مجرّةُ النّهايات
صدرت الطبعة الأولى في يناير 1999
خُذْهاَ ولا تَخَفْ
أنتَ أيُها المتمدَّدُ الذّاهِلُ، في بُحيرتِكَ الساَّكنةِ تْهـذي ،
فلا يصفُ هديرَكَ إلاَّ جنونُكَ المفَاجيءُ ، أنَتَ الَّــذي
تتكسَّرُ في أناةٍ ، سَادِرٌ في غِيَّكَ ، كأنَّكَ في عرشِـكَ
الملكيِّ حدَّادٌ ، تنهضُ مِثلَ دريئــةٍ ، رُحْ أيُّها الهَادِرُ
المتوَّجُ في خَرَابِ الدَّولةِ ، وَانْس الهزائمَ كُلَّها ولا تنسَ
رَأسَكَ ، أيُّها الذَّاهبُ ، خُذْها مَعــــكَ ، وَاحـفظِ
الأعشَاشَ المنثورةَ فيها ، حتَّى لا تطيرَ. أنتَ أيُّــها
الراحلُ الهائجُ ، في هجومِكَ الأعمى ، تسوقُ عـائَلةَ
الضَّبابِ ، تقولُ عن الشَّمسِ:هذهِ فجيعتي ، رأسُــكَ
نافورةٌ ، خُذِ الهياكلَ كُلَّها ، خُذْها وراءَكَ ، مَزِّقِ الهواءَ
بهديرِكَ النُحاسيِّ.بظُفْــرِكَ المعدنيِّ حُكَّ الصَّــهيِلَ
، أيُّها الرَّاكضُ ، في
ساحةِ موتِكَ ، وَحْدَكَ ، يا مُشْتَعِلَ
السَّاقينِ ، في حقلِ الضَّبابِ ، أرفعُ صوبَكَ يُمْناى ، خُذْها ولا تخَفْ
، أنتَ يا قاتلِي ، يا حبيبِي ، بِغِيِّك ، تعالَ أنا جنونُكَ ، جَنْبِي ،
لِنَسْرِقَ الرُّؤيا ، أطرافُكَ اشتعلتْ ، لنلحَقَ الجُثَّةَ يا حبيبِي ، ونجرف
الدّولةَ في عُهْرِهَا الوطني ، ونضحكَ في غبارِ الانهياراتِ ، نسحب الموتَ
ونركُضُ في الأعالي ، سأُريكَ أعْشاشَ السِّباعِ ، أعطيكَ مَرْمري ، وأحملُكَ على
حِصانِي الأزرقِ ، يا حبيبي ، وأضرِبُهُ علي فَخذِهِ هكذا ، هكذا ، وأنت تضحكُ ،
حتَّى يندفعَ الحِصَانُ ، رُحْ وئيدًا ، وئيدًا ، في الهدمِ هذا ، رُحْ يا حبيبِي
ولا ترحمْ ، أنا في ضلوعِكَ ، فاحْترِسْ بي ، وَاحْذَرْ لئلا تُوقعَنِي في
الصَّهيلِ ، أيُّهَا الجامحُ – أنا وعائلتكَ المختارَةَ – ارْتعْ ولا تأمَنْ ، يا
حبيبي ، ياشَرِيفْ
...
أنا الذِي ضاجعتُ أُنثي الشَّياطين
] ش [
رأسي : رأسُ نَخْلَةٍ ، تشتعِلُ في دمَائِي ، رأسي
: شُعْلَةٌ
مِنْ جحيمٍ ، رَأسي : يا مدينةً شَاغَرَةً تستقيءُ
السَّماءَ ،
رَأسِي : أيُّها الخَرَابُ الُمبَجَّلُ ، يا فارعٌ
في فضاءِ النِّهاياتِ
، إلى متى ستبقى هذه العاصفَةُ الأنيقةُ التي تتلظَّى
،
في ربوعكَ ؟ ، إلى متى هذه المغامرةُ المستجيشَةُ
، وَأنتَ
تعلو ، في غُبَارٍ ، كُلُّ قذيفة تَبتغيكَ ،
أيُّها الموصَدُ ، وأنتَ
تَهذِي ، كُلَّما ارْتكبتْكَ عاصفةٌ ترومُ ، وأنتَ
تستدعي ،
ألا تَهوي ؟ ، نظرتُكَ – مَرَّةً – تقذف عينيك في
عَرَاءٍ
، وتمضي ، على مَهَلٍ ، هُنَاكَ : تنزَّهت
العواصفُ التي
اخترقتْ فَرَاغَ عينيكَ ، في ربوعِكَ ، فبصقْتَهَا
في
جحيم ، يمضي ، فأسَّستَ الصَّواعقَ ، في الأعالي .
مَاذَا
سيفعلُ جِسْمُكَ الَّذِي يتلوَّى – بدونِكَ – في
الرِّمَالِ ؟ ،
وحتَّى متى ، سيبقى ارْتحالُكَ ، أيُّها الطَّاغِي
؟ ، رَأسِي :
أيُّها الخَرَابُ المحلِّقُ ، يا طالعٌ في فَضَاءِ
الجنَازاتِ ، رأسِي :
أيُّها الحائمُ ، في الدَّياجيرِ ، كأنَّكَ
أرجوحةُ الفَنَاءِ ، رَأسِي
] ر [
الآن يُمكنُكَ يا حبيبي أنْ تقرأ كُلَّ المراثي على هذهِ القيامة ،
فاَرْفَعْ عاليًا هذا الكتابَ ، وَصَوِّحْ ، على
رِسْلِكَ أيُّها السَّيِّدُ ،
وَاسْكُبْ أحْشَاءَكَ على جَمْهَرَاتِ الخرائبِ ،
حتَّى تُصبِحَ
أنْتَ مأواكَ أنْتَ ، واَسْحَب الْهواءَ
المتجرِّدَ النافقَ ،
خَلْفَ مقطورِتكَ المملؤة بالكَوابيس الَّتي تعوي
، إلى أنْ
تعودَ الأعاصيرُ إلي رُشْدِها ، ولا تنمْ أيُّها
الحوذيُّ ، في
هذِه الليلة المباركة ، ازْجَرْ حِصَانَكَ ، الذِي
يسْتدرِجُ
النّومَ فيستْدرِجهُ ، حتَّى يغيبَ ، وَقِفْ علي
هذِه البُقعةِ
، واستدعِ الغرائزَ، الليلةَ ، مِنْ أعشاشِها ،
وَارْقُبْ
...
] ي [
لماذا تُريدنِي أنْ أقْتفيكَ ؟ ، يا لخطوِتكَ
اللئيمةِ ! ، أنْتَ
تعرفُ أكثر مِنْ غيرِكَ ، لا شَكَّ ، هذا ، فلماذا
، إذاً ،
تتحيَّنُ الهزائمَ ؟ ، انْظُرْ أيُّها العنيدُ
المستديمُ ، إلى متى
تتجّوَلُ في ضلوعكَ الجنائزُ ؟ ، أيُّها الموغِلُ
في ماءِ
النِّهاياتِ ، حتَّى متى يتصحَّرُكَ الجحيمُ ؟
تمهَّلْ ، ولا
تتوغَّلْ فِي كوابيسِ المؤامراتِ ، ريثما يتجشَّأ
الموتُ
رُقعةَ الكوابيسِ ، فَنَسحَبُها للانقصافِ معاً ،
أنا وأنتَ
، هكذا ، وهيَ تمضي خَلْفَنَا ، موهومةً بلذَّةَ
الانتحار ،
وأنتَ
تَسْحَقُ بنعليكَ شهوةَ الجنادبِ ، إذاً ننتظرُ يا
شرِيفُ ،
سَتَأخُذُنِي – بحيواناتِي وَأدغَالِي وطميِي –
إلى غيمةٍ
، تفتحُ نهديها ، علي هديرِنا، سنصرخُ خلفَ
ذيولِ الدّيَناصوراتِ. انْتَظِرْ يا شَرِيفُ ،
تربص
مَعِي ، وتحسَّسْ مِطَواتَكَ التي كَصَبَاحٍ في
بنطلونٍ
، لا تندفِعْ ، وَتَمهَّلْ معي يا شَرِيفُ ...
] ف [
عَبّأَتُنِي في جُثَّةٍ ، وجِئْتُكَ مُستْجيرًا ،
مَاذَا أرى ؟ ، أهذا
كُلُّ شَيءٍ ؟ ، سَاهمٌ في فَضَاءٍ زَاخِرٍ
بالنِّهاياتِ – وأنْتَ
لا تدري – أو لعلَّكَ تدري – بالكلابِ الَّتي
ترتفعُ في رأسِكَ
الشَّاغرِ ، هَلْ أنتَ مِتَّ وَعَلَّقْتَ عينيكَ
على هذِهِ
النِّهاياتِِِ؟ ، أتُراكَ مَتَّ وأنْتَ لا تدرِي ؟
، سَاهِمٌ كأنَّكَ
تمثالُكَ الأقصى ، جئْتُكَ يا حبيبي ، أنتَ
الَّذِي ضَاجعتَ
أنثى الشَّياطين ، لن أُمهلَكَ الليلةِ ، ها هُنَا
، أكثر ، هَلْ
ستخدعُنِي ؟ على أيَّةِ حال لمْ يَعُدْ هُناكَ
مُحْتَمَلٌ ،
الكُلُّ ولَّى ، حتَّى العواصفُ الَّتي
احْتفلَتْكَ وَلَّتْ ،
وَالزَّلازلُ الَّتي كانت تتخاصُر في الهاويات
السَّحيقةِ ،
وترتجّ ، زاعقةً فتُبعثر شَعْرَ الشَّياطينِ ،
كَفَّتْ عن شظاياها
، الَّتِي كانتْ تتدافعُ في شرودِكَ ، عاقداً
ذراعيكً على صدرِكَ
، هكذا ، كما أنتَ ، سأقبضُ روحكَ الآنَ ، انْتهى
الوقتُ الأخيرْ ...