
أتلمَّس معدن الذَّهبِ تحتَ قميصِك
فأتلوّى مثل ترابٍ يتطايرُ في مهبّ الألوان
 ….
(5)
حين يعثرون عليك
سيقولون: كلٌّ بجريرةِ ما فعلْ
حتى إذا تفجَّرت العيونُ من يديك
عادوا لتلميعِ احتضارِك
كظامئٍ يدلِّل ظلاًّّ ساقطاً على الأرض
من غيمةٍ يتيمة






(6)
هو جدارٌ أبيض
جدارٌ قديم
ينوءُ بقلبه الطينيِّ اليابس
اكتبي عليهِ اسمكِ فقط
ولا تثقلي كاهلَه بالمسامير….
(7)
ترفَّقي بأطرافِه
وارتقيه بخيطٍ ناعمٍ
لا يجرحُ حواشيه
ولملمي خيوطَه الشاردةَ
واعصريهِ بحنوٍّ حينَ يدركه الماءُ
فهوَ،  وإنْ تراءى لكِ كثوبٍ عتيقٍ
لكنَّه على أيَّة حالٍ …. قلب


خلاص باهت


في سبيله
للخلاص من اللغة الصدئة
يكتب على دفتر النوم العميق
ويحلم بالحروف
تسيل من الحلم
ربما لن يقرأه أحد
وربما لن يستطيع قراءة أحلامه
حين تندغم المنامات في الليل
أو على قارعة النهار
وتغدو قصائده كتبا من النوم المعبأ بالأحلام
نؤوم شجاع
ينام عند حد الوردة
ويحلم بمقتل أعدائه
ويرخي رأسه بين كتفيه واقفا

ليشنق الفكرة المستحيلة
هو ذا جائع
يحسن الظن بالرغيف
وعاشق
يتمطى في نوم حبيبته
ووحيد
يراكض تماثيل أهله
وغريب
يراود المدن عن أرصفتها
وسيّدٌ
يتعبّد مريديه
هو ذا 
جمل يعاتب الصحارى على شغفها بالعضايا
وحصان ينوء بخرف غزواته
ويموء على أبواب فتوحاته المؤجلة
وهو كما ترون معلق على خشب القصيدة
منتظرا هبوب اللغة
لعلّه يستطيع أن يسمي الموت بأسمائه
ويخلع العطايا على مادحيه ميتا
فمن اهتدى إليه منكم
فلا يلومنَّ الرياحين التي تنبت على رأسه
....... 
بوصلة سكرانة
ووطن عاثر
يتكاثفان في سماواته
فيجهش بالمطر الأسود 
أما أنتم 
فما عليكم سوى سداد ديون السنبلة
عطش حواشيها
وحصاد بكارتها النيئة
فأنا لا أسألكم عليه أجراً
إلا المودة في ال 
هذيان…….
امتحنوا غربانكم في الساحات العامة
عسى أن تعثروا على جثة البلاد
وأطلقوا عصافيركم على مشارف النخيل

لعلها تغص بأغنية ذابلة
أودعوا الحمامة الوحيدة
بحوركم العاتية
لعل غصنا يعلق بأطرافها الكسيحة 
اغتسلوا بالماء والبرد

واخصفوا على أرواحكم
من سدرة عابرة للقارات
كفّروا عن خطيئتكم
وتنازلوا له عن ليل شاسع
وأحلام لبنية
وسبيل للخلاص من اللغة الصدئة













أنتِ ...



أنتِ
حيثُ تضعين أُذنيك
على تراب سكّة القطار
وتنتظرين صريراً ناشفا
يأتي من ملكوتٍ عابسٍ
وتبتسمين بدعوى
الأمل المجفَّف
في طراوةِ الانتظار
لا تملكُ العصافيرُ
طريقاً إلى نهارك
والحمامُ
مدينٌ يتوارى عن ظلِّك
والزرازيرُ
تحتفل بشحنةِ طيرانٍ
غيرِ صالحةٍ للتأمِّلِ الآدميِّ
أهيَ تعريفاتٌ للَّيلِ والنهار ...؟
أم أَنَّها لغةٌ
لم  تدركْ بعد انتصارها
على شاعرٍ عاشق...؟
أنت
حين أعتذرُ لكِ عن صدأ  شراييني
التي لم تمنح سكِّينك ما يكفي من الدم
حين أعضُّ على الأغنية
التي ربحتُها
في الهدنة ما بين الإيقاع ونحيب الأمهات الثكالى
حين أملّ من قراءة :
(وجعلنا من بين أيديهم ...)
حين يلطمني الأمل على جبيني
فأتقدم صوبَ يدكِ المندسَّة في جيوبِ الغيب
حين أُسأَلُ عن خطاياي
فأشيرُ إلى نثار صلواتي
حين أَسأل التراب
عن طعم الماء
بين أضلاعِ الحطبِ
أشيري إليَّ
حين تسنِّين الملح
على حجرِ النَّجوى
وامسكي بذراعي
حين تسبقك شياهك
إلى مروج الآخرين
ومرِّغيني
في سباتِ شياطينك
واعبريني
حين يمنحك الماء
جناحَ نورسةٍ
ومنقاراً لاصطيادِ الأيَّام الطازجة










في تأويلِ الرَّنين


رنَّةٌ ...
تصْدُرُ منْ قعرِ العالَمْ
ذلكَ ما جعلَهمْ يطلُّونَ منَ الشُّرُفاتِ
على ما تصِلُ إليه عيونُهم
لمْ يرَوْا
درهَماً ساقطاً منْ جيبِ بخيلٍ
وليسَ منْ قتيلٍ
أُلْقيَ بهِ منْ شرفةِ القصْرِ
لمْ يرَوْا امرأةً يتهَدَّدُها رجلٌ نزِقٌ
كانوا يعرفونَ أنَّ المكانَ
أبعدُ كثيراً
من حلُمِ النّايِ
وأكثرُ شَراسةً منْ ضجيجِ الطَّبلِ
رنّةٌ...
لكنَّها رنّةٌ....












قالَ الموسيقيُّ:
إنها عزْفٌ منفَرِدٌ على وترٍ مقْطوعِ الأَنْفاسِ
وقالَ الجنديُّ :
إنها أوَّلُ النَّفير
وكانَ الطفلُ يحلُمُ بجرَسِ المدرسةِ
وحدَها المَرأةُ قالتْ:
إنها أنَّةٌ ..،
فتبِعَها حشدٌ منَ المصفِّقين
لكنَّها ....
لكنَّها .....
قالَها رَجُلٌ وحيدٌ
ومَضَى يتحسَّسُ قلبَه




البلاد .. تأنيث الوطن



(1)
يشتمون إخوتهم
بالرصاص
ويحتفلون بصمت الأب الحائر
وسط موت بنيه
......
تلك قيامة الوطن
حين يمدّ رأسَه
من النافذة
ويصفّق لأبنائه حين يرقصون

(2)
محفوف بالمعاصي
هذا الوطن
لذلك نحجّ إليه
لنتطهَّر من الحنين
 ...



(3)
ما زلنا صغارا
أيُّها الوطن
وبعض من وفائك لأمّنا
أن لا يكون لنا
زوجات أب ...
(4)
اللَّعنة ...
ألا تعرفْ أن الرُّقعة
هي كل ما تبقَّى من الثوبِ القديم...؟
فلماذا تغرزُ إبرتك
في لحمِ غربتي
أيُّها الوطن الأعمى ...؟

(5)
أوَلسْتُ ابنكِ
الذي لمْ ترضعيه سوى ترابِك؟؟
فلماذا تحضنين
ظلال أبنائهم
وتمنحينهم إخوتي في الرضاعة ....؟
أيتها البلاد ..
يا شتيمة من يرانا نسير معا
فيعضّ أصابعه
ونظلّ نراوغ جهل شتائمه
إذ تضلُّ الطريق
وتطيع سبّابةً ضريرة ...



(6)
يمضي الطُّغاةُ
كرغوةٍ على يدٍ ناعمةٍ
لذلك سأهتف باسمِك
حين يحمِلُني
الشَّوقُ على أكتافه ...





موتٌ مؤَقَّت
نمتُ كثيراً هذا النَّهار
كنتُ أجرِّب موتاً مؤقتا
لعلَّ موسيقى حزينةً
تعبرُ ميدانَ الاحتفال بنومي
لعل صديقاً يواسي قصيدتي اليتيمةَ
نمتُ من باب الشتيمة المهذَّبةِ
لشوارعَ لم تعدْ تتَّسعُ لخُطاي
وحين صحوتُ
وجدتُ كل شيءٍ على حاله:
الولدُ الذي ينتظر عصيرَ البرتقال
البناتُ اللَّواتي
يكرهن نومَ الأبِ في غلائل النَّهار
وامرأة
تسعى بين نومي
وبين صرخةٍ تموتُ في حنجرتها
كلُّ شيء على حاله
صور الطغاة في الجريدة
الشُّهداء الذين ينتظرون الدفن
مواعيدي ليوم غدٍ
عتبُ الشَّمس على جفوتي
وليل
ينتظر نوم الحالمين
ليهيئ للشمس
قميصاً جديدا ...


ذيْلُ الحِكاية ...

ما الَّذي يتوجَّب على الضيف نكرانُه
بعد خمسين عاماً
من القِرى في ضيافةِ الحياة ..؟
هي ليستْ خمسين عاماً
لكنّها أكثرُ بكثير
حين تحصي فوائدها
كأيّ إلهٍ ربويٍّ
وعليكَ أنْ تقومَ جذِلاً
بتعريفها لمن حولِك
من المقبلين على بشاشتِها الزائفة
سيلزمُكَ:
•        وطنٌ باسطٌ ذراعيه
•        خيمةٌ محشوَّةٌ بالظِّلال
•        حزنٌ صديقٌ للبيئة
ونارٌ ذابلةٌ لتُشعلَ خرافتَك
دونَ أن تُفزِعَ الظَّلام
الذي يدوّن ابتساماتِ مصابيحك
وستكونُ مكرهاً
على إعادةِ الأشياءِ إلى أسمائِها
كأن تسمِّي الخليفةَ طاغيةً
وتسمِّي حبيبتك
ابنةَ الله ..!
وأنتَ لا قِبَلَ لكَ برحمة الله
أوغضبِ الخليفة
وحين تنزلُ من قرنِ الحمََلِ اليافع
لتستلَّ سيفَك الخشبيَّ
فمن أينََ لكَ أنْ تعثر
على اسمٍ للعراق ...؟
ستتعثَّرُ قدماك بسنبلةٍ
حين تنوي القفزَ من زحامِ الوليمةِ
صوبَ مجاعة ِالغرباء
ستعاتبُك النخلة
إن أنتَ نظرتَ إلى شعرِ السَّيْسَبان
سيشتمُكَ الفرات
إن توضَّأت بماءِ الآخرين
وسينعكسُ السَّواد على سحنتِك
إن نسيتَ عباءةَ أمِّك
ألم أقلْ أنَّ عليكَ أن تعيدَ الأشياء إلى أسمائها ...؟
فكهرمانةُ
لم تكن 
تصبُّ الزيتَ الساخنَ
على رؤوسِهم







كان ماءً بارداً
غسلَ اللُّصوص به وجوههم
وانتشروا في شوارع بغداد
تلك هي جريمة (محمد غني حكمت)
حينَ قام بتزوير فصلٍ كاملٍ
من (ألف ليلة وليلة)
وعلق علما أسود 
في يدها اليمنى
بينما يدها اليسرى
تطلقُ الرَّصاص على العابرين
هكذا ألْفينا البلادَ
جرّةً من خزفٍ تالفٍ
تحملُها غانية
تترنَّح في خرائبِ بغداد






تَهْذيبُ النَّهار


كن نبيلاً أيُّها النَهار
وابحثْ عن فريسةٍ
مبتلَّةٍ بليلٍ وادعٍ
ونومٍ غزير
كنْ نهاراً ينتسبُ إلى الشَّمسِ
وعُضَّ على جوعِك
بأنياب الصَّبر
كن تقيّاً
وخذْ بأيدي إخوتِك من النَّهارات الضالَّة
امسحْ خطايا أخيك اللَّيل
فثمَّة شمسٌ
مقيمةٌ على كتفيك
وثمَّة فرائسُ كثيرةٌ
تكتبُ ذنوبَك
على ألواح النزع الأخير








عَنْها .. حتْماً
سأصيرُ نهراً
عندما
تمنحينني ماءً جاريا
وضفَّتين يلعبُ على ترابهما الصغار
لن يغضبني قليلٌ من الطين
في جوفي
ما دام سيسعفُ السَّنابل
في جوعِها
سأصير نهراً
عندما
تكونين النبع
في الولادة
والمصبَّ
عند الممات ...




يرضى
بقليلٍ من الملح
على زادِ أيّامِه
بقليلٍ منك
في ليلهِ
وقليلٍ من الَّليل
حينَ تنامينَ على كتِف الحُلم
قليلٍ من الحلم
حين تسيرين على ضفَّة النوم
قليلٍ من النوم
يؤرجحه الناي
بين بحَّتِه ِ
وبين أجراسٍ معلَّقةٍ في رقابِ القطيع


يكذب من أجلك
هذا القلب
لعلّه
يدخل جنَّة الصادقين ...


محبرةٌ..
أو دواةْ
لن تغيِّر الأسماءُ
معنى الماءِ الَّذي يسكنُها
ما دامَ القلبُ
سيشربُ منْها
حين يصلبُه العطشُ على بابكِ
ويجهشُ بالكلام ...
هناكَ فقطْ
أعْرِفُ أنَّ قلبي قلمٌ ظامئ
وأنَّكِ ورقةٌ تَقتُل القلمَ
بالبياض ....

أنت طفل يتعلّم الكتابة
وقلبي قلم رصاص
يخاف أن ينكسر
فتبكين
وتعاجلينه بمبراة جديدة ....



أيّ حقلٍ عاشقٍ
ذلك الَّذي
حين يدركُه الظَّلام
يرى المنجلَ في يدها هلالاً....؟


كثيراً ما أحسنُ الظنَّ بالدمع
فاحرثُ ترابَ أيَّامي
حين تشرعُ عيناك بالهطول ...


كيف عثرتِ
على الطّينِ في قلبي
فمددتِ جذورَك عميقاً ....؟


حين ترينَ غراباً
ينقرُ مخالبَه بتلذُّذٍ
وبلادا تصفقُ بابها الحديديَّ بوجهي
وأصدقاء ً
يغسلونُ أيديهم من دسَمِ الماضي
وأبناءً
يختلفون على شرفِ العائلة
فاعلمي
أنهم خارجون للتوِّ
من وليمةٍ
يقيمها غيابُك
بذبحٍ عظيم ٍ
هو قلبي





المْ تعرفي بعدُ
أنَّ صمتي
تناصٌّ مكابر ٌ
مع فكرةٍ جارحة... ؟



أعتذر..
لأنَّ لي قلباً بدائيّاً
لا يملك أذنا موسيقية
ليكفَّ عن الضجيج
وينظم إيقاع دقَّاته
حين أحاول
أنْ أغرِق أُذنيكِ بالهمس .....


أخفضُ لكِ جناحَ الذلِّ
وأدرّبُ قلبي
على الطيرانِ إليك
بجناحٍ يتيم


سمـّه ما شئت ِ
فهو وليدُك
هذا القلب


أفتحُ فمي
حينَ أراكِ
مثل ضريرٍ
يحاولُ أن يلضم خيطاً بإبرة


ترفرفينَ على قلبي
كالعلم ِ
في الأراضي المحرّرة ....



حين أقسمَ لها بالرَّغيف
أدركت إنَّها كانت تشتِمُه بالوردة





الحلم ...
مساحةُ ما نظفرُ به من أوطاننا
فاستريحي فيه قليلاً
ريثما ينامُ الموت
وأعدّ لكِ الوطنَ كاملا


الكلامُ
أعرجٌ يتعثَّر
بخيوطٍ منسولةٍ من بساطِ صمتكِ

...



منْ حمامتينِ
تتخاطفانِ الهديلَ على نافذتي
سأتعلم
كيفَ أدجّن يديكِ







...أَوْ "نَتَّخذَهُ بلَدا"

سنرتِّبُ النجومَ
حسْبَ أَعْمارِها
نحنُ أَصْدقاءَ الَّليلِ الَّذي يتبعُ مكائدَ السكارى
أبناءَ الأَرملةِ الَّتي تقايضُ سوادَ أَيّامِها
بقاموسِ مطرٍ حديثِ الولادة
أيتامَ الأبِ المقيمِ في جناحِ الغراب المنفيِّ
سنَضْربُ في مُتونِ الوحشةِ
لنكتشفَ الأصَبعَ
الَّتي تشيرُ إلى دمِ الأَيّام المقتولةِ غدراً
ونجتهدُ في تأويلِ جنابةِ القتيلِ
وصلواتِه الَّتي لمْ تسافرْ إلى جزرِ اللّـه
سننصِبُ خيامَنا عندَ بابِ اللُّغة العجوز
ونقسمُ لها بأَكثرِ الخلفاءِ رشداً
أَنَّنا لمْ نقصِدْ أَنْ نجتَرِحَ لهذا الدمِ
سوى لونِه الَّذي تعرف
ولمْ تأخذْنا في الخوفِ لومةُ نائمٍ
نحنُ خونةُ الغبار
الذي يزاحمُ أنفاسَنا على هواءِ الشوارِع







وسدنةُ الشَّبقِ اللَّغوب
ركضْنا باتِّجاه البحْرِ
فشَحُبَ دمُ الجرار
وعبَستْ المياهُ العالقةُ في أجنحةِ النوارسِ
ركضْنا صوبَ الغديرِ
فوجدْنا عطشَنا أكثرَ اتِّساعاً منْ ضفَّتيه
تخفَّفْنا منَ المدُنِ لنركضَ صوبَ نسائِنا
فتخفَّفت منّا نساؤُنا ولُذْن بالمدنِ الوحيدةِ.
.........
نجمةٌ لكلِّ وحيدٍ يخوضُ في بئرِ ظلامهِ
نجمةٌ لكلِّ طريقٍ يتلَذَّذُ بخلوةِ عاشقين
نجمةٌ لقمرٍ وحيد
نجمةٌ لكِ
ونجمةٌ لي
حينَ نَقتسمُ هذا الجناحَ اليتيمَ
فنموتُ
أَوْ (نتَّخذَهُ بلَدا) ...







ورقةٌ وحيدةٌ يا أللّه
أكان لا بدّ من النار ....؟
كان يمكنك
أن ترش عليّ قليلا من الماء
لأقشعرّ ،
ويذوب ما عليّ من حبر
وأتجعّـــد عند اليباس
فأنت تعرف أنني ورقة
أزهو بما تبقّـى من خضرتي
فدلّني على غصن أتعلّق به
خذني من هذه الشجرة
وعلّــقني
على أسلاك شجرٍ صناعي
لأروي طينه الزائف
حين أبكي




إرث مستقطع من الوصية
(1)
لا تترك الوردة وصية
فليس لها أبناء
يرثون ما تبقى من عطرها
وربّما كان الموت
وقتا مستقطعا
تقلّب فيه دفاتر السماء
لتحصي حسناتها
وأدعية العاشقين ....

(2)
حتى دمنا
سيكون بلون الحلم
أبيض
ولك أن تفرح بالأحمر
الذي يجف على الرصيف
ذلك هو لون الجمر
في عيونك الآفلة
(3)
أنت عاصمةُ قلبي
عرفتُ ذلك
من تظاهرة سلمية
في ميدان صمتك
ودم
زعموا أنَّه دمُ الشرطيّ
الذي أدمى هراوته
وجع الهتاف .....

(4)
لا يترك القلب بذورا
حين يجف
أيها المطر الذي يأتي متأخرا ....

(5)
الظلام ذكر
والعتمة أنثى
حين يمضي بهما الضوء
إلى شرفات الكلام ...

(6)
السكَّر
حين يحترق
مرارةٌ تحدِّث الآخرين
عمّا لا ينفع من أيامها ....

(7)
وحدها الفراشةُ
تحلم بعيونٍ مفتوحة
....
تفرح حين يخونها اللهب
تنثر طلع أجنحتها على فسائل الضوء
وتكنس كل يوم
نوم المصابيح
وأوجاع رفرفة خاسرة .....

(8)
الوحشة....
حشد باك من الأيدي
وقدمان
تشرعان في الرحيل .....

(9)
سأرافق النهر
حتى آخر أغنية للصيادين
لعلي أصل ماءك
الذي لم يعكّره
جناح نورسة متعبة
وأهمس في أذنك:
استفيقي
واغسلي وجهك
بماء أغنيتي الطهور .....



(10)
كجمرةٍ
تسرقين حمرة الورد
ألم تفكِّري بعداوة الماء .....؟

(11)
نمسك بأطراف الأرض
كلحافٍ قديم
ننفض ماعلق في قلبها من الغبار
ونوسّع لها ركنا ضئيلا في غرفة الخزين
فهي أرض صغيرة جدا
تضيق بسبّابة العاشق
حين يشير إلى شمسه
وتغار من البحر
حين يمنّ على غريبين
بزورق خجول
وأغنية شاحبة ....


(12)
متى تلوذين بالقلب
حين تكونين
في مرمى البصر .......؟

(13)
يلعب الصغار على تراب النهر
فيبكي الجسر من عطش
ويشتم عابريه
ويبحث عن اسم آخر في معجم التراب
ويصرخ بالماء الأصم:
أعدْ لي طراوة اسمي
فلم أعدْ سوى صفحةٍ مهملةٍ
في سيرة نهرٍ مريض ....


(14)
بكثيرٍ من الموت
سيكون لنا قليلٌ من الأضرحة
فلم تطلقين النار
في جميع الاتِّجاهات ...؟


(15)
إنَّه خيطٌ من الشَّمس
ينسَلُّ
عبر ثنيةٍ في السِّتارة
فلماذا تغمضُ عينيك
أيُّها الأعمى ......؟


(16)
قلبُها
قلبها الجلاّد
وحدَه ، يختصر الغابةَ الكثيفة
إلى حزمةٍ من الخيزران             


(17)
لستُ وحيداً أبدا
كلّ ما في الأمرِ
أنّني
صرتُ رفيقاً لوحدتي .....



(18)
لماذا
لا يمنح الله الشمس عطلة أسبوعية.....؟
ليعرفَ الناس
إنك مضيئةٌ دائما
وإنَّني الوحيد الذي يرى


(19)
من منّا بكى على صدر الآخر...؟
وحدَهُ القميصُ المبتلُّ
يعرفُ الجواب ......


(20)
مثل زهرة عبّاد الشمس ..
أشقى بغروبِك ...


(21)
لست نبيّا
يتفيأ ورَعَ قميصِكِ
حين أكونُ على مشارف الزرِّ الأخيرِ من الحلم ..


(22)
كيف سأكتبُ عن الجاذبيَّة ...
وغصنُك يزداد ميلاً
ولا تسقطين ....؟





إحْتِضار
وأنتِ تخْلَعينَ العَطايا
على شمسٍ تقفُ ببابكِ
تذكّري أنَّ ثمَّة شموساً
غارقةً في التعفُّف
لم تشأْ أنْ توقظَ مدناً
نائمةً في يديكِ
وأطفالاً  يختلسونَ الماءَ
من عشبٍ يتسَلَّلُ إلى صدركِ
هل لكِ أن تسألي المسجد العجوز
عن فتوّةِ المكنسةِ
التي كنسْتِ فيها الثآليل عن جبيني
لتقولي:
هوَ الله يودعُ سرَّه في سعف المكنسة
فربَّما نعود عند أذانِ الفجر
لنقطفَ منها التمرَ
ونستظلَّ بها
هي ليستْ مكنسةً إذن
ربَّما تكونُ نخلةً تتقمَّص شكلَ سادنٍ
أوَ ليستْ عمامةُ النخلةِ خضراء...؟
وإلا فكيفَ اختفتْ تلكَ الثآليل



من جبيني ...؟
وأزحتُ غرَّتي إلى جهةٍ محايدةٍ
من أجلِ قُبلتكِ الأخيرة ....







غـُـفـــْـران

ثمة ما يظلُّ ملتصقا
حين أخلع الصورة عن الجدار
ماذا لو أنَّني أحكمتُ
إدخالَ أصابعي
في الهواءِ النائم تحت ورقِ الصورة ...؟
أكنتُ سأحتاج إلى شفرةٍ
لأحكَّ بقايا وجهِها
وبعضَ تفاصيلِ قميصِها
وشظايا من الكأسِ
التي كانت تحاول أن تشرب منها .....؟
وماذا
لو اشتهيتُ أن أشرب
قليلاً مما تركتْ في الكأس....؟
وأغوتْني بقايا القميص
لأشم ما تبقَّى من عطرِها على الجدار ...؟
وماذا لو ابتسمتْ
حين تقترب أصابعي
من شفتيها ....؟
هل كانتا تقبِّلان الجدار
ساعةَ فكَّرتُ بأن أخلعَ صورتها....؟
ولماذا
لم ألتقط الحكمةَ
من صمت الرسّام
وأضعُ صورتها في إطار ....؟
أكنت سأحتاج
إلى كلّ هذا العمر
أجرحُ كل يوم أصابعي
وأرمِّم بدمي
بقايا صورةٍ
لم أحسنْ خلعََها
،  وجدار ...........؟




عبود الجابري
شاعر من العراق
صدر له :
فهرس الأخطاء /2007 – دار أزمنة – عمّان /الأردن
يتوكأ على عماه /2009 – المؤسسة العربية للدراسات والنشر-عمّان /الأردن
البريد الإلكتروني :
كتبت نصوص هذه المجموعة بين عامي 2010- 2011.
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads