الرئيسية » » أنتظر هطول العصافير | منى العاصي

أنتظر هطول العصافير | منى العاصي

Written By كتاب الشعر on السبت، 20 ديسمبر 2014 | ديسمبر 20, 2014

1
لم أعرف لمَ يهرول سكان لوزان
دائماً
باتجاه واحد.
مغادرون
قلوبهم تعوي خلفهم
وتتسوّل الورد البلاستيكي
الأحمر
من غجر رومانيا

2
الطفلة التي لا تعرف النوم
إلاّ في أحضان القصة
المسيّجة
بالشوك
تركض في قصري
كخوف اليتيم من عضّة العيد
فهل يحتمل هذا العالم
ثقل حمامة فرّت
من عين صيّاد
وحطت على كتفه
كهدنة؟

3
بعد قليل
سنتبادل أنا وهذا العالم الأدوار
أنا سأقتلكم واحداً
واحداً
وهو سيكتب نصّاً رديئاً
عن الثمل

4
[أرمسترونغ]
وأنتً ترقص
مع كل هذه الأغصان المنزوعة
من غابات أفريقيا
ستتعثّر بأغنية جاز
فرّت من نيو أورلينز
وحطّت على كتفي كلثغة النهر
بأول حصاة

5
يا لها من رحلة
أن تقضي الأبدية كلها
بقلب يهرول
أمامك

6
هكذا من بين أشجار اليأس
لمع اسمك
كفأس وحيد
منادياً
كالأمهات قلبي
بكل الأسماء

7
إلهي
اجمعني
فأنا منذ غيابه
أتقطّرُ
كدم الحبق المنسيّ
على شرفة أمي
في مخيم اليرموك
وتسيل حجارتي
من خيط المسبحة
فيطير قلبي

8
[طفلة اسمها نايا]
الضحكة التي تصطادها نايا
من بين أسناني
أعرف أنها تمرّ بجواز سفر مزوّر
كلاجئ يهرب من الموت
إلى الموت
أقود إلى طفلتي نايا
قطعان الحيلة والغبار المتآمر
على عينيّ
حين تسألني كيف ينمو الزعفران
في حديقتهما العاقر
كيف أقنعها أنني
مجرد أمّ غبية
وكاذبة؟

9
القلب الأزرق
الذي تعلِّقُه بين حجلين
يتدلّى كطعنة هادئة
لكل أيامي
المكشوفة الظهر
كمَأْدُبَة

10
العزلة معتادة على الوقوف
كتمثال رخامي
لا يعرف
كيف يطرد من ذاكرته
كل هذه النار

11
كيف أشم رائحة الغرق
بقلب مزكوم
أنا الطفلة التي أوصت الأشجار
بما تساقط من ظلال
وريش
لأعبر إليك
بلا شريك
ولا سماء
فالمواسم لم تعد تؤلمني

12
في فمي
كلمة لا تعرف سوى
الغرق
وسماء تدلق الندم
أصابع كاملة
على ظلي الذي محوت
نصفه
ليبدو المشهد أكثر
ضوءاً

13
يوماً ما
سيمضي الغياب بدوني
سيقولون
غياب فاتته امرأة

14
مذ رأيت قلبك الخشبي
وأنا أنتظر هطول
العصافير

15
كان أطفال الروضة الصغار
يتبادلون الحسرات
التي تسقط
من قلوبهم
ككرات صغيرة
وملونة
ترتطم بأشجار فقدهم
فتلتقطها أصابع الماء المنسلّ
من نظراتهم
حتى غصّت حديقتهم بأمهات
من رخام

16
كنت أرسم لألعاب نايا
أحذية كثيرة
ملوّنة
لا نعرف من أين هبط
أطفال كثيرون
ارتدوها
وحلّقوا

17
المدن المقسومة على اثنين
لا تكفي واحداً
فكيف
تفقد البيوت طوابقها العليا
وتفقد الأشجار أغصانها
والنصوص تفقد أصحابها
والمارّة يفقدون رؤوسهم
من الرقبة إلى أعلى
كل شيء يختفي
كل ما تستطيع أن تراه في المدينة
هو مجموعة من الأجسام الناقصة
تحيّي بعضها البعض
وتسأل: هل الكل بخير في البيت؟

* شاعرة فلسطينية مقيمة في سويسرا


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

Google ads