الرئيسية » » أقمارٌ وشُموسٌ ووَطَن | محمد حربي

أقمارٌ وشُموسٌ ووَطَن | محمد حربي

Written By هشام الصباحي on الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014 | ديسمبر 16, 2014

أقمارٌ وشُموسٌ ووَطَن

سِتَّةُ آلافِ قَمَرٍ أو يَزيد ومِثْلها من الشموسِ طَلَعَت عليكَ
وأنْتَ تَذْرِفُ حياتَك قطرةً قطرَة ولم تحصُدْ ثمرةً واحدَةً في موسمِ الحَصاد
أينَ ذَهَبَت أقْمارُكَ والشموسِ ؟ وأينَ ما غَرَسْتَ من شَجَرٍ.
سِتَّةُ آلافِ قَمَرٍ طافَت لأجْلِكَ الكوْنَ أنارَتْ دُروباً، وغُرَفَاً سرِّيةً
فوقَ سُفوحِ الجِبالِ تصعَدُ فوقَ ورَقِ الحائط المُتهالِك في المقهَى،تسبحُ في صورٍ جانبيةٍ لِشَمسٍ تُسلِّم الرايةَ لضوءٍ يشبهُ الرغيف.
لكنكَ للآنَ لا تحتفظ بقمرٍ واحدٍ في خزانةِ الظُّلْمَة لأيامِكَ المُقْبِلَة
***
سِتُّ آلافِ شمسٍ طافَتْ لأجْلِكَ،سحبَتْ الأرضَ حولَها
في حقولِ الربِّ حتَّى لا تصابَ بضَجَرٍ من طولِ المُكوث
لكنَّكَ للآن لم تحفَظْ شمساً واحدةً يمكنُها أن تُنْزِلَ السكينةَ على قلْبِك عندما لا تستطيعُ الصورُ أن تصعدَ للسطحِ
وأنتَ تحاولُ قطفَ ذيلِ القمر ، يَفِرُّ منكَ كلّ مرّةٍ بسببِ الدخانِ الكثيفِ في المقهى الطلاءِ الشاحبِ كَضَفيرةِ عجُوزٍ تنامُ وحدها في بروازِ مخاوِفِها، بسببِ سطوعِ الشمسِ المبكِّرِ على الحديقةِ الموازيةِ للجبلِ، فتَعَرَّى كلّ شيء 
مرَّةً واحدةً بلا تمهيدٍ لقوانيِن النَّشْوَة 
***
ماذا فعَلْتَ بهذهِ الشموسِ الضائعةِ والأقمار المُنْطَفِئة في جسَدِك وأين ذهبَ الضوءُ الذي كنتَ تعْتَمِرُهُ بصورةٍ جانبيةٍ لِثائرٍ وأنتَ تدخلُ المقهَى مُلوِّحاً بِيَدِك البيضاءَ للغارقين في قراءةِ تعاويذَ تسْبَحُ فوقَ المقاعدِ، ومُراهقون يَجلِدون ذاكِرةً عاريةً أمامَك بلا رَحمةٍ لِتجاعيدِ ثديَيْها، ويَسْلخون جلْدَها بصوتٍ عالٍ في مكالمَةٍ هاتفيةٍ مع سحابةٍ ترفُضُ أن تُسْقِطَ المطرَ لإنهاءِ القصيدةِ الماجنةِ.
*** .
ماذا خَبَّأْتَ في خزانتَك وكلّ هذه الشُّموس مُلْقاةٌ تحتَ سفْحِ هرَمٍ بَناهُ عَبيدٌ لِيَنْعَمَ مَلَكُ الموتِ القديمِ بالنومِ سُويْعاتٍ في رحلةٍ مجانيةٍ بالنهرِ وهو يسافرُ إلى رَبٍّ كان يحْتَسي مَعَه القهوةَ المُرَّةَ في معْبَدٍ يسرقُ القطفةَ الأولى من عسلِ الشمسِ في منتصفِ الصيفِ، يُلَوِّنُ به ساقَيْ مَلِكَةٍ لم تَعُدْ تَجِدُ من يُطفىء نارها سِوى رمْلٍ كالِحٍ عجوز
****
ماذا سَتَقولُ للرَّبِّ إن سألَكَ عن تلكَ الشموس التي صَدَأَ وضوءُها في وجهِكَ، والأقمار التي لم تَعُدْ تَنْبُتُ تحتَ إبِطَيْك وفوقَ صدرِك ولا من أصابِع القدَميْن، وأنتَ تعْبُر الملَكوت فوقَ جسورٍ تُرَتِّلُ خطْوَك تعويذةً سحريةَ لإبْعادِ العَصى ثم تَبني هرَماً من الورقِ المُقَوَّى، وتصنعُ مَركباً تُسَلِّي به صِغارك لِتَقيهِم شَرَّ ذلك اليوم من صَدَأ الشمسِ أو شُحوبِ القمر
***
ماذا ستقول لِقَمَرٍ ضَلَّ الطريقَ بينَ نَهْدَين إلى وَطَنٍ يرْتَعِشُ بالإيمان بِك ولا يُعْلِن سِرَّهُ خَوفاً من طِلاءِ المقاهي ودخانِ المآذِنِ اللَّيْلِيَّة ؟
وماذا ستَتْرُك لِشَمسٍ توَقَّفَتْ عن الغناءِ بعدَ أن صَدَأ وضوؤها والفجرُ يَلوحُ، وأنت هناك في غيْبوبَة الحُلم تُعالِجُ قفْلاً فِضِّياً على صُندوقِ رَسائلك إلى الله؟ 
ماذا ستقول لأقمارٍ وشموسٍ تظاهَرَت في الأُفُق تَطْلُبُ عُطْلَةً لِسُوَيْعاتٍ لتَحْرُس مِعْراجَك بينَ نهْديْن ووَطَنٍ يسْكُنُ بينَ ساقَيْ مَلِكَةٍ تُفَتِّشُ في كُتُبِ التاريخِ عنْكَ، ولا تعْرِف أنَّك َفي الغُرفة الجانبيةِ تنْتَقي قمراً مناسباً كَرَبْطَةِ عُنُق، 
وتلَمِّعُ شمساً كزينَةٍ في العُرْوَةِ وتأخذُ حِفْنةً من الأقمارِ كَعِلْكَةٍ بينَ النجومِ
ماذا ستَقولُ لِمَلِكَةٍ انْتَظَرَتْ ستَّةَ آلافِ شمسٍ وستَّة آلافٍ قَمَرٍ وهي تَسْأَلُ الركَّابَ الهابِطين من كَواكب الخيْباتِ عن رحلةٍ قادمةٍ وتُفَتِّشُ قوائمَ السُّحُبِ بَحْثاً عن رسم يشبه عينيك.
ماذا ستقول لِكُلِّ الذين غادَرَهُم القمَرُ الضالُّ هَرباً من فاتِنَةٍ تَتَعَرَّى في ضوءٍ فِضيٍ وتُلَمِّعُ شَعرها بذَهَبٍ يطلعُ من فُرْنٍ سماويٍّ يطرَحُ أرْغفةً مُضيئةً مناسبةً لِعِناق
*** 
فَرَكْتُ عَيْني وقَرَأْتُ رِسالَةً وَجَدْتُها أمامِي أوْقَعَها قَمَرٌ تائِهٌ في سُرَّةِ سَحابَةٍ، لم أجِدْ وُروداً مناسبةً لِصباحكِ أيَّتُها الشمسُ فرَسَمْتُ قَلَماً مُلوَّناً وتَرَكْتُه يُلَوِّنُ لَكَ حديقةً خلفيةً بِها نهرٌ صغيرٌ احْتاجَ ماءُه إلى سبعةِ عشرَ عاماً لِيَصْعَدَ إلى السماءِ يكْنسُها من أقمار منطفِئةٍ وشموسٍ صدأت ويسقطُ مَطراً رذاذاً يشبهُ صوتَ الله، وانْتَشيْتَ من غَفْوةِ الحُلم على وقْعِ مُوسيقى خافِتَة تُعْلِنُ : لَك رسالَةٌ منَ الله. فأَعْلَنْت الوُلوج ودَخَلت وطَناً 
وانتميت .
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads