سقفٌ يدلف ووعاءٌ أحمر يستقبل جميع القطرات النازحات من السطح الذي لم تسنح لي الفرصة بيومٍ من الأيام أن أخطو عليه ولم أستطع إدراك تضاريسه. لقد غادرت ذلك الملحق قبل أن أدرك أن النشرة الجوية لم تعرض على التلفاز لترعب الأطفال وأن أصوات الرعد وقطرات الماء لم تكن شجاراً بين كائناتٍ عليا.
كان ذلك قبل أن أدرك حقيقة صمت الآلهة، قبل أن أغير حلة الله التي تجلى بها في أحلامي، وقبل أن أبدّل صورة شخصية الشرير ذي الزي الوردي الذي ارتعدت منه عندما طارد الأميرة ياقوت، بشخصيةٍ أكثر ضبابيةً وقسوةً.
لطالما تمنيت أن أرتدي الأجنحة، كان الطيران ممكناً بالنسبة إلي. كنت أنظر إلى السماء بشغف وأنتظر أن أكبر لأعلق أرجوحتي على القمر.
كان ذلك قبل أن يموت أبي، وقبل أن أدرك أنني أدوس على آلاف البشر.
إني ضئيلٌ ضعيف، بالكاد أدرك مؤخراتهم، حفظت الكثير من الآيات ورتلتها لعل السعادة تكسر شيخوختهم.
ورثت الطاعة بالقوة، واكتسبت التمرد بالفطرة. سأجدف بكل ما يرتلونه عليّ. علمت زملائي في حلقات الإنشاد التمرد والإلحاد، وأنا لا أزال أخشى أن ألمس زجاجات الكحول، رضعت زمزم من نهد عاهرة، فلا رضخت لعقيدة ولا تمردت بالمطلق.
كان ذلك قبل أن أتعلم أن الكتابة تبدأ من بعد الخط الأحمر، وقبل أن أدرك أهمية الهوامش.
كنت أركض وأظن أني سأكبر يوماً وأسبق القمر، كنت أقفز وأظن أني قد ألمس الغيوم، كنت أصرخ وأظن أن الله سيسمعني.
كان ذلك قبل أن أدرك أني لن أصل لشيء إن لم أتخلص من جسدي.
