الرئيسية » » نهارٌ- داخليٌّ | سمير درويش

نهارٌ- داخليٌّ | سمير درويش

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014 | ديسمبر 09, 2014

نهارٌ- داخليٌّ
=======
الرجلُ الآخرُ دخلَ الكادرَ ببطءٍ،
وتمشَّى غيرُ مكترِثٍ بشيءٍ،
بدَا سمينًا أكثرَ،
وقصيرًا أكثرَ،
لكنَّهُ كانَ مهتمًّا بالتفاصيلِ الصغيرةِ،
مثلِي تمامًا،
وبانتْ العفاريتُ وهي تتقافزُ في عينيْهِ
كلَّمَا اقتربَ منَ الكاميرَا.
***
الرجلُ الآخرُ كانَ صامتًا تمامًا،
ولمْ تبْدُ عنْهُ أيَّةُ انفعالاتٍ
تخبِرُ المشاهدينَ عنْ حالتِهِ،
لكنَّنِي أعرفُ أنَّهُ كانَ مهمومًا،
وغيرَ راضٍ عنِ الكونِ،
ولا ينتظرُ شيئًا فُجائيًّا يغيِّرُ مزاجَهُ،
أو يزرعُ خلقًا آخرينَ هاهُنَا.
***
لمْ يقُلْ شيئًا،
لكنَّ صوتَ أرجُلِ المقعدِ أزَّتْ علَى البلاطِ،
وأصواتِ الأوراقِ على زجاجِ المنضدةِ
لحظةَ ارتطامِهَا،
وثمَّةُ أصواتٌ خافتةُ منَ الشارِعِ
الذي وراءَ النوافذِ المغلقةِ،
وأصواتُ خيولِ البطنِ التي تركُضُ،
وأصواتٌ مكتومةٌ
لأفكارٍ لا تجدُ متنفسًا طبيعيًّا.
***
لمْ يمكثْ سوَى دقائقَ في الحيِّزِ المغلقِ هذَا،
وزَّعَ عنايتَهُ على المقاعدِ والمناضِدِ،
وزجاجاتِ المياهِ،
والأكوابِ الزجاجيَّةِ،
فقطْ جاءَ من أقصَى القاعَةِ باتجاهِ الكاميرَا،
ببطءٍ وقورٍ،
وحينَ واجهَهَا تمامًا وبانتْ ملامحُهُ،
استدارَ في رحلةِ الغيابِ
حتَّى انمَحَى.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads