الرئيسية » » لا تُطْفِئْ الْعَتمة | شريف رزق

لا تُطْفِئْ الْعَتمة | شريف رزق

Written By غير معرف on الأحد، 14 أبريل 2013 | أبريل 14, 2013



لا تُطْفِئْ
الْعَتمة



صدرت الطَّبعة الأُولى في يناير 1996


، الغيابِ الذي يستعمرُ شتاتي

      بهديرِهِ ... 




















                        أَنْهضُ الخَرَاب – أو :
                                                           أن يتضوَّرَ الدِّيناصورُ الأخيرُ

 









 

عليَّ الآن أن أنهضَ
في ( عزلةِ أنقاضي )
أنا الدِّيناصورُ الأخيرُ
أشقّ الضَّبابَ
أشدّ الغِطاءَ
عن الموتِ الذي يسْكرُ
في وعورةِ الطَّريقِ
أَعْوي ...





العاصفةُ
هذه العاصفةُ
أيُّ عاصفةٍ      
في أعالي الصَّدرِ تصَعْدُني
وتقذفُ بي :
               غُبارا ؟ ...

ذلكَ الغُبارُ    
لا ريبَ فيه ...

الحرائقُ تبدأُ مِن صَدرِي ...

وَحْدَها الصَّرخةُ
عالقةٌ بي ...





إنََّها امْرأتي !                         
إنَّها امْرأتي التي دجّجَتُها بالعصافيرِ   
امْرأتي التي زنَْرتُها بالقناديلِ          
امْرأتي التي تتطايرُ تحت سمائي شظايا
وتفتحُ لي أرخبيلاً من الغيماتِ         
؛ ليهطُلَ الطَّلُّ والأعشابُ على دِمائي     
هِىَ امْرأتي التي تتقوَّضُني             
شيئًا                  
فشيئًا            
على           
البلاقعِ     
                                          قميصي ضائعُ وأبي بعيدٌ       
 هي امْرأتي                  
والشََّمسُ مبذولةٌ في خِدْرِها ...


مُعلَّقةُ في السَّماءِ
شهوتي ومُضَاءَة ...


عَليَّ الآنَ أن أذرو رَمادِي ...






طلقة ٌ                                                                            
لابُدَّ مِن طلقةٍ
هذهِ طلقتي
أنا الذي أتيتُ في ليلٍ بهيمٍ
لأدخُلَ في قلبِ العاصفةِ وحدي
أنا الذي الطَّلقاتُ دائماً في انتظاري
جُثَّةٌ
لابُدَّ من جُثَّةٍ
هذهِ جُثَّتي
لابُدَّ من جُثَّتي
 لأدخُلَ عاصمتي الأخيرة ...

صرختي الزَّرقاءُ قُبَّةٌ
ليس يسكُنُها سوِايَ ..

قلبُكِ الفائحُ بالشَّهوةِ

قلبُكِ العاهِلُ
قلبُكِ رَبِّي
أمْضي إليه
على ضوءِ أنفاسِكِ المسْتفيضةِ ، بينما
آثارُ خطوكِ ، الرِّياحُ التي فرَّتْ
وراءَ زوبعةِ المجرَّاتِ الجريحِةِ ، بدَّدتْها ...

 الخيولُ إلى الذُّرا ...
أَنفجرُ
- فجأةً –
مِنْ لمعةِ المُديةِ التي
                             في يدي ...

سُبحانَ اكتمالكِ ...


فوقَ رأسِكَ          
تتنزَّى السَّماءُ ، كمديةٍ
تقطرُ بالذِّكرى       
في يمينِكَ ... 
      
بِمناراتِهِ السَّوداءِ
ما الذي سوفَ يمنحني المساءُ
غيرَ سُرَّةٍ سوف تسكبُ الحميمَ
في دمائي
كعادتِهِ هذا المساء ؟ ...

ستحترقُ الكواكبُ التي سوفَ تعبُرُ مِن هُنَا ...                      


إلى متى
سوف ترتعُ في الخرائبِ
تفتشُ في صوامِعِ السَّماءِ
عن قواقع ريحٍ

كأنَّكَ سوف تكتشفُ الكنوزَ التي ظَلْتَ تَحْلُمُ
تحتَ انهْياراتِ المدائنِ                    
أيُّها العائدُ بعدَ ( بعدُ )
أيُّها الرَّعوىُّ
أيُّها الدِّيناصورُ الأخيرُ ؟ ...

المُدية ُ التي تُضيءُ في ظُلْمةِ البحرِ
تُضيءُ
         وَحْدَها 
المُديةُ ُ ...

ينطفيءُ الظَّلامُ   
على شفتيكَ      
        وَمَا مِن أَحَدٍ      
يزدردُ اشْتعالَكَ ...


المرأةُ التي
ــ  كُلَّ ليلةٍ ــ
تندلعُ في غدائرِ البرقِ
أين تذهبُ
كُلَّ ليلةٍ
المرأةُ ؟ ...

                        مَنْ سوفَ يأتي مِن هُنا بعدي سيحرقُهُ غُبارِي ... 

أُحسُّ بكائناتٍ حَوْلي تسْتجيشُ
ولا أراها
تترصَّدُ بي ...

خَفِّفِ الوطءَ           
دَعِ الأمواتَ في نوماتِهِمْ
لا يَرجفونْ ...   




لأَنَّني دائماً على خَطَلٍ
وَدائماً تقودُني خطواتي إلى نهاياتٍ وشيكةْ  ...

وَحْدَكَ أيُّها الجَبَلُ
مِثْلي
سَاهرٌ
 تحملُ آلافَ الجُثَثِ ...


بكثيرٍ مِنَ الضَّراوةِ ، سأقبضُ الملكوتَ بأسناني
وأصبغُ الجهاتِ باشتعالاتي البهيجَةِ
سوف آتي مع الهَدْم والبُخارِ والهتكِ و الغبارِ
لا أُبرِّيءُ نفسي ، إنَّ النَّفسَ
سَأثقبُ ذاتاً طافحةً بالسَّهَرِ والحُمَّى
أُعلِّقُها على دَغلٍ ينوحُ
سَأفتضُّ الخرائبَ كلَّ يومٍ كما للمَّرةِ الأُولى
وَسَأرجعُ – سالمًا – إلى خرائِبِ الرُّوحِ الموحِشَةِ         ، وإلى
تورُّم الأوهامِ في رأسِي ، وإلى
نهاياتِ الحرائقِ البعيدةِ
سَأُفتِّتُ الأسلافَ في رِئتيَّ
وأخترعُ يومًا للشَّرائِكِ
غيرَ بعيدٍ
سَأنامُ – على لوعتي –
هذا المساءَ
مُبكِّراً
...
..
.



وَقْفَتُهُ ، بِزوايا أُخرى

أيُّها الغُبارُ المستطيرُ ، أيقظتَني ، فاتَّبعتُكَ ، ضوَّأتُ المداخَلَ
بِاشْتعالاتِِكَ ، غيرَ أنَّني لم أتضوَّأْ سوى بريحٍ واحدةٍ ، واحدةٍ ،
ريحٍ هَبَّتْ على جَسَدي ، في عبورٍ شفيفٍ ، قبل أن أُولِمَ
المملكةَ للأعاصيرِ ، ريحٍ باردةٍ ، رفيفةٍ ، عبرتْ ، وتركتْني ،
في الفراغ ، أستجمعُ الرَّفيفَ ، لا حيلةَ لي إلاَّ الشَّهيقُ ، هُنَا ،
مُستيقظًا ، كالعويلِ ، نائحًا ، كالظِّلِّ ، أستعيدُ الرَّفيفَ ، باللهِ
، باللهِ ، يا الـ غُبارُ المسْتفيضُ ، يا المضيءُ ، ماذا علىَّ الآنَ ؟ ...


كانَ يملأُ عينيَّ الضَّبابُ ، وكنتُ دليلَهُ الأعمى ، إلى الممَّرات
المستكنِّةِ ، في العَرَاءِ ، كنتُ أمْضي ويندفعُ ، خَلْفي ، الضَّبابُ ، بينَ النَّخيلِ الذي يمضي بجنازيرِهِ الثَّقيلةِ ، والبراعمِ التي تختالُ ، ودروع المياهِ المتبخترةِ
، والجذورِ النَّائمةِ ، في كوابيسِها ، غيرَ أنَّ الممرَّاتِ التي ضلَّلتُهُ
عنها ، في المداخِلِ ، ظلَّت تهدرُ تهدرُ : يا شَريفُ ، فباللهِ
يا شظايايَ المحوِّمةُ ، يا شَريفُ  ، يا الغُبارُ ، مَاذَا عليَّ الآنَ ؟ ...





ظِلُّكَ هذا
ظِلُّكَ الموفورُ
ظِلُّكَ الذي يعدو على الطُّرقاتِ كمثِلِ أَعْمى
ظِلُّكَ الذي كجنازةٍ
ظِلُّكَ المنزوفُ منكَ
ظِلُّكَ هذا

ظِلُّكَ ...

وَشَّحتَني بالغامِضِ ، أيًّها الفارعُ في السُّباتِ ، فليكُنْ نصلُكَ السَّاطعُ نصلَ الهطولِ ، عَاليًا ، كغَلَبةِ الغُبارِ على الهياكِلِ ، مُرتشقًا ، في غفوةِ السَّاحِةِ كبرقٍ ،
كُنْ ، فتُخرِج أثقالهَا الأرضُ ، وتنبجس ، ناشرةً ، في العراءِ ، كنوزَها المهتاجَةَ ، أنا وأنتَ أيُّها الفارعُ في السُّباتِ : زفرتان ...


عُواؤه : مجزرةٌ تتعتَّقُ
       عُواؤه :
                   عواؤه ...





كأنَّكَ الجَرَّةُ ، تحتسي الأرضُ من يديكَ خمرتَها ، وتُفشي أسرارَها ، في غِيابِ السَّكرةِ ، مُنسكِبًا ، هاطلاً ، مُضيئًا ، كأنَّكَ الجرَّةُ ...


كخُواَرٍ مُقوَّسٍ على الطَّريقِ ، شَارِدًا
كَحصاةٍ ، يرشقُكَ الضَّبابُ بالفِخاخِ
فتنتفضَ ، بغتةً ، كعضلةٍ في فخذِ كلبٍ
مُصَابٍ ، يُرشدُكَ الفَراغُ إلى الفَراغِ

شَارِداً ، كحصاةٍ ...

أنتَ مُنهمكٌ في انْشقاقِ السَّمَاءِ ، وَارْتباكةُ النَّيازكِ كأنفاسِكَ ،
عارِمًا ، كُنْ على حالِكَ هذه ، وَاصْحبِ العَراءَ إلى النهِّايةِ ، كُنْ
كصديقهِ الأوفى ، كما أنتَ الآنَ ، وَامْضيا ، مُتلازمين ، إلى جحيمٍ
آخرٍ معًا ، معًا ، وأنتما تتجادلانِ هكذا ، بينما ضلوعُكَ مُنَهمكة ٌ
في إعدادِ أقداحِ الدِّماءِ ، للأصدقاءِ الهالِكين ...




قُلْ – مَثَلاً – لِتنكسر السَّمَاءُ على ذلكَ المجدِ ، وَاتْرُكِ الضَّواري على
حالها ، وَاتْرُكِ الزَّواحفَ تسعى إلى حتفها ، وَخُذْ نجمة ً تهوي إليكَ ،
على جبينكَ ، وَاتْرُكِ الرِّيحَ على حالها : تأخذُ البعيدَ إلى البعيدِ ،
وقُلْ لها: مِن أين ؟ ، وإلى أين ؟ ، ولماذا ؟ ، وقُلْ للعراءِ : إنَّما البحرُ بريءٌ
مِنَ الملوحةِ ؛ فالنَّهرُ يحملُها إليه ! ، أنا فضحتُ النَّهر ! ، ظِلِّكُ صارخٌ
أيضًا ، جُرَّ الجهاتِ خلفك ، واتركِ السَّمَاءَ على حالها ، وابقِ الجهاتِ
على حالها أيضًا ، بتراتيلها الدَّمويةِ ، وابقَ أنتَ أيضًا في شيخوختها
الملحميةِ ، مُنغرسًا ، كما أنتَ ، وَاسْحبْهَا وراءَكَ إلى صباحٍ آخرٍ ، وَرُحْ
، رُحْ ، وئيدًا ، وئيدًا ، لِئلاّ تتبعثر المدائنُ ، مِنْكَ في الهدمِ هذا ،
يا شَريفُ ...
 

           النِّصفُ الثَّاني من مايو 1995






الآنَ ، يا شَاحِبَ الظِّلِّ ، تكتشفُ أنَّكَ بلا قدمينِ تسعى ،
وأنَّكَ الأقصى ، بلا سَمَاءٍ ، وأنَّكَ مثلُ جبلٍ ينهارُ في شرودِهِ ،
تتذكَّرُ أهدابَكَ المشتعِلةَ بالرَّفيفِ ، وأنَّكَ مَهَبُّ العائلةِ الأخيرةِ
، وأنَّكَ السَّهو ، ما الذي قيل عن هديرِكَ ؟ ، ما الذي انْداحَ
في عِظامِكِ ، بغتةً ، سَهْوًا ؟ ، أنتَ يا ذاهبٌ في شرودِكَ
، يا واحدٌ في الهدمِ ، يا واغِلٌ هطولُكَ ، يا سُلالةَ الجحيمِ
، أنتَ يا مقصدةَ الرُّماةِ البعيدينَ ، في الأعالي ، ليس لكَ
أن تحتسي دماءَكَ الجوعانةَ وتتركَ خلاياكَ ظمأى ، تناولِ القصفَ
، لكَ مِنَ الهواءِ ما يكفي لتُضيءََ الجثَّةَ المفتونةَ ، مِنْكَ المراكبُ
الذَّاهباتُ في النَّارِ ، ومِنْكَ النَّائحاتُ على الشَّواطيءِ ، مِنكَ
السَّعيِرُ ، ومِنْكَ الغُبارُ ، يا هِضِيمٌ ، يا قاضمَ الوقتَ الأخيرِ
، تمهَّلْ ، وَدَعْ شُرفةً على الهواءِ تتمطَّى وتُودِّع الدَّسائسَ
المصفوفةَ ، قبلَ أن تهوي على انتفاضةِ الخلايا ، يا حارسَ الوقتِ
 الأخيرِ : رُفعتِ الأقلامُ وَاشْتعلتِ الصُّحفُ ، فَامْضِ ...


يوليو 1995

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads